نقلا عن موقع grandlb
ليندا مشلب – “لبنان الكبير”
إفلاس وفلسنا… المشكلة الآن: كيف سنقلع من جديد وبمن؟ وأين هي نخبة اللبنانيين التي ستعيد بناء الدولة؟ هذا الكلام المحفوف باليأس الى حد التشاؤم المطلق هو لأحد أهم من شاركوا في صنع القرارات الاقتصادية منذ بضع سنين، مذكراً انه خلال الحروب السابقة، التي مر بها لبنان، هناك من هاجر على أمل العودة عندما تهدأ الأوضاع، اما الآن فإن طريقة الهجرة تؤكد أن من اتخذ القرار وسمحت له الظروف بالمغادرة لن يعود لا غداً ولا بعد غد ولا حتى بعد سنوات، الا اذا تغير لبنان عن بكرة ابيه نظاماً وانتظاماً وطبقة سياسية جديدة تحتاج أقله إلى 3 اجيال لانتاجها. فما مر به اللبنانيون غير منطقي ولا يتصوره العقل، وقد تأكدوا ان بلدهم كل 20 سنة أو أكثر أو أقل على موعد مع حرب وانهيار.
يقول السياسي المتخصص بالاقتصاد: “كيف لنا أن نتصور أن بلداً في هذا العصر لا كهرباء فيه؟ نحن دولة فاشلة لم تحكم يوماً نفسها بل كانت دائماً تابعة أو محتلة. وآخر ضروب الغباء تحت مسمى العبقريات هي انه كان لدينا 30 ملياراً منذ سنتين صرفناها في سياسة دعم حمقى ولم يبقَ منها إلا حوالى 14 ملياراً أو أقل. فبعشرين ملياراً كان يمكن ان نصنع بلداً ونحن نبيع الآن انفسنا وسيادتنا ونستسلم لكل شيء فقط من أجل الحصول على ربع المبلغ”.
“Guilty until proven innocent”… هي حكومة نجيب ميقاتي يقول مصدر سياسي مشارك فريقه السياسي في الحكومة لموقع “لبنان الكبير”، ويضيف: “نحن لا يمكن ان نتأمل بشيء طالما أن العقلية الحاكمة لم تتغير وسياسة النكايات والاستئثار وتوزيع الحصص والمصالح لا تزال هي هي، صحيح أن الواقع أصبح جلياً فالخسارات فرضت نفسها وميقاتي الذي يريد أن يعمل وهو صادق بهذه النية، أصبحت مهمته أقل صعوبة لان الضربة واكلناها”، لكن ماذا يمكن ان تفعل الحكومة في هذا الوقت القصير والاكيد اننا متجهون الى اجراءات ترقيعية اكثر منها حلول جوهرية لتقطيع الانتخابات، حتى لو بدأوا رحلة التفاوض مع صندوق النقد فهذه العملية ستبقى صورية وكل الخبراء المختصين والمطلعين على عمل الصندوق يعلمون انه لا يأخذ على محمل الجد هذه الحكومة وينتظر حكومة ما بعد الانتخابات. والقول إنه حتى نهاية العام تنتهي المفاوضات هو كلام مبالغ فيه ورئيس الحكومة نفسه الذي يتعاطى مع هذا الموضوع بجدية سبق ان قال ان هناك امورا نستطيع القيلام بها وأموراً لن نتمكن من إنجازها، وخصوصا الهيئة الناظمة وهي من أهم شروط الإصلاح”.
وفي معلومات “لبنان الكبير” من مصدر مواكب لعملية التفاوض ان اجتماع ميقاتي مع وفد شركة “لازارد” التي أعدت خطة التعافي ركزت على أمرين: الاول تحديث الأرقام بما يتماشى مع رؤية لازارد وصندوق النقد، والثاني تحديث الحلول. فمن غير المنطقي تحميل المودعين والبنك المركزي والمصارف مئة في المئة الخسائر ولا يمكن ايضا إعطاء البنوك 40 مليار دولار. فالحل سيكون وسطياً. ورئيس اللجنة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ذو خبرة عالية في هذا المجال، ويعلم الكثير من الأمور وكيف تسير وقد اتفق مع وفد الصندوق على مهلة ثلاثة أسابيع لتقديم الخطة.
ويقول المصدر إن الرئيس ميقاتي يعي انه لا يمكن ان يميل نحو المصارف في وضع الحلول، خصوصا انه متهم بقربه من مصرف لبنان وفريقه الاقتصادي قريب من المصارف لذلك العين عليهم في وضع الحلول. مع العلم انه في الخطة الأساسية كان ثمة مشكلتان: الاولى تحديد الخسائر، وقد دخل البنك المركزي بعملية محاسبتية لم يقنع بها سوى النائبين إبراهيم كنعان ونقولا نحاس، ولا احد ممن يفهم ذرة اقتصاد اقتنع بهذه الأرقام. وهذا ما تسبب بتطيير الخطة لان صندوق النقد رفض استكمال العمل بمنطق غير صحيح. وهذه المعركة حالياً لم تعد موجودة بعد تأكيد الصندوق أنه يعترف بأرقام الحكومة. أما الامر الثاني، وهو الأصعب، البحث عن الحلول. ففريق لازارد يقول إن كل الخسارات يتحملها المصارف واصحابها والمودعون مقترحاً ما سمي بعمليةbail in ، والدولة يجب ان لا تبيع شيئا من أصولها، وتناسوا نهائيا دور الدولة بالتفليسة والفشل الذي وصلنا اليه. وقد طورت لازارد هذا المنطق عبر البحث عن حلول اخرى تحمل الدولة المسؤولية، كإعطاء جزء من عائداتها للمودعين على فترة زمنية محددة وهناك طرق اخرى ايضاً، وقد اقر الجميع ان الخسائر يجب ان توزع بين المودعين الذين تحملوا بشكل كبير طوال هاتين السنتين، واصحاب المصارف والمساهمين الذين يجب ان يكونوا خط الدفاع الاول في تحمل الخسائر عبر التعويض من رساميلهم وهو ما يرفضونه، كذلك الدولة. ولا ننسى أن الجزء الكبير من الخسارة أتى نتيجة تثبيت سعر الصرف على مدى السنوات الماضية، وعوامل سياسية اخرى.
ويوضح المصدر أن صندوق النقد لم يقبل بتاريخه يوماً أن تستخدم مساعداته وبرامجه في استرجاع أموال الناس. فمن سيتولى هذا الامر هو حصراً الدولة والمصرف المركزي، وفي كل الاحوال يؤكد المصدر أن لا اموال من صندوق النقد قبل الانتخابات لان الوقت لا يسمح وسقف النتائج سيكون اتفاقاً مبدئياً staff agreement مع الفريق المفاوض. والسؤال: كيف ستستطيع الحكومة تسيير الاحوال في الخمسة اشهر المقبلة على الرغم من ان ميقاتي يسير على السكة الصحيحة، فهناك امور سيكون من الصعب تحقيقها ولا سيما خفض سعر الدولار وتأمين التمويل للمساعدات التي بدأ العمل عليها من دون الوقوع في “وحول” التضخم واذا كانت المهمة الاساس لصندوق النقد هي تثبيت سعر الصرف، فإن هذه الخطوة لن تكون متاحة قبل الانتخابات.
وعن التفاوض مع الدائنين من اصحاب السندات السيادية “اليوروبوندز” يكشف المصدر عن أن هذا الامر مؤجل حالياً وقد ارسلوا اشارات ايجابية بهذا الخصوص من انهم سينتظرون تحسن الاوضاع في لبنان ولن يرفعوا دعاوى تحكيم او غيرها، خصوصا أن لا اصول للبنان في الخارج للمساومة عليها. ومعروف أن ديون لبنان من “اليوروبوندز” للخارج تبلغ 34 مليار دولار منها 16 ملياراً تعود لأشخاص في الخارج، ٩ مليارات للمصارف اللبنانية و4 مليارات لاشخاص لبنانيين و٥ مليارات للبنك المركزي، اما الداخلي فيفوق 100 مليار دولار وهنا الكارثة الكبيرة ما لم تُجترح حلول لتسديده أو تسويته.