- Advertisement -

- Advertisement -

“ابو سليم” زار بلدة حصارات في قضاء جبيل

كتب الشاعر والاديب غانم عاصي عبر صفحته على الفايسبوك :

الفنان صلاح تيزاني(أبوسليم)
الأصيل في أرض الأصالة

ونحن في هذه الأمسية الربيعيّة الحلوة والمؤلمة في آن،
ونحن في هذه الليلة النيسانيّة الرائعة والحزينة في آن. إذ أننا نلتقي بعد مرور أيام على وداع وجه مميز من وجوهنا، وركن متين من أركان مجتمعنا، ومقلع صلب من مقالع رجالاتنا، ولوحة إنسانية نادرة من لوحات الزمن الجميل، وما بَرِح الألم والدمع لا يغادراننا منذ لحظة رحيل “الخال أبو طنوس”
ولكن ورغم الوداع المفاجئ، فها هو عطر الأزهار يمتزج اليوم بعبق حضور الكبار.
أما هذا الموعد بين الرجلين، ما كان ليكون موعد عزاء، انما كان ليكون، موعد غداء على مائدة الجود والكرم والسخاء.

Ralph Zgheib – Insurance Ad

أبو سليم أيها الضيف الكبير :

لكم كان المرحوم حنا شهوان يزبك، يتوق إلى لقياك وهو الذي حمل على منكبيه سنوات تقارب سنواتك، ومزايا تحاكي مزاياك.
كما كان متلهّفا الى ختم آخر صفحات كتاب عمره ببصمات التوقيع على حضور رمز كبير من رموز بلادنا، إلى رحاب دياره والى أعطاف ضيعتنا. وكما كان الراحل على أهبة الإستعداد الدائم لإستقبال ضيوفه مهما بلغ شأنهم. فقد استحال أخيرا هذا الإستعداد الدائم وتلك الأهبة الحاضرة ،الى ملاقاة وجه ربه دون ملاقاتكم أنتم،

أستاذ صلاح:

التحية اليوم في استقبالك لهِيَ عظيمة، حيث يلتقي أهل
“أبو طنّوس” ، من المدير والى العقيد فإلى الأشقاء والشقيقات والأحفاد والأقارب، وفي ظلال هذه الأم الخميرة المباركة والذخيرة النادرة “أم طنوس” ، بشخصكم الكريم، نعم يلتقي اليوم أهل الأرض، ومن العلياء ترافقهم الروح وتحية من أهل السماء.
والترحاب الذي يليق بأمثالكم وتشرّع له الأبواب، سيُؤرّخ ويُحفر على أعتاب هذه الدار العتيقة، وبين أضلع هذه الضيعة العريقة ،وسيغلّ بين أوراقي الغالية ويغدق من دوالي كلماتي الحالية.
والسلام وإن كنّا في أيامٍ لا يسودها السلام، لا تُعيقه جائحة جامحة، أو تعترضه رداءة الأوضاع.
أمّا الكلام فيك ومعك وعنك فهو يطيب ويحلو ويطول.
يطول الكلام إن أردنا أن نغوص في مسيرةٍ فنيّةٍ تزيد على الستّين عامًا وهي حصيلة عمرك الفنّي اليانع بالنشاط والإبداع والعطاء والجامع لمواهب عدّة حباك بها الله لتجتمع كلها في شخصيّتك لرائدة، فكنت الكاتب والأديب وبطل المسلسلات ورئيس الفرقة الفنّيّة….
فمن منّا ينسى تلك المسلسلات “سيّارة الجمعيّة،الأبواب السبعة، المليونير المزيّف، كلّ يوم حكاية…” ، تلك المسلسلات التي أضاءت ظلمة أيّام الحرب القاسية، وسلبت الإبتسامات الناعمة لترسمها على وجوهنا الحزينة واقترنت بعمر طفولتنا وتعمشقت على أكتاف براءتنا. ومن منّا ينسى تلك الشخصيّات التي راحت تتهادى بين الواقع والخيال لممثلين منهم من رحل رحمهم الله ومنهم من أطال الله بعمرهم كزغلول “فؤاد حسن” الذي حضر اليوم برفقتكم وهو الذي كان لنا شرف معرفته والتعاون معه أيّام المخرج الراحل أنطوان ريمي. ومن تلك الشخصيّات أيضا:
“أسعد،فهمان،درباس،شكري،يا سعيد، أمين، جميل، أبو نصري،وأبو الشباب، فريال كريم…….”.
هل أقول لك أن الطيبة التي وُجدت في تلك الشخصيّات نفتقدها اليوم، وأن السذاجة التي رافقت بعضها أفضل بكثير من تذاكي بعض القيّمين السُذَّج على أوضاعنا اليوم.
حتّى أنّ الإحتيال الذي كان يمارسه فهمان يكاد يكون نقطة في بحر محتالي هذا الزمن. أمّا الفساد الذي اعترى وولج بعض قصص مسلسلاتكم، فيكاد لا يكون شيئًا قبالة مفسدي هذا العصر وأجواق فاسدي هذا الوطن.

أبو سليم:

أيّها الصديق الذي عرفناك قبل أن نعرفك، منذ أن فُتحت أعيننا على هذه الحياة، ومنذ أنّ تسمّرنا أمام تلك الشاشة الصغيرة “وبالأبيض والأسود”، وكانت تلك الشاشة متواجدة في بيوتات قليلة من قريتنا، فنتكوكب ونتسابق ونفترش الأرض كي نتابعكم وبشغف كبير، وكما دخلت من خلالها وبعد أن انتشرت إلى كلّ بيت وقلنا لك أهلا. فإنّ “الأهلا” في هذا الوقت “تعسّل” ألسنتنا، وتطلع مشرقة على شفاهنا طلوع الشمس من وراء جبالنا.
فأهلا وسهلا بإبن طرابلس الفيحاء في هذه الأرض الطيٍبة المعطاء.
“أهلا وسهلا ” بأبو سليم الطبل من ضيعة حرش البلّان”، في ضيعتنا حصارات، ضيعة اللّوز والزيتون والغار والسنديان…
فعلى أرض الأصالة نستقبل الفنّان الأصيل.
وفي هذا البيت الكريم نُرحّب بأكرم الوجوه وبمن رافقه وخاصّة الصديق أغوب وأقول لك يا أغوب:”لقذ أدمَعَتْني تلك الدموع الصادقة المنهمرة على وجنتيك يوم وداع
“أبو طنّوس”، وكأنّك واحد منّا، وأثبتّ أنّ أهل الوفاء لم ينقرضوا ،وأنّه ما زال بين الناس من يقدّر الخبز والملح….”.
وهكذا طُوِيَت صفحة مجيدة لنفتح صفحات جديدة ،والحياة تسير، والقلوب تخفق، والعيون تدمع ،والكلمات تدوّن والتاريخ يحكي. وها أنذا أتشرّف بتقديم نسخة من كتابي
“وجوه وكلمات” إلى من يعرف قيمة الكلمة وإلى عاشقها وكاتبها وأديبها والذي سيصبح عنوانًا مميّزًا وسيُضحي وجهًا منيرًا على صفحة خالدة من كتابِيَ المقبل. فأنت وأمثالك يا أيها الفنّان العظيم من بلادي، من سيبقى خالدًا على مرّ الدهور، ومن سيشع وسط كلّ عتمة وكقبس من نور. وحيث لا مكانة للديجور.
غانم إسطفان عاصي
17/نيسان/2021

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد