كتب الصحافي أنطوان غطاس صعب :
برهنت فرنسا من جديد ، أنها رائدة العمل الديموقراطي بعد الإنتخابات التشريعية الأخيرة التي أفرزت ثلاثة كتل لم يحصل أي منها على الأكثرية النيابية، فجاءت المفاجأة بإنتقال الدفّة من أقصى اليمين ، إلى أقصى اليسار .
اللافت كان تحالف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دعا إلى إنتخابات مبكرة، مع اليسار برئاسة جان لوك مولانشون، لمنع اليمين المتطرّف من تحقيق المفاجأة . ومع أن هذا جائز في الحياة السياسية والبرلمانية ، إلا أنه يُعتبر في المقابل سيفاً ذو حدّين، لأنه سوف يخلق فوضىً دستورية بدأت تُترجم في تشكيل الحكومة المقبلة ، ولو أن رئيسها الحالي غابرييل أتال سيبقى في منصبه بطلب من ماكرون.

المفارقة اللافتة في هذا المضمار هو أن فرنسا ستصرف إهتمامها في المرحلة المقبلة على تثبيت جبهتها الداخلية ، ما سيؤثّر على متابعتها للملفات الخارجية.
وما يعنينا هنا لبنان، الذي إستحوذ منذ إنفجار مرفأ بيروت ، على إهتمام باريس التي ستنصرف إلى تثبيت ركائز دولتها على حساب المخطّات الخارجية. فهل سنرى جان إيف لودريان مجدّداً في لبنان يبحث عن تسوية للملف الرئاسي ؟ أم ستغرق فرنسا بمشكلاتها المشتعّبة بما قد يقتضي حينها العكس، أي موفد لبناني لتسهيل إستقرار الحكم فيها ، وعلى طريقة “لبننة” الحلّ الفرنسي.