قال مصدر سياسي لبناني بارز لـ «الأنباء»: «نحن أمام مراوحة قد تطول في غياب المساعي الجدية للوصول إلى تسوية مقبولة. وعدا المسعى السعودي – الفرنسي الذي يمهد لتحرك اللجنة الخماسية التي قوبلت بمرونة من الأطراف السياسية اللبنانية، فإن الأمور ليست كافية ولن تؤدي إلى انضاج طبخة تنتج رئيسا جديدا للجمهورية قبل الذكرى الثانية للشغور الرئاسي (31 أكتوبر 2022)».
وأضاف المصدر انه «مع ربط أزمة الحدود اللبنانية بمسار الحرب في غزة، والتي يجمع الوسطاء على أنها غارقة في دوامة الشروط والشروط المضادة، ما يؤدي إلى الانتظار شهرين على الأقل، يبقى الجمود سيد الموقف».
وتحدث عن «مسعى إقليمي ودولي يهدف إلى محاولة فك ارتباط بين غزة ولبنان، من خلال الخفض التدريجي للمواجهات على الحدود، غير ان هذه المحاولات تصطدم بالتصعيد الإسرائيلي المشهود».
وفي هذا السياق، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية ليل أمس الاول ما يقارب 20 غارة على منطقة واحدة بين بلدات فرون والغندورية وصريفا في شكل متواصل وفي غضون أقل من نصف ساعة. وتحدث الجيش الإسرائيلي عن ضرب 15 هدفا لـ«حزب الله». فيما أشار رئيس أركانه هرتسي هاليفي من مقربة من الحدود اللبنانية في الجولان السوري المحتل «ان كثافة الغارات تمهد لعمليات هجومية».
وأمام انسداد أفق الحل السياسي والتسوية واستمرار الحرب على الحدود، أكد مصدر مطلع لـ «الأنباء» أن «أي مسعى باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية الذي يشكل المدخل لأي حل، يبقى مستبعدا في ظل الانقسام العمودي والأفقي، وفرص استفراد أي فريق بالرئاسة مستحيلة، لأنه من دون تسوية لا يستطيع أي رئيس ممارسة صلاحياته أو تشكيل حكومة».
وأضاف المصدر: «من هنا لا بد من الجلوس إلى الطاولة والتوصل إلى تسوية من خلال الحوار، ذلك انه على مدى العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية، فشل اللبنانيون في التوصل إلى أي حل دون الحوار، وكل الحلول كانت مؤقتة». ولا يخفي المصدر ان التسوية التي تم التوصل اليها في الطائف عام 1989، والتي أصبحت دستورا للبنان لم تعط حلولا دائمة لعدم تنفيذ أبرز بنودها.
وقال ان قانون الانتخاب الذي لم يستقر على نظام محدد منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، «هو سبب الأزمة التي يتخبط فيها لبنان، اذ كانت القوانين تتغير قبل كل موعد للاقتراع وتأتي كنتيجة لمحاصصة بين القوى السياسية الفاعلة، وبالتالي كان يتم تغيير القانون وفقا لتغير موازين القوى، إلى ان وضع القانون الحالي عام 2018. وأظهرت التجارب انه لم يكن أقل سوءا من القوانين التي وضعت منذ العام 1992وحتى اليوم، لأن المواد التي تمنع المحاصصة وتنتج تمثيلا صحيحا لم تنفذ وبقيت مؤجلة». ورأى «ان هذا الأمر حال دون إنتاج أكثرية صريحة أو معارضة فعالة، بل أنتج تشرذما في الخريطة السياسية، وأدى إلى تشكيل حكومات على صورة مجلس نيابي مصغر، وغابت معها تاليا المساءلة والمحاسبة».
وختم المصدر بالقول: «يبقى المدخل لأي حل واستقرار سياسي في البلد وعمل مؤسسات الدولة، من خلال وضع قانون انتخاب عصري بعيدا من المحاصصة والتوازنات الطائفية».
ناجي شربل – الانباء الكويتية