نقلا عن موقع المركزية
جويل بو يونس – الديار
فور عودته من زيارته الاولى التي كانت وجهتها اوروبية بامتياز حيث حط على الاراضي الباريسية محصنا بدعم الرئيس ايمانويل ماكرون، ومعرجا من باريس على لندن، استهل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي نشاطه في السراي الاثنين حيث عقد سلسلة اجتماعات تناولت ملفات معيشية في مقدمها البطاقة التمويلية بعدما كان تصدر المشهد موضوع التحضير للتفاوض مع صندوق النقد الدولي والذي حضر باجتماع ترأسه رئيس الجمهورية ميشال عون صباح امس في بعبدا في حضور ميقاتي وكل من نائب رئيس الوزراء سعادة الشامي ووزير المال يوسف الخليل ووزير الاقتصاد أمين سلام وخُصّص للبحث في تحضير الملفات اللازمة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي.
هذا الملف سيحضر بحسب معلومات الديار من خارج جدول اعمال مجلس الوزراء الذي ينعقد الاربعاء في بعبدا من باب اللجنة التي ستشكل تمهيدا لبدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي. معلومات الديار تفيد في هذا الاطار بان اجتماع بعبدا امس بحث في اولويات التفاوض الذي سيستعاد سريعا كما اكدت اوساط بارزة متابعة اذ اشارت الى ان هذا التفاوض سيبدأ مباشرة بعد اجتماع الحكومة الاربعاء بعيد تشكيل اللجنة الوزارية المكلفة التفاوض.
الاوساط تكشف انه اضافة الى الوزراء الذين اجتمعوا في بعبدا امس سيضم الوفد المفاوض ايضا حاكم مصرف لبنان ووزير الطاقة وليد فياض وقد يلحق به في مرحلة مقبلة وزير الشؤون كما ان خبراء اقتصاديين سينضمون ايضا وفي مقدمهم شربل قرداحي.
اجتماع بعبدا امس تصفه اوساط مطلعة على جوه عبر الديار بالتحضيري لجلسة الحكومة الاربعاء، وقد ساده نقاش حول اولويات التفاوض مع النقد الدولي فكان اجماع على وجوب تأمين الحاجات الاساسية للمواطنين ولا سيما على صعيد وقف زحف الفقر الى الطبقات اللبنانية المواد الحيوية والسلع بعد رفع الدعم، وكذلك البطاقة التمويلية من باب تأمين التمويل قبل ان يتم الانتقال للمشاريع البنيوية الحيوية التنموية واساسها ملف الكهرباء ومرفأ بيروت.
واشارت الاوساط الى ان ما ستعمل عليه اللجنة فور تشكيلها هو وضع الخطوط العريضة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، على ان يتم الانتقال بعدها لوضع خطة التعافي كاملة. وفي هذا الاطار كشفت مصادر مطلعة ان المجتمعين لم يضعوا اي وقت او جدول زمني لاعداد الخطة، لكن ما استشف من لقاء عون ميقاتي ان الاخير يعول على ان تظهر نتيجة ما مع نهاية العام الحالي.
وفي هذا الاطار لفتت المصادر الى ان ما نقله ميقاتي لعون هو ارتياح بعد زيارته الفرنسية التي عاد منها مرتاحا مع وعد من الرئيس ماكرون بالتدخل والمساعدة عند الحاجة اذا تعرقل اي امر حتى في التفاوض مع صندوق النقد الدولي. كما تشير المصادر الى ان ميقاتي تلقى اشارات ايجابية من صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان، وهذا ما حفزه على الاسراع ببدء العمل.
ولكن هل سيذهب الوفد اللبناني الى المفاوضات بوجهتي نظر متضارية تماما كما حصل في السابق على عهد الرئيس دياب ، وبخلاف على موضوع الخسائر؟ عن هذا السؤال تؤكد مصادر مطلعة على جو بعبدا للديار ان الفريق المفاوض سيكون متضامنا متجانسا يتكلم لغة واحدة مع صندوق النقد الدولي، كاشفة ان خطة التعافي التي كانت خرجت بها الحكومة السابقة سينظر بها من جديد من باب محاولة الابقاء على ما هو جيد وتحديث ما يجب تحديثه لكن الاكيد انها لن تكون نفسها.
وبانتظار اللجنة التي سيشكلها مجلس الوزراء، فقد تسلم الوزراء جدول اعمال الجلسة الاولى للحكومة الاربعاء وفيه 11 بندا تتقدمهم الموافقات الاستثنائية التي صدرت خلال فترة تصريف الاعمال.
اللافت في جدول اعمال مجلس الوزراء بحسب النسخة التي حصلت الديار عليها ، هو البند الثالث الذي يشير الى موضوع احالة جريمة انفجار التليل العكارية على المجلس العدلي.
على جدول الاعمال ايضا مشروع مرسوم ابرام اتفاقية قرض بين لبنان والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية للمساهمة في تمويل مشروع توفير المياه لاغراض الشرب والري في منطقة الضنية.
كما تضمن جدول الاعمال مشاريع مراسيم تقضي باحتفاظ بعض الوزراء الجدد بوظائفهم ومواقعهم السابقة ومنهم احتفاظ وزير العمل مصطفى بيرم ( وهو الذي يشغل منصب مراقب اول في ديوان المحاسبة) بوظيفته وكذلك احتفاظ وزير الثقافة محمد مرتضى بوظيفته (قاض في ملاك القضاء العدلي) واحتفاظ وزير الداخلية بسام المولوي بوظيفته ( هو قاض في ملاك القضاء العدلي) اضافة الى احتفاظ وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية نجلا رياشي بمنصبها كسفيرة في ملاك وزارة الخارجية .
وبانتظار كيف سيكون عليه الجو السياسي في جلسة الحكومة الاربعاء ولا سيما لجهة احالة انفجار التليل الى المجلس العدلي، فالاكيد ان هذه الجلسة ستشكل الامتحان السياسي الاول لحكومة «معا للانقاذ» علما ان بعض المتابعين للمشهد السياسي باتوا على قناعة بان حكومة ميقاتي لن تصنع الاعاجيب ولن تكون الا مرحلة تمرير «وقت» بانتظار ما بعد الانتخابات مع حديث في الكواليس عن اتفاق على عودة ميقاتي لترؤس الحكومة بعد الانتخابات النيابية.
على اي حال وبالانتظار، كشفت اوساط مطلعة على جو رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ان الاخير غير متفائل بالمرحلة المقبلة لا بل يعبر في مجالسه عن خوف على لبنان «الذي بات في خطر» والمقصود هنا بحسب ما ينقل عن جنبلاط هو لبنان الكيان المتنوع ولبنان الرسالة ، وتنطلق» انتينات جنبلاط الشهيرة» في قراءته هذه، وهو المعروف عنه قدرته على التقاط الاشارات الخارجية وقراءته الصائبة للمشهد السياسي في المنطقة، من ان واقع ما يحصل يشير الى ان لبنان بات ملتحقا بمحور معين والمقصود هنا محور الممانعة (الذي هاجمه جنبلاط في تغريدته الاخيرة اسم) في ظل الغياب الخليجي والتخلي عنه من دول وازنة.
فهل تصيب نظرة زعيم المختارة للبنان المستقبل؟ او ان ميقاتي سينجح ويكرس لنفسه زعامة سنية تجعل منه الرجل الانقاذي في اصعب مرحلة تمر بها البلاد فيعيد معه لبنان الى السكة الصحيحة؟
لعل الاجابة عن هذا السؤال تحتاج الى اشهر قليلة لتتبلور!