- Advertisement -

- Advertisement -

تأليف الحكومة ممكن .. بشرط؟

المركزية – حكومياً، ثبت بما لا يقبل أدنى شك، انّ كل التمنيات والدعوات إلى تشكيل حكومة، ليست اكثر من «تعب قلب» ومضيعة للوقت، في مشهد حكومي مسدود ومعطّل بالكامل، حيث أنّ الرّاسخ في الذهن العام، والجلي، حتى أمام أصحاب هذه الدعوات والتمنيات، هو أنّ إخراج حكومة متوافق عليها، من خلف هذا الانسداد، بات أضعف الاحتمالات، لا بل الاحتمال المستحيل. الّا إذا اقتحمت المشهد الداخلي مفاجأة حكوميّة في لحظة ما، تكسر كل «المعطّلات» التي تسدّ طريق التأليف، وتفرض حكومة جديدة ولو كره المعطّلون.

ومع هذا الملف، المعطّل بتعمُّد تعليقه على حبل طويل من إشتراطات ومعايير لا يبدو انّها من النوع القابل للتعديل تبعاً لمواقف المتمسكين بها، لا يصحّ القول إنّ تأليف الحكومة معطّل بفعل فاعل وحده، بل هو معطّل بفعل فاعلين حسموا مسبقاً أن لا إمكان لتشكيل حكومة جديدة في الفترة المتبقية من ولاية الرئيس ميشال عون. ومن هنا تتجلّى البرودة الصارخة والحماسة المفقودة في مقاربة المعنيين المباشرين لتأليف الحكومة، وكأنّ في ما بينهم اتفاقاً في الخفاء على التسليم بدخول لبنان مرحلة انتقالية بين عهد رئاسي يغادر وعهد رئاسي قادم، وبالتالي إنزال الحمل الحكومي عن اكتافهم، وإبقاء البلد خاضعاً لتصريف الاعمال حتى بدء ولاية الرئيس الجديد للجمهورية.

Ralph Zgheib – Insurance Ad

على ما هو معلن، في موازاة هذا الإنسداد، أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي سيلتقيان من جديد. الّا إذا حالت «جهود المعطّلين» دون عقد هذا اللقاء، ونجحت في ترحيل هذا اللقاء إلى أجل غير مسمّى، وخصوصاً انّ التشويش على هذا اللقاء قد اشتدت وتيرته اعتباراً من اللحظة التي أُعلن فيها عن عقده بين الرئيسين بعد عودة الرئيس المكلّف من سفرته الخارجية.

ويفترض في هذا اللقاء، إن عُقد، أن يقدّم الرئيس المكلّف جوابه عن الملاحظات التي طرحها رئيس الجمهورية في اللقاء الأخير بينهما، علماً انّ الاعلان عن لقاء جديد بين عون وميقاتي، ترافق مع إشارة واضحة إلى انّ لدى الرئيس المكلّف افكاراً جديدة سيطرحها على رئيس الجمهورية.

وعلى ما تؤكّد مصادر سياسية مسؤولة لـ«الجمهورية»، فإنّ تأليف حكومة جديدة ممكن في حالة وحيدة، وهي عندما يُحسم الأمر والقرار الجدّي والمسؤول بتشكيلها، دون التعلّق بأي اعتبارات أو النظر الى أي سقوف زمنية لولاية هذه الحكومة أكانت شهراً او شهرين او حتى يوماً واحداً. ولكن حتى الآن ليس في أفق هذا الملف ما يؤكّد انّ ثمّة حسماً جدّياً في اتجاه تأليف حكومة.

وقالت المصادر: «جميع من لهم صلة بالملف الحكومي باتوا محشورين في زاوية الوقت القاتل، البلد يزيد اهتراء، والوقت يتآكل، وتضييعه بلقاء فارغ بين الشريكين في تأليف الحكومة، يجرّ لقاء آخر بينهما، هي لعبة لا بل ملهاة ستفاقم هذا الاهتراء اكثر، ومن هنا فإن اللقاء المقبل فرصة للشريكين لجعله لقاء حاسماً ينهيان من خلاله الوضع الشاذ الذي يمرّ فيه البلد».

في هذه الأجواء، يؤكّد مطلعون على الجوّ الرئاسي لـ«الجمهورية»، انّ «الامور ليست مقفلة كما روّج لذلك البعض، وكل شيء قابل للنقاش، والرئيس عون من الأساس منفتح على كل نقاش إيجابي».

وبحسب هؤلاء، فإنّ «الرئيس عون لم يطرح شروطاً تعجيزيّة، بل هو قارب تشكيلة الرئيس المكلّف بمسؤولية، ووضع ملاحظاته عليها بهدف تسهيل وتسريع تأليف حكومة جديدة قادرة على أن تقوم بدورها ومسؤولياتها في هذه المرحلة، وباتت في عهدة الرئيس المكلّف، الذي يفترض أن يودعها رئيس الجمهورية، وعلى أساسها يُبنى على الشيء مقتضاه».

الّا انّ الأجواء الرئاسية الهادئة، اقترنت بهجوم سياسي من قِبل فريق رئيس الجمهورية على الرئيس المكلّف، تزامن مع الإعلان عن لقاء ثالث سيعقد بين عون وميقاتي. وبرز في هذا السياق الاتهام المباشر من رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل للرئيس ميقاتي، بأنّه لا يريد تشكيل حكومة.

