- Advertisement -

- Advertisement -

الطائفية مفهوم وأسباب وحلول

بقلم : العميد الركن المتقاعد زخيا الخوري


الطائفية ليست الدين أو التديّن ، إنما هي عكس ذلك تماماً ، فهي إخضاع الدين لمصالح السياسة . فلا علاقة لتعدّد الطوائف بالطائفية ، حيث يعتبر أنه من الممكن أن يكون المجتمع متعدّد ، وفي نفس الوقت لا يؤدي الى هيمنة الطائفية على الدولة ، وممكن أن تعتبر الطائفية بمثابة استراتيجية ترتبط بالنخب الاجتماعية التي تتنافس في ميدان السياسة ، في سبيل السّيطرة وإكتساب المواقع والمراكز .
ولكن ، عندما نتحدّث عن مفهوم الطائفية وأسبابها ، ففي الواقع تتنوّع الأسباب وفقاً للدولة ـ فاما تكون أسباب تاريخية أو سياسية أو دينية ، أو اجتماعية ، أو ثقافية .
إن الانتماء الى الطائفة أمر طبيعي ، حيث يولد الفرد ، وإنما التعصّب للطائفة ، ورفض تقبّل الطوائف الأخرى ، هو الأمر الأكثر خطورة ، فيساهم في عدم تكريس قيم التّسامح والوحدة الوطنية . وهذا ما يمارسه رؤساء الأحزاب اللبنانية عبر حمايتهم حقوق طوائفهم ، وتمسّكهم بها ، لضمان بقائهم على رئاسة الحزب .
ففي وطننا لبنان ، الطائفية السياسية التي بدأت كنهج سياسي ، وكصفة للحكم في أوساط القرن التاسع عشر ، تكرّست رسمياً مع قيام الدولة اللبنانية على مستوى النظام السياسي ، من عهد الانتداب الفرنسي ، وصولاً الى دولة الاستقلال ، بعدما عمدت فرنسا خلال الانتداب على إستغلال الإقطاع السياسي الذي يعزّز الطائفية ، والتوزيع الطائفي للمجلس التمثيلي الأول العام 1922 ، والثاني في العام 1925 ، وإلى كافة القوانين الانتخابية الصّادرة إبان الانتداب ، وبعد الاستقلال ، إستمرّت الطائفية السياسية ووصلت الى ذروتها في العام 1975 حيث إندلعت الحرب الأهلية اللبنانية ، والتي إستمرّت حتى إتفاق الطائف .
وحتى هذا الإتفاق ، لم يتمكّن من إلغاء الطائفية السياسية بسبب عدم تطبيقه بشكل واضح وكامل . فبقي حتى اليوم توزيع المناصب والعليا والمراكز ، على أسس طائفية .
ففي لبنان ، على مستوى الطبقات الشعبية ، هي توّاقة وقابلة لتثقيف المواطن الى أي طائفة إنتمى ، وتطوير تفكيره ، ليصبح مهيّئاً نفسياً وتربوياً وإجتماعياً ودينياً ، للقبول بإلغاء الطائفية، خاصة اذا بدأنا العمل على إلغاء طائفية الدولة ، ومن ثم إنتقلنا الى إلغاء طائفية المجتمع لنصل الى إلغاء طائفية الفرد ، حتى نرتقي الى نظام سياسي مبني على الحسّ الوطني والكفاءة .
إن الأحزاب اللبنانية الطائفية المذهبية ، هي العائق الأساسي للولوج الى دولة المواطنة والكفاءة ، لأن وجود هكذا دولة تلغي مبرّرات وجود رؤساء الأحزاب الطائفيين ، وبالتالي الأحزاب برمّتها ، وهذا ما يريدونه ، لذا هم متمسّكون متشبّثون بالنظام الطائفي . فإلغاء الطائفية يجب أن يتمّ بتغليب الشعور الوطني على الشعور الطائفي ، ومصلحة الوطن على مصلحة الأحزاب المهيمنة على الوطن ، وهذا ما لا يريدونه .
فمن أهمّ الحلول ، على الطبقات الشعبية الإلتقاء فيما بينها على نبذ الاحزاب الطائفية المذهبية التي تتناغم كلّها في ما بينها ، في السرّ والعلن ، وذلك حبّاً بالبقاء وإدارة البلاد بنظام الإقطاع الطائفي ، والإلتفاف مع بعضهم البعض ، لخلق دولة عصريّة على قدر طموحاتهم ، تبنى على أساس نبذ الطائفية ، وبناء دولة مدنية مبنيّة على عدالة القضاء المستقلّ ، قاعدتها المواطنة وخالية من الفساد ، ومداميكها الكفاءة ، عندها تكون إرتاحت الطبقات الشعبية ونالت حقوقها من المساواة ، والعدالة ، والكفاءة والمواطنة . 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد