نقلا عن موقع المركزية
كتب منير الربيع في صحيفة المدن:
في كل محطّة حكومية بلبنان أو في أي من الاستحقاقات اللبنانية، تكون إيران من أوائل طالبي زيارة بيروت رسمياً. وهذا منذ تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، إلى حكومتي الرئيس سعد الحريري في عهد الرئيس ميشال عون، وحالياً بعد تشكيل الرئيس نجيب ميقاتي حكومته.
اكتمال المسار
وسارع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى تحديد موعد زيارته لبنان. وهو الشخصية الرسمية الأولى التي تطلب مثل هذه الزيارة بعد تشكيل ميقاتي حكومته. ويأتي عبد اللهيان إلى بيروت ودمشق، بعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد أسابيع على مشاركته في قمة بغداد ولقائه خلالها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتلقيه منه دعوة لزيارة باريس.
وليس توقيت الزيارة الإيرانية الرسمية إلى لبنان صدفة بعد تشكيل الحكومة. فأغلبية المسؤولين الإيرانيين يأتون تحت عنوان واحد: “نحن إلى جانبكم وجاهزون لتقديم المساعدات التي تريدونها”.
وهذه المرّة يحط عبد اللهيان في بيروت – بعدما كان مكلفاً بالشؤون اللبنانية – مدعّماً ببواخر وصهاريج المازوت والبنزين التي عمل ويعمل حزب الله على استقدامها من إيران عبر سوريا. ويدعمه أيضاً تصريح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية الذي أبدى استعداد بلاده لتقديم المساعدات التي يحتاجها لبنان، إذا تقدمت الحكومة اللبنانية بطلب رسمي.
وهذه المواقف معطوفة على التطورات السياسية وموازين القوى تؤكد أن الزيارات الرسمية الإيرانية السريعة – إضافة إلى زيارات غير معلنة وغير رسمية لقائد فيلق القدس اسماعيل قاآني وقادة آخرين في الحرس الثوري – تتكامل في ما بينها لتكوين تصور واضح عن دخول لبنان في العصر الإيراني.
طهران – بيروت
وهذا مسار سياسي لا يمكن لطهران أن تتراجع عنه أو تفرّط به، بعد اختراقها المراتب والحدود اللبنانية كافة تقريباً. وهي تعتبر أن المجلس النيابي بأكثريته موالياً لها، ورئيس الجمهورية حليفها، وحزب الله قوتها الأكبر في المنطقة وصاحب القرار الأساسي في البلاد.
ولزيارة وزير خارجية إيران هذه بعد سياسي ومعنوي رسمي، يشير إلى فتح الطريق الإيرانية إلى بيروت بشكل كامل، بعدما نجح حزب الله والحرس الثوري الإيراني في فتح طريق بيروت من الأراضي الإيرانية عبر العراق وسوريا. وقد تجسد ذلك في انتقال قوافل صهاريج المحروقات من سوريا، فأسقطت الحدود، وثبت النفوذ الإيراني على هذه المساحات الجغرافية الواسعة.
وهذا لا يخلو من تبعات سياسية داخلية وخارجية. فالزيارة والتعامل اللبناني معها بعد إدخال المحروقات، ينعكسان سلباً على نظرة دول الخليج والدول العربية إلى لبنان.
النظام السوري وابتزازاته
وفيما يعتبر ح ز ب الله وإيران أن سماح الولايات المتحدة الأميركية بدخول الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سوريا، رد فعل على خطوات طهران، يعمل الحزب إياه على الاستفادة من ذلك لكسر الحصار عن النظام السوري وفك عزلته. هذا فيما يستمر التنافس النفطي بين إيران من جهة والعرب والأميركيين من جهة أخرى. لذا تندفع طهران إلى التشدد في مواقفها في المرحلة المقبلة، وخصوصاً في ملفات أساسية على رأسها ترسيم الحدود.
وتقول مصادر معارضة لسياسة إيران إن هناك تخوف من إعاقة عملية نقل الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان، بعد أن يستفيد منها النظام السوري سياسياً ومعنوياً في درعا تحديداً، من خلال إنجاز تسوية هناك. فيعمل على إخراج قوات المعارضة وإدخال قواته بذريعة توفير الاستقرار لتمرير الغاز والكهرباء. وبعدها تُسهدف الأنابيب والشبكة، لأن إيران لا تريد أن يحصل هذا المشروع بدون موافقتها لتكون هي لاعب الدور الرئيسي فيه. وهذا يرتبط لاحقاً بملف ترسيم الحدود البرية والبحرية، والتي تعتبر طهران أنها الطرف الأقوى فيه وستكون شريكة أساسية في أي إتفاق يحصل.