مع استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان بالتوازي مع حربه المفتوحة على غزة، وفيما لا يزال لبنان على حاله في الازمة الاقتصادية والمالية وتداعياتها على المؤسسات والادارات العامة والمعيشة، جاء قرار مجلس النواب بتأجيل انتخاب المجالس البلدية متوقعاً. وإذا كان التأجيل لسنة مبالغ فيه حيث كان بالإمكان إرجاؤها حتى نهاية أيلول المقبل كما إقترح اللقاء الديمقراطي، فإن التأجيل كان لا بد منه رغم الحاجة لتداول السلطات المحلية من جهة ولوجود العديد من البلديات المنحلة أو الشغور في الهيئات الإختيارية.
وإذا كانت الواقعية قد تحكمت في تأجيل هذا الاستحقاق، فإن الاستنكاف عن إتمام الاستحقاق الرئاسي تحت أي حجة يعتبر تقاعساً عن واجب وطني ودستوري، خاصة وأن الأسباب التي ما زالت تحول دونه بعيدة عن أي منطق وطني رغم تظهيرها في الإطار الديمقراطي.
ووسط كل هذه الأجواء الملبدة تتعثر المبادرات الواحدة تلو الأخرى، فيما الجهود التي تقوم بها اللجنة الخماسية تحتاج الى من ينتشلها من الدوامة التي باتت فيها، بحسب مصادر سياسية عبرّت لجريدة “الأنباء” الإلكترونية عن الحقيقة المرّة التي يعاني منها لبنان.
وبانتظار أن يحط وزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورني في بيروت بعد ظهر غد السبت، فإن لا شيء يوحي بأن المبادرة التي يحاول رئيس الدبلوماسية الفرنسية تسويقها لانتخاب رئيس جمهورية وتطبيق القرار 1701 وإعادة تموضع الجيش الاسرائيلي وحزب الله كل من ناحيته بعيدا عن الخط الأزرق قابلة للتنفيذ.
وبرأي المصادر السياسية، فإن هناك عوامل عدة تحول دون تسجيل خرق ما لتبريد الجبهة في الجنوب وتطبيق القرار 1701، لأن ذلك يتطلب دخول الولايات المتحدة الأميركية على خط هذه التسوية، لأنها الوحيدة القادرة ان تضغط على اسرائيل لوقف حربها على لبنان، وأن يكون لإيران دور فاعل بإقناع حزب الله التخلي عن وحدة الساحات وعدم ربط الحرب في الجنوب بما يجري في غزة.
وبرأي المصادر فإن المبادرة الفرنسية الجديدة لن يُكتب لها النجاح من دون التنسيق مع أميركا وإيران، لأن بأيديهما مفتاح الحل لما يحصل في جنوب لبنان وفي شمال اسرائيل، وهذا يعيق تطبيق القرار 1701.
أما الموضوع المتعلق بانتخاب رئيس جمهورية، فتعتقد المصادر السياسية أنه من الصعب تحقيق هذا الاستحقاق في ظل الانقسام الحاصل بين القوى السياسية “لأن هناك استحالة تأمين نصاب الثلثين بعد التمديد للبلديات”، وتشير المصادر إلى أن “ما ينسحب على المبادرة الفرنسية والحراك الذي تقوم به اللجنة الخماسية قد ينسحب على مبادرة الاعتدال الوطني بعد الكلام عن الإحباط الذي عبّر عنه أحد نوابها، خاصة انه لم يرشح شيء بعد لقاء نواب الكتلة بكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس نجيب ميقاتي”.
وفي المواقف اعتبر رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب كميل شمعون في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية أن زيارة وزير الخارجية الفرنسي “تأتي لرفع العتب كما في كل مرة، ولن تقدم ولن تؤخر لأن لبنان بتركيبته الحالية من الصعب أن يحكم بهذه الذهنية السائدة، وبالتالي لن يستطيع أي رئيس أن يحكم في ظل هذه التركيبة الحالية”، متسائلاً “هل يعقل ان يبقى لبنان هكذا، فمنذ العام 1943 الى اليوم لم يشهد لبنان 5 سنوات من الهدوء والاستقرار الا وهناك طائفة تسعى للهيمنة على الطوائف الأخرى؟ والسبب أننا نعيش في دولة مركبة خطأ”، وأضاف: “ماذا ينقصنا كلبنانيين من وضع تركيبة حضارية تليق بنا وبمستقبل أولادنا كما هو الحال في معظم دول العالم؟ فهل يمكن تطبيق القرار 1701 دون حمام دم؟”.
ولا يرى شمعون نوايا طيبة لإدارة الدولة “بل هناك نوايا تدميرية للبلد، والا ما هو مبرر التمديد للبلديات للمرة الثالثة في بلد لا يوازي عدد سكانه أصغر مدينة في أوروبا. ورأى أن لا حل في لبنان إلا بعودة حزب الله الى لبنانيته وفك ارتباطه بإيران”.
وأمام هذه المسافات التي تزداد اتساعاً في المواقف السياسية واستمرار حال التمترس بدل الحوار، لا يبدو أن أفق الحل قريب أو في المدى المنظور، وأثقال كل ذلك تتزايد على الناس.
المصدر: الانباء الالكترونية