- Advertisement -

- Advertisement -

لبنان أمام اختبار… فهل يلتزم بشروط صندوق النّقد؟

المركزية

نقلت “الراي” الكويتية عن  مسؤول مالي مُتابِع ان خبراء صندوق النقد الدولي، وحكماً بالتنسيق المباشر مع مديريهم في المركز، أحسنوا اختيار التوقيت الذي يكفل حشر السلطات اللبنانية في زاوية القبول بتشريع الإصلاحات الهيكلية في ميادين المالية العامة والمصارف والقطاع العام وسدّ مَنافذ الفساد، ورفعوا عن كاهلهم شطط المفاوضات والمشاورات الطويلة على مدى أكثر من عامين من المماطلة والبطء الشديد في تنفيذ رزمة إصلاحات بديهية توطئة لكبح الانهيار والإعداد لسلوك مسار التعافي.

ويقرّ المسؤول بأن «الشطارة» المعهودة لم تعد تنطلي على المؤسسات الدولية، بعدما اكتشفت عن كثب خطورة انزلاق البلاد إلى ارتطامٍ يتعذّر معه الإنقاذ أو أقله تتعاظم كلفته إلى أضعاف ما يمكن للمجتمع الدولي تقديمه للبنان. ولذا، لم يَسَعْ وفد الصندوق ختْم الجولة الأخيرة على منوال سابقاتها بترحيل التفاوض إلى جولات جديدة، افتراضيةً كانت أم مباشرة، فعرض الاتفاق الأولي المشروط، وأرفقه بجزرة التمويل الموعود المنطلق من عتبة 3 مليارات دولار عبر برنامج متوسّط الأمد لأربع سنوات، ومعه أيضاً تشريع الأبواب لتدفق المعونات والقروض الميسرة من الدول والمؤسسات المانحة.

ونوّهت مصادر مالية متابعة بإحالة رئيس مجلس النواب نبيه بري مشروع القانون المعجل الرامي إلى وضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية (الكابيتال كونترول) على اللجان المشتركة في البرلمان، كأول الخطوات الجدية لالتزام السلطات الدستورية المعنية بالشروط الإصلاحية الضرورية لتسريع تطوير الإتفاقية وعرضها بصياغتها النهائية على مجلس إدارة صندوق النقد.

Ralph Zgheib – Insurance Ad

جرعة دواء
وفي السياق، قال مصدر سياسي بارز  لـ«الشرق الأوسط»، إن إدارة الصندوق تحرص على تزويد لبنان الجريح اقتصادياً ومالياً بجرعة من الدواء للإبقاء عليه على قيد الحياة بإخراجه أولاً من غرفة العناية الفائقة، ومنعه من أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بمجرد اقترابه من الانهيار الاجتماعي الشامل. وأكد أن الصندوق حدد للبنان دفتر الشروط الذي يؤمن له العبور تدريجياً إلى مرحلة التعافي المالي.

ورأى أن إعلان الاتفاق الشفهي يحشر الحكومة في الزاوية لاختبار مدى جديتها بالالتزام بدفتر الشروط، خصوصاً أن فريق الصندوق بات على قناعة بأن لا مجال لتمديد المفاوضات الماراثونية، طالما أن أزمة لبنان باتت معروفة، ولم يعد من حاجة لمزيد من التقصي والاستفسار، وطالما أن أسباب الأزمة أصبحت معروفة، ويبقى على الحكومة أن تأخذ بالوصفة الطبية التي حددها الصندوق بالتوافق مع الوفد اللبناني المفاوض، خصوصاً أن المشكلة لا تكمن في إصدار القوانين، وبتعهد الرؤساء الثلاثة بإعطاء الضوء الأخضر لتمريرها من خلال المؤسسات الدستورية صاحبة الاختصاص.

