كلمة رئيس بلدية جبيل المهندس وسام زعرور في إحتفال يوم الأبجدية الذي أقيم في المكتبة الوطنية برعاية وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى :
جُبَيْلُ، جُوْبْلا، جُبْ اَيْلُ، بَيْبْلُوْسُ. أَسْمَاء عُرِفَت بَها هَذِهِ الْمَدِينَة عَبْر التَّارِيْخ مُنْذُ أَكْثَر مِن ٧ آلَاف سَنَة، حَيْثُ تُعْتَبَر أَقْدَم مَدِينَة مَأْهُوْلَة فِي الْعَالَم.
وَمَع ذَلِكَ، اللَّقْب الَّذِي نَفْتَخِر بِهِ أَكْثَر مِنْ غَيْره هُوَ “مَدِينَة الْحُرُوْف”، حَيْثُ أَنَّهَا الْمَدِينَة الَّتِي صَدَّرَت الْأَحْرُف الْأَبْجَدِيَّة إِلَى الْعَالَم، وَالَّتِي اُكْتُشِفَت عَام ١٩٢٣ مِن قِبَل الْبَاحِث الْفَرَنْسِي بِيَر مُوْنْتِيْهِ عَلَى نَاوُوس أَحِيرَام، الَّمُعَرَّض فِي الْمَتْحَف الْوَطَنِي.
نَعَمْ، هَذَا شَرَفٌ عَظِيمٌ نَضَعُهُ عَلَى صَدْرِنَا كلبنانيين أَوَّلًا وَجُبَيْلِيِّينَ خَاصَّةً، مِنْ هُنَا عَلَيْنَا مَسْؤُوْلِيَّة كبِيْرَة لِتَحْقِيْق التَّوَازُن بَيْنَ الْحِفَاظ عَلَى التَّرَاث وَتَعْزِيْز السِّيَاحَة عَلَى أَنْوَاعِهَا، سَوَاء كَانَت ثَقَافِيَّةً أَوْ دِيْنِيَّةً أَوْ تَرْفِيْهِيَّةً وَغَيْرهَا.
أَيُّهَا الْحَضُوْر الْكَرِيْمُ، وُضِعَت جُبَيْل عَلَى قَائِمَة التَّرَاث الْعَالَمِيّ عَام ١٩٨٤ مِن قِبَل مُنْظَمَة الْأُونِسْكُو، حَرْصًا عَلَى الْآثَار وَالتَّنْظِيْم الْمَدْنِي وَالثَّرَوَة الثَّقَافِيَّة. وَهُنَا يَجِبُ أَنْ أَشِيْرَ إِلَى الدَّوْر الْأَسَاسِي الَّذِي تَقُوْم بِهِ وَزَارَة الثَّقَافَة فِي هَذَا الْمَجَال، وَتَحْدِيْدًا معَالِي الْوَزِيْر الصَّدِيْق الْقَاضِي مُحَمَّد وَسَام مُرْتَضَى، الَّذِي يَقُوْم بِدَوْر عَظِيمٍ فِي وَزَارَة الثَّقَافَة، وَكَمَا قُلْت مُسَبَّقًا وَأُكَرِّرُهُ الْيَوْمَ، إِنَّكُم الرَّجُل الْمُنَاسِب فِي الْمَكَان الْمُنَاسِب، وَاسْمَح لِي مِنْ هَذَا الْمِنْبَر أَنْ أَهْنِئَكُم عَلَى مَا تَقُوْمُونَ بِهِ فِي مَدِينَة طَرَابُلُس الْعَزِيْزَة عَلَى قُلُوْبِنَا، عَاصِمَة الثَّقَافَة الْعَرَبِيَّة، وَنَحْنُ عَلَى اِسْتِعْدَادٍ لِأَيّ تَعَاوُن ثَقَافِيّ سِيَاحِيّ اِنْمَائِيّ يَفِيد مَدِينَتَيْ طَرَابُلُس وَجُبيل.
