- Advertisement -

- Advertisement -

بين الدواء والرغيف والبنزين… تلويح ثم تصعيد واضراب فطابور: وأصبح للذل عنوان “الطوابير في لبنان”!

هدى عقيقي – VDL NEWS

هي مشاهد لم نتوقع يوما ان نشهدها بعد الحرب الأهلية الا في الأفلام، للاستذكار ربما او لاعطاء العبر… هي مراحل من الذل لم يخطر ببالنا أبدا أنها ستمر علينا… هي الطوابير التي عرّت ما تبقى من كراماتنا كشعب من مختلف الأعمار.

“طوابير الذل”، هذا كان لقبها وكانت تتنقل من قطاع الى آخر حتى بتنا نذل للحصول على كل الأمور الأساسية للعيش.
وفي بدايات 2021، بدأت الطوابير تتفاقم أمام مراكز اجراء فحوص الـPCR ، وذلك تزامنا مع مرور الأعياد والارتفاع غير المسبوق بأعداد اصابات كورونا.

Ralph Zgheib – Insurance Ad

هذا المشهد ترافق مع صور مبكية لأشخاص يحتاجون العلاج والأوكسيجين بعد تفاقم حالاتهم جراء الاصابة بالفيروس التاجي الا أن المستشفيات لم تتمكن من استيعابهم.

هذه المشاهد في الحقيقة لم يتسبب بها وضعنا العام في البلد فقط، بل ساهم في جزء كبير منها اهمالنا وقلة مسؤوليتنا تجاه المشهد المرعب الذي كان ينتظرنا والذي كنا قد شاهدناه في الاعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وقد حصل في ايطاليا ودول الغرب الا اننا لم نتجنبه.

وبعد أشهر قليلة على انطلاق العام 2021، ومع الارتفاع الكبير الذي كان ولا يزال يشهده سعر صرف الدولار في السوق السوداء، والذي أدى بدوره الى ارتفاع أسعار السلع الأساسية في السوبرماركات والمتاجر، بدأ الذل يرسم طريقه ويشقه نحو طوابير الناس الذين تهافتوا وتقاتلوا وتضاربوا لشراء أكبر كمية ممكنة من المواد الأساسية المدعومة كالزيت والأرز والسكر والحنطة وغيرها… مشاهد الطوابير والتضارب والاقتتال كانت أكثر من مستفزة، مشاهد حولتنا من شعب يعيش أزمة الى شعب يتسابق على لقمة عيش مبلولة بذل سببه من انتخبناهم.

الذل أبى ان يتوقف عن ملاحقتنا، وأصبح شبحه يخيم على الرغيف مع كل انتكاسة تحصل، وبدأ التقنين بتوزيع الخبز وتوقف الأفران عن انتاجه من خلال الاضراب وذلك نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأولية للتصنيع من طحين الى سكر فمازوت وغيرها… هذه الاضرابات المتكررة تسببت بطوابير ذل أمام الأفران للحصول على ربطة خبز يرتفع سعرها وينخفض وزنها في كل فرصة ممكنة.

أما الكارثة الأكبر فكانت طوابير الذل أمام الصيدليات، وذلك بعد انقطاع غالبية أنواع الدواء والبلبلة التي نتجت عن الأمر، ما أدى الى انتظار المواطنين لساعات وساعات أمام الصيدليات للبحث عن دواء مقطوع وبديله مقطوع وبديل البديل غير متوفر… حتى وصلنا الى مرحلة توفرت فيها كميات من الدواء الا ان ثمنها لم يعد متوفرا مع الناس بعد القفزة المهولة في أسعار الدواء.

نصل بعدها الى المشهد الأعظم، الذي شرّع لنا الأبواب نحو العالمية، بعد ان انشغل العالم بأسره بنشر صور طوابير البنزين أمام المحطات في لبنان، مشاهد أدت مرات عدة الى حوادث توفي فيها أشخاص وأصيب غيرهم… مشاهد ذلت اللبنانيين من كبيرهم الى صغيرهم، طوابير لم تفرق بين الأعمار والحاجات والضرورة… طوابير توجت طوابير الذل وعرف البعض كيف يستغلها للاحتيال والابتزاز بغية جني الأموال.

كذلك وفي وقت لاحق بدأت طوابير الغاز بالظهور، وذلك بعد التلويح بالتوقف عن توزيعه ما دفع بالناس الى حمل قوارير الغاز والبحث عمن يملؤها لهم.

طوابير عدة أخرى تميزنا بها، من بينها نذكر الطوابير للاستحصال على جوازات السفر، الطوابير أمام مراكز الضمان ومراكز المعاينة الميكانيكية وأمام السفارات لتقديم طلبات الهجرة للهرب من جهنمنا….

أصبح من غير المؤكد اذا كنا شعب يحب الطوابير أكثر أم يهوى الذل، أم اننا ببساطة مجموعة أشخاص راضية بيأسها وذلها وجوعها وفقرها وعوزها ولا مشكلة لديها بالطابور طالما أن الزعيم بشعبيته مغمور…

كان عاما مليئا بالتلويح يليه الاضراب يليه الطابور ليتوج برفع الأسعار، تسلسل انسحب على كل شيء في لبنان… ولا يبقى الا أن نتساءل: الى متى سيبقى اذلالنا فنّا يتميز به الحكام؟ وحتى متى سنبقى راضخون لهذه المذلة؟!

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد