كتب : أنطوان غطاس صعب
تستعدّ ساحة المعركة بين حزب الله والعدو الإسرائيلي لجولة ميدانية جديدة على وقع وصول صواريخ الحزب إلى تخوم حيفا ، الأمر الذي قد يفسح المجال أمام خلق توازن رعب بين الطرفين ، على إيقاع معاودة ضرب وإستهداف الضاجية الجنوبية لبيروت صباح اليوم.
وتشير مصادر واسعة الإطلاع عبر موقع “جبيل اليوم”إلى أن المؤسف في كلّ هذه المشهدية، غياب الموقف اللبناني الصارم والحازم والحاسم في ردع الإعتداءات الإسرائيلية، عبر توجيه رسائل جديّة حول رفض المساومة أو التساهل معها، ولو تطلّب الأمر مقاطعة إستقبال أية شخصية دولية قادمة إلى لبنان، مع تقاعس المجتمع الدولي وتخلّيه عن دوره في إدارة النزاعات حول العالم، ومنها ما يحصل في لبنان من جرائم حرب وإبادة يندى لها الجبين ، ويرفض مُرتكبوها من الصهاينة واليمني الإسرائيلي المتطرّف برئاسة بينيامين نتنياهو الإنصات إلى نداءات الأمم المتحدة وكأننا في شريعة الغاب.
وتستغرب المصادر عدم حصول لقاء لبناني جامع، أو المسارعة إلى إنتخاب رئيس للجمهورية يستقيم معه عمل المؤسسات، وأعطت أمثالاً تاريخية مثل أنه بعد الإطاحة بالرئيس بشارة الخوري وإنتخاب الرئيس كميل شمعون من بعده، قام الأخير في العام 1955 بتأليف حكومة إنقاذ برئاسة الرئيس سامي الصّلح وذلك لمواجهة الأزمة في تلك الفترة ، بأكبر قدر ممكن الإلتفاف الوطني.
كذلك حصل مع الرئيس اللواء فؤاد شهاب الذي خَلَفَ شمعون، الذي فرض تأليف حكومة رباعية لفرض الأمن والإستقرار عقب ثورة 1958، برئاسة رشيد كرامي ، وعضوية ريمون إده وبيار الجميّل وحسين العويني .
ومع إنتخاب الرئيس سليمان فرنجيه بفارق صوت واحدة عن الرئيس إلياس سركيس سنة 1970 في آخر إنتخابات طغت عليها اللعبة الديموقراطية ، أطلق حكومة الشباب برئاسة صائب سلام بغية تحديث الإدارة اللبنانية ووضع أنظمة إقتصادية وإجتماعية وإنمائية تواكب تلك المرحلة المفصلية من تاريخ لبنان.
بعدها دخلنا في حرب 75 ، وما أعقبها من دخول فلسطيني مسلّح وسقوط للشرعية اللبنانية ، حيث بات المدفع هو المُتحكّم بمفاصيل السياسة اللبنانية.
وفي العام 2005 ، غداة جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وإنقسام الشارع اللبناني بين 8 و14 آذار ، تشكّلت حكومة إنتقالية برئاسة نجيب ميقاتي لإجراء الإنتخابات النيابية التي أفرزت فيما بعد أكثرية لم تستطع الحكم بسبب الفيتوات الطائفية وما سُمّي في حينها “الثلث المعطّل” أو “الثلث الضامن”.
كما أنه سنة 2019 ، تمّ تكليف الرئيس حسّان دياب لتشكيل حكومة تدير مرحلة ما بعد ثورة أوكتوبر، ولكنه إصطدم برغابات الشارع في التغيير الجذري.
هي بعض من محطّات تاريخية جرى خلالها إستيعاب الأزمات الناشئة عبر تشكيل حكومات طوارىء وإلتقاء قيادات الصفّ الأول لمحاولة إجتراح الحلول وتجنيب البلاد بالقدر الممكن الإنزلاق إلى متاهات خطيرة ، وعلى قاعدة “أمّ الصبيّ” التي يجب أن تسود خلال المحطات الخطيرة والدقيقة من عمر لبنان.
فأين نحن من هذه القيادات الحكيمة والمسؤولة في ما نشهده اليوم ؟ وهل من حالة طوارى أكثر من تعرّض لبنان لعدوان إسرائيلي يفتك بالبشر والحجر ، لكي يحصل اللقاء الوطني الجامع، ويضع الزعماء خلافاتهم جانباً من أجل المصلحة الوطنية ؟!