بَالْنِّسْبَةِ لِبَلْدِيَةِ جُبَيْل، فَقَدْ اسْتَحْصَلَتْ عَلَى هِبَةٍ فِي عَامِ ٢٠١٦ لِإِنْشَاء مَتْحَفٍ لِلْأَبْجَدِيَّةِ ثَلَاثِيِ الْأَبْعَاد مِنْ قِبَلِ اللُّبْنَانِيّ الْبَرَازِيلِيّ رَجُلِ الْأَعْمَالِ كَارْلُوس سَلِيم، وَتَمّ تَنْفِيذُهُ بِالْكَامِل وَبَقِيَ وَضْعُ اللَّمْسَاتِ الْأَخِيرَةِ فِي الشَّكْلِ الْهَنْدَسِيِّ، وَلَكِنَ الْأَهَمَ مِنْ ذَلِكَ هُوَ الْحُصُولُ عَلَى مَعْلُومَاتٍ عَنْ كُلِّ حَرْفٍ فِي الْعَالَم، وَهَذَا يَتَطَلَّبُ مُشَارَكَةَ عُلَمَاءَ وَخُبَرَاءَ مِنْ جَامِعَاتِ هَارْفَرْد وَأُوكْسْفُورْد وَغَيْرِهَا، بِحَسَبِ التَّقْرِيرِ النَّهَائِيِّ لِلْجَنَّةِ الْمُشَرِّفَةِ عَلَى التَّنْفِيذِ. لِذَلِكَ، نَأْمُلُ مِنْ مَعَالِيكُمْ مُسَاعَدَتَنَا لِإِنْهَاءِ هَذَا الْمَتْحَفِ، لِمَا لَهُ مِنْ أَهْمِيَّةٍ لِلْبَنَانِ وَالشَّرْقِ كُونَهُ الْأَوَّلَ مِنْ نَوْعِهِ فِي هَذِهِ الْمِنْطَقَةِ.
وَنَدْعُوكُمْ لِزِيَارَتِهِ مَعَ الْحُضُورِ الْكَرِيمِ فِي أَيِّ وَقْتٍ مُنَاسِبٍ.
عَامِ ٢٠٢١، وَافَقَ مَجْلِسُ الْوُزَرَاءِ الْحَالِي عَلَى طَلَبِ إِنْشَاءِ مَحْمِيَّةِ بَحْرِيَّةٍ مُقَابِلَ الْقَلْعَةِ الصَّلِيبِيَّةِ، عَلَى أَمَلِ تَشْرِيعِ الْقَرَارِ قَرِيبًا فِي مَجْلِسِ النُّوَابِ، لِتَفْعِيلِ نَمَطٍ ثَقَافِيٍّ سِيَاحِيٍّ بَيِئِيٍّ جَدِيدٍ فِي الْمَدِينَةِ. كَمَا تَمَّ تَقْدِيمُ مَسْوَدَةٍ إِلَى الْأُونِسْكُو فِي بَارِيسَ لِوَضْعِ جُبَيْلَ عَلَى قَائِمَةِ التَّرَاثِ الْعَالَمِيِّ، لِلْحَفَاظِ عَلَى الْآثَارِ الْمَوْجُودَةِ فِي قَعْرِ الْبُحُوحِ، نَظَرًا لِغَمْرِ الْمَدِينَةِ بِالْمِيَاهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَبْرَ التَّارِيخ.
وأخيرًا، أودُّ أَنْ أَشْكُرَ النَائِبَ السَابِقَ نَعْمَةَ اللَّهِ أَبِي نَصْرٍ عَلَى نَشَاطِهِ وَإِصْرَارِهِ عَلَى الْاِحْتِفَالِ بِهَذَا الْعِيدِ، وَأَطْلُبُ مِنَ النُّوَابِ الْكَرَامِ تَقْدِيمَ قَانُونٍ يَجْعَلُ عِيدَ الْأَبْجَدِيَّةِ عِطْلَةً رَسْمِيَّةً، لِمَا لَهُ مِنْ أَهْمِيَّةٍ وَطَنِيَّةٍ بِحَيْثُ لَا تُمِيزُ الْأَبْجَدِيَّةُ بَيْنَ الأَدْيَانِ وَالطَّوَائِفِ وَالْأَحْزَابِ، بَلْ هِيَ حَقِيقَةٌ وَأَسْطُورَةٌ تُكَشِّفُ كَيَانَ الشَّخْصِ وَفِكْرِهِ دُونَ انْتِمَائِهِ.
عَاشَ لُبْنَان، عَاشَتْ جُبَيْل، وَعَاشَتْ الْأَبْجَدِيَّةُ!