المركزية- كارثة بيئية وصحيّة بامتياز…
عندما تغيب القوانين والمراقبة والمحاسبة.. فكل شيء متوقّع! كل شيء من دون استثناء، متوقَع انبعاثه من الحريق الذي اندلع في مطمر النفايات في منطقة الجديدة أمس!
انبعاثات أدّت إلى تلوّث الهواء والمياه والتربة، بما يحتّم إصابة الإنسان في أغلى شيء يملكه وهو “صحّته”… فالأمراض والعوارض كثيرة وخطورتها تتفاوت بحسب مناعة الإنسان وموقع سكنه الجغرافي.
العميدة المشارِكة للدراسات العليا والأبحاث لكلية الآداب والعلوم في جامعة الروح القدس – الكسليك الدكتورة ناتالي إسطفان نمر تُسدي نصيحة مهمّة للمواطنين القاطنين في محيط موقع المطمر، بوضع الكمامات بصورة دائمة للتخفيف قدر الإمكان من خطورة التعرّض للانبعاثات السامة الموجودة في الهواء…. مبديةً تخوّفها من اندلاع حرائق متتالية، إذ تقول في حديث لـ”المركزية”: هناك توجّس من بقاء التلوّث سنوات طويلة في الأرض، ولأن هذه الحرائق تسبّبت بانبعاثات خطيرة أصبح مطمر الجديدة أكثر عرضةً لحرائق أخرى متتالية، لأن أي سبب ولو كان بسيطاً، سيؤدي إلى اشتعال الغاز المتصاعِد من المطمر.
من هنا، توجّه نداءً إلى المهتمين في معالجة المطمر “القيام بمراقبة متواصلة على مدى الأيام المقبلة تجنّباً لحدوث حريق آخر، وأخذ العيّنات من الهواء والمياه والتربة من محيطه لفحص مدى تراجع نسبة التلوّث فيها”.
وتفنّد نمر النفايات المُحتمَل تواجدها في المطمر والتي اشتعلت بفعل الحريق الكبير الذي اندلع في الأمس، وهي: النفايات الصلبة وأبرزها النفايات المنزلية والتجارية، النفايات الصناعية وهي خطيرة بالإجمال لاحتوائها على مواد كيميائية وبلاستيك وبطاريات…إلخ، نفايات البناء والهدم وهي أقل خطورة باستثناء مادة الحديد التي تحمل تأثيرات سلبية، وصولاً إلى النفايات الكيميائية وهي الأخطر على الإطلاق لأنها تتأتى من المبيدات والمواد الكيميائية المرميّة، ثم النفايات الإلكترونية المتأتية من الهواتف والحواسيب وغيرها من الآلات التي تحتوي على البطاريات والمعادن الشديدة الخطورة. ومن بين النفايات الخطيرة تبرز النفايات الطبيّة التي يُفترض بحسب القوانين والأنظمة العالمية أن يُخصَّص لها مواقع جغرافية محددة، لكن في لبنان كل شيء جائز ومتوقَع، لذلك هناك احتمال كبير أن تكون من بين النفايات التي احترقت في المطمر.
وعن خطورة هذا الحريق، تكشف نمر عن “خطر كبير على البيئة والصحة معاً، إذ عندما تتأثّر البيئة تتأثر صحة الإنسان تلقائياً”، لكنها لا تغفل الإشارة إلى “وجود انبعاثات خطيرة على البيئة من دون أن تؤثّر على الإنسان، في حين توجد انبعاثات أخرى تُصيب بخطرها صحّة الإنسان…”.
وتلفت إلى ثلاثة أصناف من انبعاثات النفايات:
– الصنف الأول: الانبعاثات الكيميائية السامة كـ”أول أوكسيد الكاربون”، والمواد العضوية المتطايرة VOCs (Volatile Organic Compounds).
– الصنف الثاني: الجُسَيمات الدقيقةParticulate Matter (PM).
هذه الانبعاثات المُدرَجة في الصنفَين الأوَلين، تُعتبَر خطيرة جداً على صحّة الإنسان كونها صغيرة للغاية وتدخل في الجهاز التنفّسي ثم تصبّ في الدم وتؤثّر على صحة الكبد والكِلى، بما يتسبّب بعوارض مختلفة ويؤدي إلى أمراض عديدة ومنها خطيرة. كما أن التعرّض لهذه الانبعاثات لفترة طويلة، يؤدي إلى أمراض سرطانية وهو أمر معروف.
– الصنف الثالث: الانبعاثات الدفينة كـ”ثاني أوكسيد الكاربون” والـ”ميتان” على سبيل المثال لا الحصر، تؤثّر على البيئة وتسبّب الانحباس الحراري من دون أن تطال صحّة الإنسان.
هذه الانبعاثات الثلاثة، وفق نمر، تؤدي مجتمعةً “إلى تلوّث الهواء والمياه أيضاً لكون المطمر يقع قبالة البحر، وكذلك تلوّث التربة وليس فقط تلك التي يتواجد عليها المطمر، إنما التربة بشكل عام لأن قسماً من الانبعاثات المتطايرة يعود إلى السقوط في مكان آخر نظراً إلى ثقل وزنه، ما يقضي على المزروعات التي تُصيبها تلك الانبعاثات. فيما الانبعاثات الصناعية والمعدنية الثقيلة فتُصيب البيئة من جهة والجهاز العصبي للإنسان من جهة أخرى، ناهيك عن مادة الكبريت التي من المتوقَع انبعاثها أيضاً في الهواء…إلخ”.
وتُضيف: أما المشكلة الأكبر في الموضوع فتكمن في أن أنواعاً من الانبعاثات والسموم الناتجة عن هذا الحريق والتي تلوّث البحر والتربة، تبقى سنوات عديدة قبل اندثارها كلياً.
وعما إذا كانت هذه الانبعاثات محصورة في محيط المطمر فقط، تقول: طالما هناك تيارات هوائية فمن المؤكد أن التلوّث لن يبقى في محيط معيّن، بل ستتوسّع رقعته لتشمل مساحات أكبر من لبنان بحسب مجرى الهواء وقوّته. وبقدر ما يبقى السكان يشتمّون روائح كريهة ما يدلّ إلى أن انبعاثات المواد الكيميائية المتطايرة لا تزال في الهواء.
من هنا، تنصح نمر المواطنين القاطنين في محيط موقع المطمر، وضع الكمامات بصورة دائمة للتخفيف قدر الإمكان من خطورة التعرّض لهذه الانبعاثات السامة الموجودة في الهواء.
ميريام بلعة – “المركزية”