- Advertisement -

- Advertisement -

عوده: ما عَجزت عنه الحرب أوصلنا إليه زعماء وسياسيون

ألقى متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، عظة الأحد، أشار فيها إلى انه، “مــنــذ أيــام، فــي 13 نــيــسان، اسـتـذكــرْنــا بــدايــةَ الــحــربِ الــتــي دامــتْ سنــواتٍ وخــلّــفــتْ ضــحــايــا ودمــاراً وويــلات، لــكــن يــبــدو أنــنــا لــم نــتــعــلّــمْ مــن دروسِــهــا الــقــاســيــة، ولــم نــعــلــنْ تــوبــةً صــادقــةً عــن كــلِّ الــخــطــايــا الــتــي اقــتــرفْــنــاهــا بــحــقِّ وطــنِــنــا، ولــم نــأخــذْ الــعِــبَــر”.

وأضاف: “مــا عَــجَــزتْ عــنــه الــحــربُ أوصَــلَــنــا إلــيــه زعــمــاءٌ وســيــاســيــون وحــكّــامٌ عـــاثـــوا فـــســـادًا، وأشــبَــعــونــا وعــوداً، وأوصــلــونــا إلــى الــجــحــيــم”، متسائلاً: “تُــرى هـــل الــتـــخــلُّــصُ مِـــنَ الأنـــا صــعــبٌ إلـــى هـــذا الــحــد؟ هــل نَــبْــذُ الــمــصــلــحــةِ الــخــاصــةِ، وإجــراءُ الإصــلاحـــاتِ الــتــي تــحــوّلُــنــا إلـــى دولـــةٍ عــصــريـــةٍ نـــاجــحـــةٍ صـــعــب؟ هـــل الــعــمــلُ الــدؤوبُ مـــن أجـــلِ إخـــراجِ الــبــلـــدِ مـــن جـــوِّ الــصــراعـــاتِ والــمــنــاكـــفـــاتِ والأحـــقــادِ وتـــصــفــيــةِ الحــســابــاتِ مــســتـــحــيـــل؟”.

وتابع عودة: “يــومَــهــا كــان الــبــعــضُ يــريــدُ أن يــجــعــلَ مــن لــبــنــانَ وطــنــاً بــديــلاً، أمــا اليــوم فــالــلــبــنــانــيــون يــفـتّــشــون عــن وطــنٍ بــديــلٍ يَــحـــمــيــهــم ويُــؤمّــنُ لــهــم حــيــاةً كــريـــمــة. عــنــد ذاك كــان الآخــرون يُــصَــفّـــون حــســابــاتِــهــم عــلــى أرضِــنــا، الــيــوم الــســيـــاســيـــون الــلــبــنــانــيــون يُــصَــفّــون حــســابــاتِــهــم مــع إخــوتِــهــم الــلــبــنــانــيــيــن، وفــي كــلــتــا الــحــالــتــيــن الــمــواطــنُ وحــدَه يــدفــعُ الــثــمــن. كــنــا نــعــانــي مــن الــتــدخــلاتِ الأجــنــبــيــةِ والإحــتــلالات، فــإذا بــنــا الــيــومَ نــعــانــي من الــتَــبَــعــيـــةِ لــلــخـــارج ومـــن الــمــعـــاركِ الــعــبــثــيـــةِ والــســطــوِ عــلــى مُـــقَـــــدِّراتِ الــبــلــدِ وأمــوالِ الــمــواطــنــيــن، ومِــنْ تَـــقــاسـُـمِ الــحــصــصِ والــمــراكــزِ، ومِــن الـتــغــاضــي عــن هــدرِ حــقــوقِ لــبــنــان والــلــبــنــانــيــيــن طــالــمــا حــقــوقُ الــمــســؤولــيــن مــحــفــوظــة”.

Ralph Zgheib – Insurance Ad

وأضاف: “هــؤلاء صــادروا قــرارَ الــلــبــنــانــيــيــن وتــحــكّــمــوا بــمــصــائــرِهـــم ورهـــنــــوا مــســتــقـــبَــلَــهــم ومــســتــقـــبــلَ أولادِهــم بِــرِهــانــاتِـــهــم عــلــى الــخــارج، وكــأنّ الــتـــريـــاقَ ســيــأتــيــنــا مــن هــذا الــخــارج. ألـــمْ يـــعِ الــلــبــنــانــيــون أنّ الــخــارجَ لا يــعــمــلُ إلاّ لــمــصــلــحــتِــه، وأنـــه يــســتــعــمــلُــنــا مَــطــيّــةً يــتــخــلّــصُ مــنــهــا عــنــدمــا يــنــتــهــي دورُهــا؟”.

وتابع: “بــالأمــسِ كــان الــصــراعُ بــيــن الــطــوائــف، أمــا الــيــومَ فــالــطــوائــفُ تـــنــمــو عــلــى حــسابِ الــوطــن، والــدويـــلــةُ عــلــى حــســابِ الــدولــة، ومــصــلــحــةُ بــعــضِ الأفــرادِ عــلــى حــســابِ الــمــجـــتـــمــــع، ومــصــلــحــةُ الــفــردِ عــلــى حــســابِ الــجــمــاعــة. شــهــوةُ الــســلــطــةِ تــســيــطــرُ عــلــى الــعــقــولِ وتُــكَـــبِّــلُــهــا، فــيــنــتــهــجُ أربــابُــهــا ســيــاســةً انــتــحــاريــةً تــودي بــلــبــنــان والــلــبــنــانــيــيــن إلــى الـــهـــاويــة. أصــبَـــح بــضــعــةُ زعــمــاء يــحــكــمــون الــبــلــد عــلــى أشــلاءِ الــمــواطــنــيــن، يــتــحــكّــمــون بــمــصــيــرِ الــنــاس ويــعــمــلــون لــمــصــالِــحــهــم الــخـــاصـــة، يــســتــعــمــلــون الــشــعــبَ وقـــوداً لــحــروبِـــهـــم وأضـــاحــي، غــيــرَ آبــهــيــن بــمــصــيـــرِ الــبــلـــدِ وبـــآلامِ الــشــعــبِ وكــرامـــتِـــه”.

وقال عودة: “هـــنــا ســؤالٌ مــصـــيــريٌّ وجـــوديٌّ يــطــرحُ نــفــسَــه: هـــل لــبــنــانُ هــو الــهــدفُ والـــغــايــةُ أم الــمــصــلحــةُ والــحــزبُ والــطــائــفــة؟ وهـــل لــبــنــانُ وطـــنٌ نـــهـــائـــيٌّ لـــكــلِّ أبــنــائِـــه أم هـــو مَـــعْـــبَـــرٌ وجـــســـرٌ ووســـيـــلــة؟ إنّ الــلــبــنــانــيَّ الــحــقـــيــقـــيَّ، إلـــى أيـــةِ طــائـــفـــةٍ انــتـــمـــى، يــعـــمـــلُ مـــن أجـــلِ مــصـــلـــحــةِ لــبــنــان لا طـــائـــفـــتِـــه أو مـــرجــعــيــتِـــه الــخـــارجــيـــة. الانــتـــمـــاءُ الــحــقـــيـــقـــيُّ الـــصـــادقُ إلـــى الــوطــــن هـــو مـــا ســيُـــنـــقــــذُ لــبــنــان والــلـــبـــنـــانـــيــيـــن مـــن الــهـــاويـــةِ الــتــي دفـــعـــهـــم إلــيـــهـــا الــطـــائـــفـــيـــون المـــفـــتِّـــشـــون عـــن مـــكـــاسِـــبِـــهـــم الــشـــخــصــيـــة عـــبـــر الــتـــغـــنّـــي بـــطـــوائِــــفـــهـــم. عــوضَ الـتــفــكــيــرِ بــمــســتــقــبلِ الــسـاســةِ يــجــبُ الـــتــفــكــيــرُ بــمــســتــقــبــلِ الــوطـــنِ الــذي يــكــادُ يَــضــيــع. عــوضَ الإهــتــمــامِ بــمــصــيــرِ الــزعــمــاءِ ومــســتــقــبــلِهــم الــســيــاســي يــجــبُ الإهــتــمــامُ بــمــصــيــرِ الــوطـــن. عــنــدمــا كــانــوا مــتــفــقـــيـــن تــقــاســمــوا الــمــغــانــمَ وأهــمــلــوا الــبلــد، وعــنــدمــا اخــتـــلــفـــوا أضـــاعـــوا الــبــلــد. مُــخــجِــلٌ رأيُ زعــمــاءِ الــعــالــمِ بــزعــمــائِــنــا. نــحــن نــخــجــلُ وهـــم لا يــخــجــلــون بـــل يــتــابــعــون نــهــجَــهــم الــتـــدمـــيـــري، ويــربــطــون مــصــيــرَنـــا بــانــتـــخـــابــاتٍ هــنــاك ومــحــادثـــاتٍ هــنــالـــك. وعــوض أن نــنــأى بــأنــفــسِـــنـــا عـــن مـــشــاكـــلِ مــحــيـــطِــنــا، نـــأى الــعــالـــمُ بــنــفـــسِـــه عـــنّــا، وأشـــاحَ وجــهَـــه عـــن خــطـــايــانـــا الــكــثــيــرةِ الــتـــي كـــلّـــفَـــتْـــنــا ضَــيــاعَ الــبــلــدِ وضَــيــاعَ مـــاءِ الــوجـــه، ولا يــلـــزمُـــنــا الــيــومَ إلاّ شــيءٌ مـــن الــشـــجــاعـــةِ لــلإعــتـــرافِ بــالــمــســؤولــيــةِ والإنـــصــيــاعِ لــلــمــحـــاســبـــة، وإذا اقــتـــضـــى الأمـــرُ الــتـــنـــحّـــي وتـــركُ الــمــجـــالِ لـِــمَـــن هـــم قـــادرون عـــلـــى الإنـــقـــاذ. تـــوبـــةُ مـــريـــم المـــصــريـــة أتـــاحـــتْ لـــهـــا الــوصـــولَ إلـــى الـــقـــداســـة، فـــهـــل مَـــنْ يـــفـــهـــم؟”

وختم عودة قائلاً: “لا بُــدَّ من التوقّفِ عند ما شَهدناهُ بالأمسِ من تَصرُّفٍ قد لا يكونُ يليـقُ بالسلطةِ القضائيةِ التي طالبْـناها بإبعادِ السياسةِ عن عملِها، والإنتفاضِ على الوضعِ المُزري. كما نطالبُ كافةَ الأجهزةِ الرقابيَّةِ بالإستـفـاقةِ من سَباتِها العميق، والقيامِ بواجــبِـها الرَّقابيّ بحزمٍ ومسؤوليَّة، لئلا تـقــضي الفوضى على ما تَــبَــقّى من إداراتِ الدولة”.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد