لا يغادر الاستحقاق الرئاسي أجندات الكتل النيابية رغم استمرار إسرائيل في عدوانها، وسط خشية توغلها في الجنوب. وقد عاود سليمان فرنجيه تأكيد تمسكه بالترشح ودعم “الثنائي” له.
من عين التينة بما تحمله من رمزية، حاول فرنجية أن يثبت لكل من يعنيه الأمر في الداخل والخارج مضيّه في الترشح وعدم ربطه بالتطورات الأخيرة، ولو أن الخريطة النيابية ما زالت على انقساماتها، سوى أن أربعة نواب غادروا “تكتل لبنان القوي”، وليس معروفا بعد أين ستصب أصواتهم في لحظة الحسم الانتخابية.
بالشكل، يأتي كلام فرنجية في محله في هذه التوقيت من زاوية التصويب على الخطر الإسرائيلي الذي يهدد البلد كله ودعوته إلى التضامن ردا على العدوان
“ليخرج لبنان منتصرا”. ولكن كان من الأجدى بحسب جهات تلتقي معه، لو اكتفى بهذا الموقف، إلا أنه أراد التذكير باستمرار ترشحه للرئاسة، مصوّبا بطريقة غير مباشرة على أسماء لا يرى أنها تصلح لتكون مرشحة.
وإذا كان بيان عين التينة قد طالب باسم توافقي، فإن جهات نيابية عدة لا ترى في فرنجية صفة التوافق، وفي أحسن الأحوال، إذا لم تطالبه بالانسحاب فتدعو الرئيس نبيه بري إلى عقد جلسة انتخاب، وليستمر فرنجية في الترشح إلى جانب أسماء أخرى، ولا سيما أن البلاد لم تعد تحتمل الشغور.
وأراد فرنجية أيضا قطع طريق العودة في مكان ما على مؤيديه من “الثنائي” وغيره بالقول إنهم لا يتخلون عنه، فيما تبرز إشارات أكثر من نائب سبق أن اقترع له، ومفادها أن حظوظه بالفوز ليست متوافرة، من دون ربط هذا الأمر بالانتكاسة التي أصابت “حزب الله”.
ولم يكتف رئيس “تيار المردة” بتثبيت ترشحه من عين التينة، لكنه سمى قائد الجيش العماد جوزف عون باعتباره المرشح الأقوى، قاصدا “زكزكة” النائب جبران باسيل وكل من لا يؤيد قائد الجيش للرئاسة.
وكان فرنجية قد وصله كلام من باسيل أنه حظوظه انعدمت بعد اغتيال السيد حسن نصرالله.
في مكان ما، لا مهرب من القول إن فرنجية يضيق على خيارات “الثنائي”، ولو أنه لم يتخلّ عنه، “بل ظهر كأنه يطلب من مؤيديه عدم التفكير في مرشح سواه”. وعليه، تشي كل الوقائع بعدم حصول تبدلات في خيارات الكتل، إلى أن يقضي الله أمرا.
وسط كل هذه الأزمات التي لا تهدف إلى القضاء على “حزب الله” فحسب بل تفتيت كل الأواصر والخيوط التي تجمع بين المكونات اللبنانية، يبدو أن لبنان باق من دون رئيس.
ومن غير المستغرب أن يشهد الزعماء الموارنة هذا الكباش في ما بينهم، فهم في أيام “البحبوحة السياسية” شيء وفي لحظة تحديد المصير التي يعيشونها اليوم شيء آخر. في السابق كان رجالات الموارنة يتقاتلون ويتنافسون في ظل وجود دولة ولو بالحد الأدنى، لكنها لم تعد موجودة اليوم بفعل سياسات وطموحات خاطئة ارتكبتها القيادات المسيحية والإسلامية بالتكافل والتضامن ما.
“النهار”