الغرفة السوداء! وفيما أكدت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية» انّ الرئيس المكلف درس ملاحظات رئيس الجمهورية، وبنى على أساسها افكاراً جديدة يؤمل أنها تسرّع في ولادة الحكومة، ولكن لا نستطيع الحسم بذلك أو نستبِق موقف رئيس الجمهورية منها». لم يَشأ القريبون من ميقاتي الدخول في تفاصيل ما سيطرحه في لقائه المرتقب مع رئيس الجمهورية.

وعمّا اذا كان الرئيس المكلف قد أخذ بملاحظات رئيس الجمهورية، اكتفى هؤلاء بالقول: «كلّ ما يتصل بهذه الملاحظات وظروف تشكيل الحكومة مَتروك أصلاً للبحث والنقاش حصراً بين الرئيسين عون وميقاتي».

ووفقاً للاجواء السائدة في هذا الجانب «فإنّ النوايا التعطيلية لتشكيل الحكومة واضحة»، في اشارة مباشرة الى التيار الوطني الحر، مشيرة الى «الحملة غير البريئة التي تشنّ على الرئيس ميقاتي من اللحظة التي قدّم فيها تشكيلته الى رئيس الجمهورية، بدءًا بالتسريب غير الجائز للتشكيلة من قبل الاوساط القريبة من رئيس الجمهورية، وصولاً الى نسج سيناريوهات واخبار كاذبة تنسب الى الرئيس ميقاتي وقائع وهمية. واخيراً، وربما ليس آخراً، ما صدر مباشرة عن النائب جبران باسيل من كلام بلا أي مناسبة يتهم فيه الرئيس المكلف بأنه لا يريد تشكيل حكومة، وهو أمر تدحضه الوقائع، ذلك انّ الرئيس ميقاتي هو أكثر المستعجلين والمتحمسين لتأليف الحكومة الجديدة، وهذا ما أكد عليه فور تكليفه تشكيل الحكومة، وكذلك أكد عليه عملياً بأن سبق الوقت وأعدّ تشكيلة حكومته وقدّمها الى رئيس الجمهورية».

على أن الاساس في هذا الجانب يبقى ما ورد في «بيان الاضحى» الصادر عن الرئيس المكلف، والذي تضمّن اشارة واضحة الى «الجهود المكثفة حكومياً لوضع لبنان على سكة التعافي الاقتصادي والمالي والاجتماعي»، وتشديداً على «أن الوقت الداهم والاستحقاقات المقبلة يتطلبان الاسراع في الخطوات الاستباقية، وابرزها تشكيل حكومة تواكب الاشهر الاخيرة من ولاية الرئيس عون وانتخاب رئيس جديد للجمهورية».

وعشيّة اللقاء المرتقب بين عون وميقاتي، أبلغت مصادر مواكبة لملف التأليف إلى «الجمهورية» قولها: من حيث الشكل، يفترض أن يتبيّن في لقائهما الخيط الابيض من الخيط الاسود. اما في المضمون، ولأن النَفَس الايجابي مقطوع نهائيّا على خط التأليف، فيبقى الخيط الأسود هو الغالب».

تشكيك! هذه الصورة التشاؤمية تتقاطع مع تشكيك تُبديه مصادر سياسيّة على صلة وثيقة بمجريات ملف التأليف، حيث قالت لـ«الجمهورية»: المحسوم بالنسبة إلينا هو ان لا تأليف لحكومة جديدة. واذا كان ثمة حديث عن افكار جديدة، فهذه الافكار ينبغي ان تكون متوفّرة فيها قوة كسر الشروط والمعايير المانعة تشكيل الحكومة.

وبحسب معلومات المصادر عينها فإن «لا شيء يبشّر بالخير حتى الآن، فما تسمّى المعايير الرئاسية ثابتة، ولم يبدر عن رئيس الجمهورية او المحيطين به ما يشير الى إمكان تراجعه عنها، وقبوله بتشكيلة حكومية يقرأ فيها استهدافاً لتياره السياسي، اضافة الى ما يتعلق بوزارة الطاقة وإصراره على إبقائها بيد وزير محسوب على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر. وفي المقابل، فإنّ الرئيس المكلف حاسِم في ما خصّ الاسس التي بنى عليها تشكيلة حكومته، ولا سيما ما يتصل بانتزاع الطاقة من يد التيار.

واذ أكدت المصادر الموثوقة انها ليست على اطلاع بما كوّنه الرئيس المكلف من افكار جديدة، أعربت عن اعتقادها بأنّه قد تكون هناك فكرة جديدة، جوهرها إبقاء وزارة الطاقة من حصة الروم الارثوذكس، اي طائفة الوزير التي يتولاها حالياً، بفارق أنّ اسم وزير الطاقة الجديد يتم التفاهم عليه بين الرئيسين عون وميقاتي شرط الا تكون له صلة من قريب او بعيد بالتيار الوطني الحر. الا انّ هذه الفكرة إذا صحّت، تحمل بذور فشلها مُسبقاً، مع إصرار عون على إبقاء وزارة الطاقة ضمن حصته، وإسنادها الى وزير يسمّيه».

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد