المركزية – إلى الضوء عاد حراك المملكة العربية السعودية عبر سفيرها في لبنان وليد بخاري. فبعد الزيارة التي قام بها إلى دار الفتوى والتقى خلالها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، زار اليوم البطريرك بشارة الراعي حيث جدد دعم المملكة العربية السعودية للبنان ووقوفها الى جانبه، داعياً إلى الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية الذي هو المدخل الرئيسي لكل الحلول في لبنان على كلّ الأصعدة.
حرص المملكة على أمن لبنان ووقوفها إلى جانب اللبنانيين في السراء والضراء أمر متفق عليه. المستجد هو خروج هذا الحراك إلى العلن والذي تزامن مع الأجواء الإيجابية التي بدأت تتظهر مع بلورة مسودة المفاوضات بين لبنان وإسرائيل وما صدر عن القمة العربية الإسلامية الإستثنائية التي عقدت في الرياض بدعوة من المملكة العربية السعودية.
رئيس المركز الاسلامي للدراسات والاعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط يؤكد لـ”المركزية” أن دور المملكة العربية السعودية في لبنان كان دائماً وحاضراً ، لأن المملكة تحرص من خلال معرفتنا بها على سيادة لبنان ووحدته وعروبته” وعن تحرك السفير السعودي في لبنان وليد بخاري يشير القاضي عريمط ” الى أن زياراته اخيرا لمرجعيات دينية وسياسية إنما هي تأكيد المؤكد بأن المملكة لم تغب إطلاقاً عن الساحة اللبنانية وهي الحريصة الآن على إيقاف العدوان الإسرائيلي على أرضه كما على عدم تدخل الآخرين في شؤون لبنان أو في الشأن العربي بصورة عامة لأن العرب هم أدرى بحلّ مشاكلهم، ويدركون المخاطر التي تتعرّض لها المنطقة العربية. لذلك، يتابع القاضي عريمط “أننا في لبنان أو في غير لبنان لسنا بحاجة لا إلى المشروع الفارسي الإيراني ولا المشروع الصهيوني التلمودي. فأهل مكة أدرى بشعابها، . وبغض النظر عن هذين المشروعين فإن المملكة العربية السعودية كانت ولا زالت تحتضن القضايا العربية والإسلامية وكل القضايا المحقة في هذه المنطقة”.
بالتوازي يؤكد القاضي عريمط بأن “التحرك العربي السعودي ينطلق على أثر القمة العربية الإسلامية التي عُقدت في الرياض اخيراً وقبلها من خلال دعوة المملكة إلى التحالف الدولي لإقامة الدولتين على أرض فلسطين. والدور السعودي لم يغِب أصلاً عن الساحة اللبنانية أو العربية سواء على صعيد رئاسة الجمهورية من خلال اللجنة الخماسية أو دعم لبنان في المحافل الإقليمية والدولية وحرص المملكة ودول التعاون الخليجي على الإسراع بانتخاب رئيس جمهورية يختاره اللبنانيون وعلى تشكيل حكومة فاعلة لاستنهاض الدولة اللبنانية ومؤسساتها مجدداً وليعود لبنان إلى دوره الطليعي في المنطقة العربية على أساس أنه كان ولا يزال الوجه الحضاري للمنطقة العربية من خلال وحدته الوطنية والعيش الواحد بين أتباع المسيحية والإسلامية”.
ويؤكد “أن الدولة هي صاحبة السلطة والإمرة على كافة أراضيها ووحدها صاحبة القرار في حالات السلم والحرب” . يرفض القاضي عريمط الكلام عن أن عودة الحراك السعودي يأتي على خلفية انتهاء دور حزب الله في لبنان ويقول” أياً كان الإتفاق الذي يُعمل عليه بين بيروت وواشنطن والرياض والقاهرة والعديد من العواصم المعنية في المنطقة، فإن على اللبنانيين أن يحسموا قرارهم وأن يكون ولاؤهم الوطني للبنان أولاً وقبل كل شيء وأن يسارعوا اليوم قبل الغد إلى انتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة فاعلة . القضية راهنا بيد اللبنانيين وعليهم أن يتخذوا القرار والأشقاء العرب وخاصة مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر سيكونون معهم وعلى اللبنانيين وقياداتهم أن يقولوا لإسرائيل وإيران : كفى اللعب على الساحة اللبنانية ولبنان لن يكون ورقة لخدمة المصالح الإيرانية والإسرائيلية في المنطقة”.
أبعد من حدود التعاون والإحتضان لدور المملكة العربية السعودية، يبقى هاجس إعادة الإعمار هو الأساس. فهل يشمل الدور السعودي منظومة إعادة إعمار ما تهدم خصوصا أن قيمة الخسائر تفوق أضعاف الدمار في حرب تموز؟”مجرد أن يحسم اللبنانيون وقياداتهم خياراتهم الوطنية والعربية ويبتعدوا عن المحاور الإقليمية فإن الأشقاء العرب لن يتخلوا عن الوطن الذي يحبون ويقدرون شعبه وقد أثبتت المراحل الماضية بأن العرب لم يتخلوا عن لبنان سواء في العام 1982 أو 2006 وما قبلها بالتأكيد وما بعدها”يختم القاضي عريمط.
حرِص البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية بالنسبة الى الفقرة المتعلقة بلبنان على الفصل بين “حزب الله” و”الدولة اللبنانية”، واعتمد صيغة “التضامن مع الجمهورية اللبنانية في مواجهة العدوان”، مما لا يترك أي مجال للتفسير أو التأويل أو الاجتهاد في إضفاء أي شرعية على الأعمال العسكرية لحزب الله تحت مسمى “المقاومة” وفق تقرير صادر عن “المركز الجيوسياسي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا”. أيضاً “تبنى البيان تنفيذ القرار 1701 بكامل مندرجاته، مع ما يعنيه ذلك من تنفيذ للقرار 1559 ، كما شدد على أهمية الاسراع بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة استنادا لأحكام الدستور اللبناني وتنفيذ اتفاق الطائف. ويعتبر هذا المقطع بمثابة نسف لكل السردية السياسية والعسكرية التي يعتمدها “حزب الله” وحلفاؤه منذ تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية مرورا بـ “حرب اسناد غزة”، وصولا الى الوضع الراهن. ويختم “أثبتت المملكة العربية السعودية أنها تخوض بجدية ورصانة على الجبهتين الاقليمية والدولية معركة “حل الدولتين” بالنسبة الى القضية الفلسطينية. كما أثبتت أنها تخوض بالجدية والرصانة نفسهما معركة حل “الدولة الواحدة” في لبنان. ويبقى على كل من الشعبين اللبناني والفلسطيني العمل على انتاج “سلطة واحدة” لمواكبة جهود المملكة وتسريع تحقيق النتائج المرجوة”.
جوانا فرحات – “المركزية”