- Advertisement -

- Advertisement -

أحزاب الدولة أم دولة الأحزاب ؟

بقلم : العميد الركن المتقاعد زخيا الخوري

تتكوّن الأحزاب السياسية في العالم من مجموعة من الأفراد بغرض العمل معاً لتحقيق مصلحة عامة معيّنة من خلال هيكل تنظيمي يجمع قادتها وأعضاءها وجهازها الاداري لتوسيع دائرة أنصارها بين أفراد الشعب .
نشأت هذه الأحزاب بعدّة أشكال وأساليب . منها بدايةً تنبثق في البرلمانات كتل نيابية تظهر من خلالها نواة أحزاب ، أو من خلال الانتخابات النيابية التي تسفر عن تجمّعات لدعم مرشّح ما ، أو من خلال منظّمات وجمعيات فكرية وهيئات دينية ونقابات ، وخاصة نقابات العمّال التي سرعان ما تتحوّل الى حزب مطالب بحقوق العمّال ، وغالباً ما يكون عابراً للطوائف .
قد تنشأ الأحزاب عند وجود أزمات سياسية ، اقتصادية واجتماعية … وتشتمل على عدّة أنواع من النّظم ومنها : نظام تعدّد الأحزاب ، ومنها ما يكون طائفياً ومذهبياً واقطاعياً ، أو ما يكون قومياً ، ونظام الحزبين الكبيرين ونظام الحزب المهيمن أو الحزب الواحد.
أما الدولة هي مجموعة من الأفراد يمارسون نشاطهم على اقليم جغرافي محدّد ، ويخضعون لنظام سياسي معيّن ، يتولّى شؤون الدولة ، وتشرف هذه الدولة على الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بهدف ازدهارها ، وتحسين مستوى حياة الأفراد فيها .
إذاً ، بالمقارنة بين الأحزاب والدولة ، نرى أن الأحزاب في خدمة الدولة ، وليس العكس ، وإنّما نظام أحزاب الأشخاص الطائفية في لبنان ، الذي تكوّن وتجذّر منذ الاستقلال حتى اليوم، مروراً بالحرب الأهلية ، تعمّد عدم بناء دولة بكلّ مقوّماتها وتطوّرها ، لتلبية كافة متطلّبات وطموحات وتقدّم المواطنين اللبنانيين ، وهم المثقفون والأكفاء في كل المجالات ، كي تبقى تلك الأحزاب تسيطر وتدير هذه الدولة .
أحزاب أداروا الحرب الأهلية ، من سنة 1975 لغاية 1990 ، وأنهوها بمؤتمر سمّي بالطائف بعد أن شلّعوا الوطن من الداخل وعلى الحدود ، ليعودوا ويتّفقوا في ما بينهم لإعادة إعمار وتكوين الدولة ، ليتقاسموا إدارتها بالتراضي ، وعلى سرقتها وإفلاسها متفاهمين .
الأحزاب في البلدان المتطوّرة ذات البرامج التنافسيّة ، تغني الدولة الحاضنة . إنّما في لبنان فإن الأحزاب الطائفية التي في جوهرها الولاء للشخص ، هي سبب إفلاس الدولة ، وإفقار وتهجير المواطنين ، وتغذية التطرّف ، والكلام يطول بالسلبيّات ، وليس اخرها الولاء للخارج.
وأخيراً نريد أحزاب في خدمة الدولة أم دولة في خدمة الأحزاب ؟
دعونا ننبذ أحزاب الأشخاص الطائفية ، ونبني أحزاب وطنية ذات برامج إصلاحية نتنافس من خلالها ، وتكون هدفها بناء دولة عصريّة تشبه ابناءها

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد