المركزية- يدرك حزب الله، ومن خلفه ايران، جيداً ان ساعة الحسم اقتربت، بالدبلوماسية او بالقوة العسكرية، وان الاوضاع لن تبقى على حالها بعد حرب غزة. فما كان ساريا قبل 7 تشرين الاول لم يعد كذلك وما خلّفته مجازر اسرائيل في غزة على مستوى الرأي العام الدولي والعالمي قلب الاوضاع رأسا على عقب وراكم التأييد الدولي للقضية الفلسطينية والحل المقترح عبر اقامة دولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية. الصورة ضبابية صحيح، ولا يمكن الجزم ان التسوية ستبرم قريباً، خصوصا مع ارتفاع منسوب التحذيرات من اندلاع الحرب في اي لحظة، حتى ان دولا عدة وجهت دعوات لمواطنيها لمغادرة لبنان على وجه السرعة خشية اندلاع حرب شاملة في المنطقة، لن تقف ايران فيها مكتوفة الايدي استنادا الى تصريحات قادتها، الا ان الصراع لا بد سينتهي بتسوية ،والتسوية ستفرض معادلات جديدة سيكون حزب الله ومصيره في صلبها.
من مركزية وضع الحزب في اي حل، ومن رسائل ايران الموجهة الى اسرائيل والعرب، انها إن انفجر الوضع في جنوب لبنان وشنت اسرائيل حربا واسعة ستدخل على الخط وتساند الحزب بالسلاح لتمنع اسرائيل من القضاء عليه عسكريا وضرب قدراته بعدما حطمت قدرات حماس، ينطلق خبير عسكري ليسأل عما اذا كان مخزون السلاح في ايران مرتفعا ام انخفض كما هي حال الدول التي تشارك في الحرب في اوكرانيا مثلا، خصوصا ان اعادة المخزون العسكري الى ما كان عليه في بعض الدول يحتاج الى 4 سنوات، فكيف الحال بالنسبة الى دولة تحاصرها العقوبات وأخرى استنزفت طاقاتها العسكرية وتستجدي الولايات المتحدة لتزودها بما تحتاج في حرب غزة، فيما واشنطن منهمكة بانتخاباتها الرئاسية لا تريد حروبا واسعة ومثلها فرنسا التي تخوض انتخابات تشريعية في 30 الجاري وسط خشية واسعة من فوز اليمين المتطرف. ويعتبر الخبير العسكري عبر “المركزية” ان الحرب ليست اليوم من مصلحة احد من اللاعبين ، مهما رفعوا سقوف مواقفهم التهويلية في اطار حرب نفسية، ذلك ان مخزون السلاح غير كاف لخوض غمار حرب اقليمية.
تبعا لذلك، لم يعد من مجال الا للتسويات والحلول السلمية، في ظل ضغط دولي متعاظم لمنع الانفجار الكبير، فأين يقف حزب الله ازاءها وكيف يتعاطى مع واقع السلم اذا انتفى دوره المقاوم وسُحِبت ذرائعه للاحتفاظ بسلاحه ، علما ان اي تسوية إن على مستوى حل الدولتين بين اسرائيل وفلسطين او ترسيم الحدود اللبنانية- الاسرائيلية وبت مصير مزارع شبعا لن يترك لسلاح الحزب مكاناً ولا لاستمرار وجوده مبرراً؟ يقول مصدر سياسي قريب من الضاحية لـ”المركزية” ان ثمة معادلة جديدة يعمل عليها الحزب بعدما سقطت معادلة “جيش ، شعب ، مقاومة” عنوانها “نعم للمقاومة” ، سيسعى الى تثبيتها في البيان الوزاري لفرض اعتراف شرعي ورسمي بها من دون مواربة. فتكتسب المقاومة بذلك شرعيتها الدستورية ويعترف بها الرئيس العتيد وتتحول الى مؤسسة رسمية في الدولة على غرار نموذج الحشد الشعبي في العراق، ما يقلّص دور الجيش ويوسع مساحة المقاومة.
بيد ان طرحا كهذا سيبقى اضغاث احلام، تقول مصادر معارضة لـ”المركزية” ذلك ان ما لم يتمكن الحزب من فرضه بالقوة لن يحصل عليه بالحسنى ،ثم ان مجرد عرضه للنقاش سيواجه بمعارضة شرسة سياسية وشعبية ، لأن من شأنه ان يغير وجه لبنان ويجعل خطر الحرب الاهلية داهما، في ضوء وجود شريحة كبيرة من اللبنانيين ،من مختلف المذاهب ومنهم شيعة، ترفض تغيير وجه لبنان الحضاري وميزاته وفرادته كنموذج يحتذى. فهل يلجأ الحزب، امام الواقع هذا الى سرايا المقاومة المنتشرة في كل المناطق ، حتى المسيحية منها، ليعزز مشروعية مقاومته باعتبارها حالة عابرة للطوائف؟
نجوى ابي حيدر – “المركزية”