علاء خوري – ليبانون فايلز
نقلا عن موقع ليبانون فايلز
مع اعلان القوى الخارجية رفضها أي تأجيل للانتخابات النيابية وتحذيرها الطبقة السياسية من التداعيات السلبية لأي خطوة قد تطيح بهذا الاستحقاق، بدأ كل طرف بتزييت محركاته وعقد سلسلة لقاءات للوصول من خلالها الى نسج تحالفات توصل أصحابها الى الندوة البرلمانية.
على الضفة المعارضة، ينشط “تفريخ” الجبهات التي تضع نصب أعينها تغيير الطبقة السياسية بكل الوسائل المتاحة، وان لزم الامر تدخلاً دولياً تحت البند السابع، لأسباب تتعلق بحسب “صقور” تلك الجبهات بسيادة لبنان التي قضى عليها السلاح غير الشرعي.
من مقر حزب الوطنيين الاحرار خرج مفوض الحكومة السابق لدى المحكمة العسكرية القاضي “بيتر جرمانوس” بصفته السياسية هذه المرة، لا القضائية، معلناً ورقة الجبهة السيادية الموحّدة تحت شعار “انقاذ الوطن”، والتي تضم القوى والاحزاب السياسية التي انخرطت في العمل السياسي اللبناني وأبرزها حزب القوات اللبنانية.
وثيقة الجبهة لم تحمل أي جديد، بل وجد فيها البعض أفكار مستنسخة عن تلك التي كانت تنادي بها “قرنة شهوان” مع تبديل في الاسماء، الا أن الخصم بالنسبة للقيمين على هذه الورقة هو نفسه، ويمتد من الضاحية الى طهران مروراً بدمشق وعواصم أُخرى لمحور “الممانعة”.
طغى نَفَسُ النائب السابق فارس سعيد على هذه الوثيقة، حتى “لكنته” بانت على لسان “نسيبه” ابن العاقورة القاضي جرمانوس المتمرد على خطه السياسي السابق يوم كان قريباً من رئيس الجمهورية.
خصوم الامس كانوا على الطاولة التي خرج منها اقتراح “تدويل الأزمة الداخلية”، فالقوات قررت طي صفحة الانتخابات البلدية التي وضعت كل ثقلها قبل سنوات في دير القمر لإسقاط الاحرار. ولقاء سيدة الجبل الذي قرأ في الورقة تطابقاً مع توجهاته لم يتأخر عن تلبية النداء الى جانب القوات، رغم كل الخصومة بين النائب السابق فارس سعيد ورئيس القوات سمير جعجع والحرب التي شنت عليه في الانتخابات الماضية وأنتجت فوزاً لحزب القوات على حساب سعيد عن المقعد الماروني في جبيل. ورغم تاريخ الصراع بين المكونات قرر هؤلاء وضع خلافاتهم جانباً والتطلع أكثر الى المشروع الذي يهدد الكيان اللبناني، ويأتي من مصدرين:
المصدر الأول، يتعلق بمشروع حزب الله التوسعي في المناطق اللبنانية وسيطرته شبه الكاملة على مؤسسات الدولة، وانقلابه بحسب المجتمعين على كل ما يسمى نظام برلماني ديمقراطي، وخروجه برأي هؤلاء من عباءة “التمسكن” بعد تمكنه من لَي كل الاذرع الحزبية الموجودة على الساحتين السنية والمارونية، الامر الذي يستدعي المواجهة المباشرة معه والاستعانة بالمجتمع الدولي لوقف توسع هذا المشروع الشرق أوسطي الذي يتهدد الكيان اللبناني ويتمدد نحو الكيانات الأُخرى.
أما المصدر الثاني برأي الجبهة، فهو المجموعات المنبثقة عن 17 تشرين، فبعضها يشكل خطراً عليها ويستدعي الامر ضرورة التنبه لمثل هذه القوى التي يمكن أن تؤثر على الحراك، وتدخلاً من قبل الاحزاب التي تملك قوة تنظيمية على الارض لمنع تواجد بعض الدخلاء على الثورة، أو بعض القوى اليسارية.
تؤكد مصادر الجبهة، تفعيل حراكها في المرحلة المقبلة على أن تسعى الى ضم العديد من القوى السياسية، على الرغم من اعترافها بفشل ضم حزب الكتائب اللبنانية لأسباب كثيرة، بعضها يتعلق بعلاقة الكتائب مع احزاب داخل الجبهة وتحديداً حزب القوات اللبنانية الذي كان شريكاً اساسياً برأي الكتائب في كل الطبخات التي أوصلتنا الى هنا، وفي مقدمها دعم الرئيس ميشال عون للوصول الى سدة الرئاسة، واتفاق معراب الذي كشف فيما بعد أنه اتفاق حصص بين التيار والقوات لتقاسم كل التمثيل المسيحي داخل ادارات الدولة، مشيرة الى أن رئيس الكتائب سامي الجميل مقتنع بهذه القراءة ويرغب الدخول مع قوى جديدة تمثل 17 تشرين في اطار رسمه تجمع “نحو الوطن”.
في المقابل، ترى أوساط مسيحية أن الجبهة اليوم هي امتداد لأفكار سابقة جربها اللبنانيون ولم تنتج أي مشروع مؤسساتي شامل، بل اكتفت بدعم نائب يعد ناخبيه بالزفت الانتخابي أو يساعد عائلة محتاجة لا أكثر، في حين كان المطلوب وضع خطة شاملة تحافظ على المسيحيين في الدولة، وتمنع تهجيرهم وتنسج تحالفات على اساس المحافظة على الدولة التي وضع ركيزتها المؤسساتية رجل كفؤاد شهاب، لا تقاسم المصالح والنفوذ وترك الساحة مستباحة لمشاريع خارجية، وعندما يصل “الموسى الى الذقن” توقظ تلك الاحزاب الشعارات الرنانة التي لم تعد مقنعة لدى شريحة كبيرة من المسيحيين واللبنانيين.