بعد انكفاء صوت الرصاص في الشارع والتصعيد على المنابر، بعد حادثة الكحالة، بدأ الهدوء المشوب بالتوتر يعود وببطء إلى المشهد الداخلي، ولكن بالتوازي مع تكريس ملامح انقسام واضح وخطر على عدة مستويات شعبية وسياسية، في لحظةٍ مصيرية وعشية الاستعداد لجلسة العمل التشاورية حول الملف الرئاسي في أيلول المقبل.
ولكن هذه الحادثة التي تركت انعكاسات سلبية على الخطاب السياسي العام، لن تؤثر، وكما يكشف عضو كتلة “الجمهورية القوية” فادي كرم، لـ “الديار”، على الملف الرئاسي، حيث لا يلاحظ وجود أي علاقة بين حادثة الكحالة وأي ملف سياسي متصل بالإستحقاق الرئاسي، وذلك لجهة ما طرحه الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، معتبراً أن “حادثة الكحالة تدخل في عمق الأزمة اللبنانية والانقسام الحاد الثقافي كما السياسي وحتى الإنقسام حول الهوية، بينما في المقابل، فإن لودريان طرح محاولة تسوية سياسية تجري في الداخل، لإشراك الجميع في تسوية تُبقي على الوضع الحالي اللبناني ولكنها حتى ولو أدت إلى هدنة، فهي قد تفجّر الوضع مجدداً”.
ومن هنا يؤكد النائب كرم أن المسألة ليست محصورة فقط بالشغور الرئاسي، ذلك أن الشغور الرئاسي هو “نتيجة الإنقسام الحالي، أي نحن نخوض معركة هوية وبقاء لبنان، بينما محور الممانعة يخوض معركة تغيير هوية لبنان والمفاهيم فيه وصولاً إلى تطبيع لبنان في محور الممانعة وإلغاء أي دور لكل اللبنانيين الآخرين، لأن هذا هو مفهمومهم الإيديولوجي وهذه ممارستهم”.
في ضوء التطورات الحاصلة في المشاورات بين مختلف أطراف المعارضة والتي تتعلق بتوجيه التوجه نحو اختيار الوزير السابق جهاد ازعور كمرشح للرئاسة، يرى كرم أن هذا التقاطع يشكل عنصرًا هامًا في الوضع السياسي الراهن.
ويعتبر أن هذا التقاطع يمكن أن يظل قائمًا، ويتوقف على تطورات محددة فيما يتعلق بمسألة انتخاب رئيس الجمهورية. وفي حال قرر حزب الله تغيير سياسته والتخلي عن الارتباط الوثيق بإيران والتوصل إلى تفاهم مع القوى اللبنانية الأخرى والعمل معها، فقد يحدث تغيير في المنظومة الرئاسية. وإذا كان هناك مرشح آخر يمكنه جذب مزيد من الدعم من الأصوات بمقارنة مع ازعور، فإن المعارضة مستعدة لفحص هذا الاحتمال. يجب على المرشح أن يتوفر لديه مجموعة من المواصفات التي تتوافق مع موقف المعارضة من انتخاب رئيس، وهذا هو العامل الذي قد يؤدي إلى تغيير الخيار من ازعور إلى مرشح آخر. ومع ذلك، يجب ملاحظة أن الموقف الحالي ليس واضحًا.
وبالنسبة لمحطة أيلول الحوارية، فإن كرم لا يعتقد أن هناك موعدًا ثابتًا في سبتمبر لانتخاب رئيس الجمهورية، حيث يعتمد ذلك على الظروف السياسية وقرار رئيس مجلس النواب نبيه بري بدعوة لانتخابات متتالية. ويؤكد أن تحديد المواعيد التي لا تستند إلى الدستور هو وعود لا قيمة لها.
وحول موقف الكتلة من جلسة التشريع النيابية، يجزم النائب كرم، بعدم المشاركة في الجلسة النيابية يوم الخميس المقبل، انطلاقاً من القناعة بأن المجلس النيابي لا يجب أن ينعقد إلاّ لانتخاب الرئيس ومن ثم يبدأ التشريع، وكل جلسات التشريع وجلسات الحكومة، ومهما كانت العناوين التي تنعقد تحتها الجلسة، هي براقة وإيجابية، فالمسألة هي مسالة وجود رئيس جمهورية حتى تكتمل منظومة الدولة اللبنانية وتنتظم مؤسسات الدولة لنستطيع التوصل إلى حلول جدية ولكن كل الحلول المطروحة اليوم هي أقل من ترقيعات ولن تفيد المواطن اللبناني”.