وأكد أن المشكلة تكمن في عدم تنفيذ القوانين، وهذا ما أبلغه النائب ياسين جابر، بصراحة، للوفد المفاوض باسم الصندوق انطلاقاً من تجربته عندما أوكل إليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبالنيابة عن كتلة «التنمية والتحرير» مهمة الاشتراك في اللجنة النيابية المكلفة بوضع التشريعات والقوانين لتسريع الإفادة من مقررات مؤتمر «باريس – 1»، التي توصل إليها رئيس الحكومة آنذاك رفيق الحريري عام 2000 مع الرئيس الفرنسي في حينه جاك شيراك لمساعدة لبنان للنهوض من أزماته. ولفت إلى أن اللجنة النيابية أنجزت هذه القوانين، لكنها لم تنفذ برغم انقضاء أكثر من 20 عاماً على إصدارها، وقال إنه لم يعد من مجال لترف الوقت، لأن لبنان يقف حالياً على عتبة الانفجار الاجتماعي الشامل.

وعدد المصدر نفسه ما ورد في دفتر الشروط الذي توافق عليه الوفد اللبناني المفاوض مع صندوق النقد، أبرزها إقرار الموازنة ومشروع قانون «الكابيتول كونترول» لوضع ضوابط استثنائية على السحوبات والتحويلات المالية، وإعادة هيكلة ديون الدولة والقطاع العام، ورفع السرية المصرفية بما يتيح مكافحة الفساد، وملاحقة من تسببوا بهدر المال العام، لأن من دون رفعها لا يمكن الاقتصاص من الفاسدين.

وأضاف أن الصندوق يشترط توحيد سعر الصرف، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وضرورة حماية صغار المودعين، وأن تكون الأولوية لضمان ودائعهم في المصارف، وتأمين الأموال العائدة للضمان الصحي لتوفير الطبابة للمضمونين، والحفاظ على تعويضات نهاية الخدمة للعاملين في القطاع الخاص، إضافة إلى التفاوض مع دائني الدولة ممن اكتتبوا في سندات «اليوروبوند»، بعد أن امتنعت الدولة عن تسديد الديون المترتبة عليها.

وكشف المصدر نفسه أن الفريق المفاوض في صندوق النقد عن إمكانية الاستجابة لدفتر الشروط قبل إجراء الانتخابات النيابية بما فيها إقرار الموازنة للعام الحالي شرط ألا يتأمن العجز من مصرف لبنان، وإنما يُفترض بالحكومة أن تتدبر أمورها، وتبحث عن مصادر أخرى لتأمين العجز.

وقال إن هناك صعوبة في إقرار جميع هذه القوانين قبل إجراء الانتخابات، خصوصاً أن هناك مشكلة في إقرار الموازنة ما لم تعمل الحكومة بالتعاون مع المصرف المركزي لتوحيد صرف سعر الدولار، خصوصاً أن العاملين في القطاع العام يتقاضون رواتبهم على أساس أن الدولار يساوي 1500 ليرة، فيما أصحاب الودائع في المصارف يعانون من قيود في الحصول على الحد الأدنى من ودائعهم، وبعضها خاضع لسعر الصرف على أساس أن الدولار يساوي 8000 ليرة، بينما سعر صرف الدولار على المنصة يساوي 22 ألف ليرة.

لذلك، فإن الجهاز الإداري الرسمي المكلف بتطبيق الموازنة يواجه صعوبة في تطبيقها بسبب عدم ثبات الصرف لاستحالة توحيده، وفي المقابل فإن لا مشكلة في إقرار قانون «الكابيتال كونترول» مع إحالة بري المشروع الخاص به على اللجان المشتركة، ويمكن إقراره قبل حلول موعد إجراء الانتخابات في 15 أيار المقبل.

وعليه، فإن دفتر الشروط لن يرى النور، ويمكن ترحيله إلى ما بعد الانتخابات، هذا إذا ما تعذر تشكيل حكومة جديدة، وتقرر تعويم الحالية لتتولى تصريف الأعمال في الفترة المتبقية من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، وبالتالي فإن مذكرة التفاهم التي أُعلنت بالأحرف الأولى من دون التوقيع عليها لن يكون لها من مفاعيل إيجابية فورية ما لم تتلازم مع استجابة الحكومة لدفتر الشروط كمعبر إلزامي للدخول في مرحلة التعافي المالي.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد