- Advertisement -

- Advertisement -

بيَن النصّ الدّيني والممارسة، فاصلة، للدكتورة زينة زغيب

تقديم الدكتورة زينة زغيب في ندوة ” لقاء” بعنوان ” الفِكر الدّيني بين النَصّ والممارسة ” بمشاركة الخوري الدكتور باسم الراعي ، الشيخ محمد حيدر أحمد والدكتور عماد فغالي ، الاثنين في ٢٧ شباط ٢٠٢٣ في دار الافتاء الجعفري/جبيل جاء بمثابة ” مقالة بحثية موضوعية” على بلاغة في التعبير ودقّة في التَوْصيف حول قراءة النص الديني والممارسة في تطبيق مضمونه ؟

مقدمة بليغة تستحق القراءة والتمعّن ، ننشرها للفائدة .

” يقول الفيلسوف الفرنسيّ “ديكارت”: أنا أفكّر إذًا أنا موجود” جاعلاً الفكرَ أساسَ الوجود والكيان،

Ralph Zgheib – Insurance Ad

الفكرُ الّذي يجهد ليلَ نهارٍ بهدف الوصولِ إلى المعرفة والحقيقة. فإنّه يعتمدُ المنطقَ ويسلكُ الشّكَّ طريقًا، مُتخبّطًا بين تضادّاتٍ لا متناهيةٍ.أمّا الدّينُ فهو مجموعةُ معتقداتٍ وممارساتٍ، جوهرُه الإيمانُ المطلقُ أي التّسليمُ والتصديق.

فيظنُّ البعض أنّ الفكرَ والدّينَ لا يلتقيانِ أبدًا، لا بل يُحرّمُ التساؤلاتِ أو الجدالاتِ، ويربطُ الأمرَ بأنّه مساسٌ بالدّين أو كُفرٌ أو تضليلٌ للحقيقة.

أما ميّزنا الله عن سائر المخلوقات بأنّنا عُقلاء؟ فلمَ لا نُسخّرُ هذا العقلَ في شتّى المجالات حتّى في الدين؟!"الناس أجناس"، فمنهم من يقرأُ النّصوصَ الدينيّةَ قراءةً تعيينيّةً ويحفظُ التعاليمَ ويُطبّقُها بحذافيرها، وصولاً إلى حدِّ التعصّبِ. ومنهم من يلجأُ إلى القراءة التضمينيّة التّحليليّة ويعمّقُ التأويلَ ويصلُ به الأمرُ أحيانًا إلى الضّياع. هذا لأنّ النصّ يحيا مع القارئ، والتعامل مع المكتوب تحدّده ثقافةُ المتلقّي ووعيُهُ وخلفيّتُهُ ومُستواهُ الفكريُّ. ولا عجب في أنّنا نُصادف مجموعاتٍ لا تُحصى، تُمارِسُ طقوسًا وهي لا تعرفُ السّبب أو ما معنى ما تقومُ به، ذلك لأنّ الإنسان اعتاد على الخوف من العقاب، واعتبر أنّ عليه أن يُطبّق من دون اعتراض حتّى يهربَ من النّار ويكفّرَ عن ذنوبه فيصل إلى الجنّة. وكأنّ الإنسان يلهو في تطبيق التّعاليم ولا يتسنّى له الوقتُ للتّدقيق فيها. وهكذا تسير الشعوب في فانيةٍ مرصّعةٍ بالطلاسمِ ومُطرّزةٍ بالعجائب والغرائب، مرهقةً الأفراد في استحالة الوصول إلى أجوبةٍ... نشهد اليوم زخمًا في المعلومات المشوّهة للواقع وتنتشر انتشارًا ناريًّا، لربّما بسبب بعد العامّة عن التدقيق والميل إلى تلقّف كلِّ ما يُسمعُ أو يُقرأ، بصرف النظر عن مصدره أو خلفيّاته... فلقد انتشرت، على سبيل المثال، ظاهرة إرسال صلاة إلى عدد من الأشخاص وإلاّ سينال المتمنّع عن إرسالها جزاءً مُرعبًا، والمخيف أنّ "المؤمنين" و"المتديّنين" يرسلونها قبل غيرهم من الفئات أحيانًا، من مبدأ: نفّذ ولا تفكّر ولا مجال لأن تعترض! والسّؤال المحيّر هنا، هل الإنسان من دون مبدأ الترهيب والترغيب لا يؤمن؟ هل الخوف من الدينونة والآخرة هو الذي يجعل الناس يستقيمون في التصرّفات؟ وهل المبادئ والأخلاق تسقط مع تراجع الإيمان؟ لا يسعُنا إلاّ أن نقول: " كلّ مين عدينو الله يعينو"، فالله واحد ولغة الخير واحدة، وكلّما اختلف اثنان في وجهة النظر كسب العالم وجهة نظر ثالثة،

ولكن لِمَ يصل الناس إلى ممارسة تعاليم دينيّة بطرق خارجة عن النصّ الأساس؟ وما هو دور رجال الدين في تقليص هذا الضياع وفي نشر الوعي والإرشاد؟للتّعمّق في قضيّة الفكر الدينيّ والكلام على الشرخ الحاصل بين ما هو منصوص وبين الممارسات، نظّم مؤسّس منتدى لقاء لقاءنا الذي عنونه " الفكر الدينيّ بين النصّ والممارسة" وجمع فيه نخبة من المفكرّين، كما سيلي الندوة نقاش وحوار تفاعليّان.

ختامًا، نقول:

نحن نولد مسيّرين في انتقاء ديننا ولكنّنا في حياتنا مخيّرين في عدّة أمورٍ،

فأن نؤمن أو لا، نحن أحرارٌ،

ولكن ألاّ نفكرّ، فهذا طرحٌ لا يجدر أن يكون نافذًا .”

  • الروابط*

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد