نقلا عن موقع المركزية
يتواكب انطلاق العمل الحكومي، بجرعات دولية متتالية للحكومة، ويتجلى ذلك في الحركة الديبلوماسية اللافتة في اتجاه السرايا الحكومية، وتأكيد الدعم للحكومة وضرورة مُسارعتها الى تطبيق الخطوات الاصلاحية المنتظرة منها. وتندرج في هذا السياق زيارة السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا الى السرايا ولقاؤها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وكذلك مع ما أكدت عليه الامينة التنفيذية للجنة الامم المتحدة الاقتصادية والاجتماعيى لغرب آسيا «الاسكوا» رولا دوشتي في وزارة الخارجية، لناحية ان الوقت ليس في مصلحة لبنان ولا بد من اجراء اصلاحات عاجلة.
وبالتوازي مع ذلك، وصل منسق مؤتمر سيدر السفير بيار دوكان الى بيروت أمس، وباشَر في اجراء لقاءات ومحادثات تندرج في سياق استكمال ما تمّ بحثه في زيارة الرئيس ميقاتي الى باريس ولقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
وكشفت مصادر مواكبة للزيارة، بحسب “الجمهورية”، ان جوهر زيارة دوكان الى بيروت هو المواكبة المباشرة وعن كثب لجهوزية الحكومة لتطبيق تعهداتها، وكذلك البحث في برنامج إصلاحات الحكومة الذي تحضّره للذهاب الى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي على اساسه. وقالت المصادر ان في جعبة دوكان مطالب جديدة – قديمة تركز على المبادرة السريعة الى اصلاحات في القطاعات الحيوية التي يتصدرها قطاع الكهرباء، علما ان دوكان سبق له أن حدّد باب العلاجات للازمة في لبنان عبر الذهاب فوراً الى تطبيق البنود الاصلاحية الملحّة من خلال تعيين الهيئات الناظمة لقطاع الكهرباء والاتصالات والطيران المدني، الى جانب اصلاحات بنيوية في الادارة.
واذا كان ما يطالب به اللبنانيون الحكومة لناحية التسريع بخطوات الانقاذ، مشروعاً ومُبرراً بالنظر الى حجم الضغوطات الكابسة عليهم في كل مفاصل حياتهم، الّا أن الواقعية، على ما تؤكد مصادر سياسية مسؤولة لـ»الجمهورية»، توجِب التعاطي مع الحكومة كفرصة جدية لإعادة وضع البلد على سكّة النهوض والانتعاش.
والثابت في الاجواء الحكومية هو أن فرصة الانقاذ متاحة، والحكومة صادقة في توجّهاتها وعازمة على الإنجاز السريع، وهذا الامر يحتاج الى عناية شديدة خصوصاً انّ الحكومة لا تملك عصا سحرية، حيث يجب الا ننسى انّ الأزمة أعمق من ان تُقارَب هكذا بسحر ساحر، فحجم الخراب كبير على كامل المستويات، والمسار الحكومي يسير في الاتجاه الصحيح الذي سيُفضي بالتأكيد الى علاجات ملموسة في المدى المنظور.
وفي هذا السياق اكدت مصادر وزارية لـ»الجمهورية»: جهوزية الحكومة للانطلاق في ورشة العمل المنتظرة منها، وهي بالتأكيد تتطلّع الى كل دعم من الاصدقاء والاشقاء.
وقالت المصادر: انّ الاساس يبقى في أن ترفد بدعم داخلي يواكبها ويسهّل عليها مهمة وضع لبنان على سكة النهوض، خصوصاً انها تبلّغت جهوزية المجتمع الدولي لفتح باب المساعدات للبنان فيما لو اتخذت ما هو مُلح من خطوات اصلاحية، علماً ان خطة التعافي التي تحضّرها الحكومة لاعتمادها قاعدة تفاوض مع صندوق النقد الدولي ستلحَظ بشكل جوهري تلك الاصلاحات التي ستقود حتماً الى الانقاذ المنشود.
الا انّ المريب في نظر المصادر الوزارية، هو محاولات التشويش التي تعكف عليها بعض الغرف السياسية على عمل الحكومة، بسيناريوهات وروايات مختلقة لغاية وحيدة وهي محاولة قطع طريق الحكومة نحو الانفتاح على الاشقاء العرب وتصويرها وكأنها تحت حصار الاشقاء والاصدقاء، وهو أمر ستثبت الايّام كذبه، ولن ينال هؤلاء المشوّشون سوى الخيبة.
على انّ الشرط الاساس لنجاح الحكومة في مهمّتها، في رأي مرجع مسؤول، هو «الاستفادة من الجو الدولي الحاضِن للحكومة، وكذلك الرهان الداخلي عليها كفرصة إنقاذ، وهذا يتطلّب بالدرجة الأولى ان تترك الحكومة تعمل وفق أجندتها التي حددتها في بيانها الوزاري، ووفق مقتضيات مصلحة كلّ اللبنانيين، والمعايير الانقاذية والإصلاحية الصافية بعيداً عن المداخلات السياسية وما تَستبطِنه من شروط ومعايير شخصية وحسابات حزبية وسياسية كانت السبب في اشتعال الازمة وتعميقها».
وردا على سؤال عمّا يدفعه الى الدعوة لترك الحكومة تعمل، قال المرجع: هناك مع الاسف أصوات لا تريد للبلد أن ينهض من أزمته، فتراها تقصف على الحكومة بلا أي سبب، وتنعق بالخراب فقط، حيث تمارس النعي المسبَق لأي خطوة انقاذية او اصلاحية او غير ذلك، وقبل أن تُقدِم الحكومة عليها. على ان هذه الاصوات وعلى وقعها المزعج، فمهما ارتفعت وشَوّشت، لن يكون لها تأثير في العمل الحكومي. ولكن ما يخشى منه في موازاة هذه الاصوات، هو ان تكون بعض الجهات مصرّة على انتهاج مسارها السابق، ولم تتعلم من التجارب السابقة وما تسببت به من شلل وتعطيل للحكومة.
وردا على سؤال آخر، رفض المرجع تحديد من يقصده بكلامه، واكتفى بالقول: اتمنّى ان أكون مخطئاً، لكنني أشتمّ رائحة إصرار على محاصصات. فإن كان هذا الامر صحيحاً، فمعنى ذلك أنّه سيصيب في الحكومة مقتلاً».