الديار- جويل بو يونس
فيما كان البعض يترقب القرار الذي يمكن ان يتخذه الرئيس المكلف سعد الحريري بعد اجتماعه بالمفتي عبد اللطيف دريان ومشاركته باجتماع المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى في دار الفتوى السبت، متوقعا اعتذارا عن التأليف، وفيما راهن البعض الآخر على ان الحريري ارجأ الاعتذار بعدما استمهله رئيس مجلس النواب نبيه بري بضعة ايام حتى الخميس، الا انه سيعتذر قريبا.
تحولت كل الانظار الحكومية اليوم الى سعد الحريري الذي احيطت به سلسلة اسئلة لا يملك جوابها الا الحريري نفسه: فهل يعتذر افساحا للمجال امام شخص آخر ؟ هل يؤلف بالاتفاق مع رئيس الجمهورية ؟ او يرمي تشكيلة “كيف ما كان” على طاولة بعبدا على قاعدة “انا عملت اللي عليي”؟ او يبقي التكليف بجيبه الى اجل غير مسمى؟
مصادر بارزة مطلعة على جو المفاوضات الحكومية اشارت الى ان اجتماع دار الفتوى اغلق الباب السني على اي مرشح بديل عن سعد الحريري وكان الاجتماع بمثابة تكليف سني شرعي جديد للحريري وحده كرئيس مكلف.
الى جانب التكليف السني الجديد، انضم الشيعي عبر الضغط الذي مارسه ولا يزال بري، الذي سأل في حديث صحافي بالامس مَن بديل الحريري؟ ليضيف “شو هالمزح مش هيك بتمشي الأمور”، ومعلنا في حديث لـ”الميادين” ان مباردته في نسختها الثالثة للحل والخروج من المأزق السياسي والحكومي الحالي، تحظى بموافقة عربية واقليمية ودولية وغربية،بما فيها فرنسية، الا انه ابدى قلقه من أن تمسك البعض بشروط تعجيزية ستزيد في تعقيد الامور وليس انفراجها، مؤكداً أنه من موقعه كرئيس لمجلس النواب، حريص جداً على احترام الدستور وتطبيقه، ولن يسمح باستهدافه او تجاوزه او خرقه تحت أي مسميات.
كلام بري كان استبقه الحريري بساعات فقالها صراحة: «نبيه بري انا.. وانا نبيه بري، واية خطوة مقبلة سانسقها معه ومع رؤساء الحكومات السابقين ودار الفتوى»، وعليه بات الحريري اليوم اقوى من اي وقت مضى محصنا بغطاء سني – شيعي، ومجرّد من الغطاء المسيحي، فهل تنجح مبادرة رئيس البرلمان بنسختها الثالثة بانعاش ما تبقى منها، بعدما فتح باب السجال واسعا على خط باسيل – علي حسن خليل فتحدث الخرق المطلوب؟
تؤكد المعلومات ان اي اتصالات داخلية هامة لم تشهدها الساعات الماضية باستثناء بقاء التواصل مستمرا بين حزب الله ورئيس التيار الوطني الحر جبران بايسل، وبانتظار ما قد ينتج من مساع على خط عين التينة – بيت الوسط ، من خلال اللقاء المحتمل بالساعات المقبلة بين الحريري وبري(والمرجح اليوم)، فقد كشفت مصادر خاصة، بان تواصلا فرنسيا جرى مع باسيل الذي تلقى بالساعات الماضية اتصالا عابرا للحدود رجحت المعلومات ان يكون من المسؤول الفرنسي باتريك دوريل تم خلاله الاستفسار عن المقصود بالقول “ان الحكومة تتألف بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف”، ما قرأت فيه المصادر، ان فرنسا لا تدرك جيدا التعقيدات الداخلية، وان الحريري لا يزال يُسوّق لما يريده ولوجهة نظره في الخارج.
وفي هذا السياق، اشارت مصادر مطلعة على جو رئيس التيار، الى ان العقدة الحكومية لم تعد متمثلة بتوزيع الحقائب التي حلت مبدئيا، ولا بتسمية الوزيرن المسيحيين التي هي قابلة للحل، انما باصرار الحريري على اعطاء التيار الثقة لحكومته، علما ان التيار لم يسم الحريري اصلا، وهو يرفض الجلوس مع باسيل ، معتبرة ان الهدف من اصرار الحريري على ان يعطيه التيار الثقة هو تحميل التيار المسؤولية في حال فشلت الحكومة بتحقيق المطلوب، باعتبار انه «مغطى» الحكومة عبر الثقة التي يكون قد منحها للحريري.
ولفتت المصادر الى مسألة الـ”3 تمانات” مرفوضة تجنبا لتكريس مبدأ المثالثة، سائلة ما اذا كان الهجوم المركز من خليل على باسيل يساعد لاجواء التهدئة وللحيادية المطلوبة من الرئيس بري لكونه يلعب دور الوسيط الحكومي.
اما على خط بعبدا، فتؤكد اوساط مطلعة على جوها، انه لا يمكن بقاء حال المراوحة كما هي عليها اليوم، معتبرة ان المطلوب من الحريري ان يتخذ القرار ويقدم الاساس “لنخلص بقا”، وبالتالي فرئيس الجمهورية ينتظر ان يقدّم الحريري له تشكيلة.
وقالت الاوساط : الرئيس بري يقول ان مبادرته لا تزال قائمة، لكن لا نعرف سبل استمرارها، لتختم بالقول: “الاساس هو اعتماد الآليات الدستورية بعملية تأليف الحكومة التي يجب ان تتم بالاتفاق مع رئيس الجمهورية وبعبدا، لا تزال تنتظر لكن لا يمكنها الانتظار كثيرا”.
اما على خط «بيت الوسط»، فتفيد مصادر مقربة من الحريري بان لا جديد بعد وان الاعتذار لا يزال الاحتمال الاقرب الى المنطق في حال وصلت مبادرة بري الى حائط مسدود.
فهل تكون تخريجة الاعتذار بتشكيلة يقدمها الحريري الى بعبدا ، يسمي هو الاسماء التي يراها مناسبة ويرميها على طاولة بعبدا؟
على هذا السؤال ترد مصادر بارزة بالقول : الحريري يعدّ تشكيلة وفق التوزيع الذي اقترحه باسيل ، ليقدمها الى رئيس الجمهورية على ان يتشاور بشأنها في قصر بعبدا مع عون لا قبل زيارة القصر ، ويكون هدفها الاساس ازاحة حمل التعطيل عن كتفيه على قاعدة :»بادرتُ وقدمتُ تشكيلة من 24 وزيرا لا من 18 فرفضت ايضا”، علما ان اوساطا مطلعة على جو الثنائي الشيعي تسأل تعليقا على هكذا سيناريو: “اذا حصل شو منكون عملنا… ولا شي»، لتضيف: الاعتذار ان حصل سيُنسّق مع بري، والآن لا اتفاق على البديل ، وبالتالي فالاعتذار صعب!
وبالانتظار، اختصرت الاوساط المشهد المرتقب حكوميا بالقول: “فلننتظر ما في جعبة بري، لكن الاكيد ان الحريري لن يعتذر اقله راهنا ، وعليه تقول المصادر، لا حكومة ولا بديل عن الحريري الآن، لتختم بالقول: “نواف سلام مش وارد، وفيصل كرامي لم يطرحه احد جديا، فهل من يتجرا على طرحه بعد الموقف المتشدد الصادر عن اجتماع المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى؟”
الديار