أصبح من المتعارف عليه أن الحرب طويلة الأمد وتحولت إلى الإستنزاف ، وربما أكثر من ذلك بكثير، وذلك بفعل فشل الجهود الدبلوماسية التي تفاعلت في الأيام القليلة الماضية، وخصوصاً مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي جوزيب جان نويل بارو، حيث لم يتمكن أن يفعل شيئاً خلال هذه الزيارة، لاسيما أنه سبق والتقى برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأكد له بأنه يعد مشروعاً مع نظير الأميركي أنتوني بلينكن بتوافق كل من الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون، على ضرورة وقف إطلاق النار وتطوير القرار 1701 .
وعلم أنه في حيثيات هذا القرار انتشار كتيبة من الجيش اللبناني مدعومة لوجستياً ومادياً وعلى كل الصّعد من قبل واشنطن وباريس ودول أخرى، على أن تكون هناك منطقة عازلة، وهذا ما حاول تسويقه الوزير الفرنسي، إلا أنه لم يصل إلى أي نتيجة، والسؤال لماذا ؟
هنا تقول مصادر سياسية بداية أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لا زال مكلفاً من قبل حزب الله بمتابعة ملف التفاوض، ولهذا قال رئيس المجلس ما زلت على الاتفاق الذي سبق وعقدته مع السيد حسن نصر الله، ما يعني أنه لم يتغير شيء، بانتظار كلمة الميدان والاجتياح البري أو كل ما يحصل على الجبهات، لماذا أيضاً ؟ تقول المصادر أن العدو الإسرائيلي أخذ قراره بالإجتياح والحرب حتى القضاء على بنية حزب الله السياسية والقيادية، وكذلك على سلاحه وصواريخه وكل شيء، وقطع الممرات بشكل نهائي عن وصول السلاح، ولهذا تركز غاراته على دمشق والحدود اللبنانية السورية، ناهيك إلى قصفه ميناء الحديدة اليمنية ومناطق استراتيجية في العراق، تعتبر كلها أماكن إمداد لسلاح الحزب، ما يعني أن وزير خارجية فرنسا يدرك تماماً أنه لا يمكن الوصول إلى أي وقف إطلاق النار قبل أن تحقق العدو أهدافه، وإن كان دوره أقل وطأة من الموقف الأميركي، إلا أن باريس لا ترغب في الإبتعاد عن واشنطن، كما كانت الحال في محطات معينة حول العلاقة مع حزب الله، إذ كانت وثيقة جداً، بدليل كان كل السفراء الفرنسيين المتعاقبين يزورون الضاحية الجنوبية ويلتقون بحزب الله.
من هذا المنطلق، المعلومات تشير إلى أن الحرب طويلة، وليس ما يؤكد بأنها ستتوقف، أو أن الدولة الفرنسية ستصل إلى نتائج إيجابية، فيما يرى البعض أنه لا مناص إلا من خلال تسوية كبيرة جداً، باعتبار الأمور لا تتوقف عند قرار أممي هنا وهناك، في ظل ما جرى في لبنان من تدمير يفوقه التصور، والأيام المقبلة كفيلة بتحديد كل هذه المسارات على ضوء ما يجري اليوم.
أنطوان غطاس صعب