نقلا عن موقع المركزية
أكدت مصادر «متفائلة» ل”الأنباء الكويتية” أن إعلان الرئيس المكلف نجيب ميقاتي للحكومة الجديدة تأجل إلى اليوم، التزاما بالحداد العام على وفاة رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالأمير قبلان، واحتراما لمناسبة تشييعه التي جرت أمس. واستبعدت المصادر لـ «الأنباء» حصول اختراقات مفاجئة لمسار التأليف، وبقي اسم واحد على عهدة الرئيس ميشال عون بعد معلومات عن عقد الاجتماع الـ 14 بينهما مساء أمس، حيث قدم ميقاتي التشكيلة المتفاهم على 23 من وزرائها، وينتظر أن يحسم الرئيس الاسم 24 إيجابا، وإلا فإن المشكلة ستكون بينه شخصيا، وبين الفرنسيين، رعاة التركيبة الحكومية العتيدة هذه المرة.
وفي آخر المستجدات كشفت مصادر لـ “القبس” ان الـ24 ساعة المقبلة ستكون حاسمة، ونقلت ان التشكيلة انجزت على اساس «3 ثمانيات» ولكن نبتت عراقيل جديدة أعادت العملية الى المربع الاول، مثل انتقال حقيبة الاقتصاد الى الرئيس ميقاتي والتعويض على الرئيس عون بنيابة رئاسة الحكومة بعد سحبها من الحزب السوري القومي، على ان يعين رئيس الجمهورية شخصية مقربة منه تتولى ترؤس وفد لبنان للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، او التعويض عبر وزارة الزراعة الخارجة من حصة الرئيس بري، وهذا الأمر كان مدار بحث بين ميقاتي وبري. واضافت المصادر ان ميقاتي حمل المدير العام للامن العام التشكيلة الاخيرة المنقحة وفيها اسم وزير الاقتصاد ولائحة بأسماء مسيحية ليختار منها عون اسمين يحلان عقدة الوزيرين المسيحيين الاضافيين الا ان عون تحفظ على الاسم المقترح لتولي حقيبة الاقتصاد، وهي الخبيرة في الحماية الاجتماعية والعمل في منطقة الشرق الاوسط في البنك الدولي حنين السيد. فضلا عن رفضه الأسماء المسيحية المقترحة من قبل ميقاتي.
وفي معلومات لـ القبس، فقد زار اللواء عباس ابراهيم القصر الجمهوري مرتين بعد توافر اشارات خارجية سهلت «نظريا» عملية التأليف، على هامش الاتصال الهاتفي بين نائبة وزير الخارجية الاميركية وميقاتي، كذلك على اثر الاتصال بين الرئيسين الفرنسي والايراني.
وقد يرى البعض أن التجارب مع الفريق الرئاسي لا تطمئن، إذ بعد حل كل عقدة يطلعون بعقدة جديدة، وآخر المفاجآت كما ورد في “الأنباء الكويتية”محاولة استبعاد د. فراس أبيض مدير مستشفى رفيق الحريري الحكومي في بيروت، والمدرج اسمه كوزير للصحة، لكن المحاولة لم توفق، خصوصا أن البلاء الحسن للدكتور أبيض في مكافحة فيروس كورونا رفع أسهمه الوزارية منذ أول تشكيلة أعدت.
وبررت المصادر ثقتها من ولادة الحكومة اليوم الأربعاء باستكمال المداخلات الدولية دورتها، في الخارج والداخل. وإلى جانب تحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مباشرة، كان هناك اتصال من نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية مع الرئيس ميقاتي، ثم اتصال مع الرئيس عون نفته مصادر بعبدا لاحقا، كما اتصل وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط جيمس كرفرلي بالسفير اللبناني في لندن رامي مرتضى بشأن التطورات في لبنان وتداعياتها في حال عدم استجابة قادته إلى إجراء إصلاحات عاجلة.
واستقبل مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان في دار الفتوى المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا، وجرى البحث في الشؤون اللبنانية وأوضاع المنطقة، حيث شددت على الحاجة إلى حلول فورية، وقالت «توافقنا مع سماحته على اعتبار أن تشكيل الحكومة لا يمكن أن يتأخر أكثر من ذلك».
في هذا السياق، غرد النائب السابق فارس سعيد أمس قائلا: إذا اعتذر الرئيس ميقاتي عن تأليف الحكومة، سننتقل حكما نحو معركة رئاسة جمهورية مبكرة.
وبالعودة إلى التشكيلة الحكومية، يتوقع ان يكون الاسم الرابع والعشرين، لمن سيتولى وزارة الاقتصاد، بعد طرح الرئيس المكلف، عبر الوسيط اللواء عباس إبراهيم، اسم حليمة السيد الخبيرة الأولى في الحماية الاجتماعية في منظمة الشرق الأوسط التابعة للبنك الدولي، ويبدو انها لم تحظ بموافقة الرئيس عون!
أما الأسماء التي أمكن الاتفاق عليها حتى الآن فهي: هنري خوري لوزارة العدل، عبدالله بوحبيب للخارجية، رفول البستاني للشؤون الاجتماعية، موريس سليم للدفاع، وليد فياض للطاقة، وغابي سلامة للمهجرين (محسوبون على الرئيس عون)، فادي شلاح للبيئة، وعباس الحلبي لوزارة التربية.
وذهبت وزارة الصناعة لحزب الطاشناق الأرمني، والاقتصاد لفريق ميقاتي، والشباب والرياضة لحزب طلال أرسلان، والاتصالات والإعلام لتيار المردة، والأشغال العامة والعمل ل ح ز ب الله، والمالية والثقافة لحركة أمل، بانتظار تحديد وزارة ثالثة لهذه الحركة بين السياحة أو الزراعة.
المصادر المتابعة ذكرت أن الرئيس عون، الذي تخلى عن مطلب وزارة الاقتصاد، ومازال ينتظر البديل، مع التصويب على نيابة رئاسة مجلس الوزراء، وهو موقع للطائفة الأرثوذكسية تقليديا، ويترأس الوفود الحكومية إلى الخارج بتكليف من رئيس الحكومة، ويبدو أن الرئيس عون مهتم باستحواذ هذا المنصب كون صاحبه سيرأس المفاوضات مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ويشارك في رسم السياسة المالية للدولة.
ولفت استباق ح ز ب الله للتطور الحكومي المستجد، حيث سارع إلى توسيع نشاطه الاجتماعي باتجاه منطقة عكار الشمالية، موزعا تعويضات مالية نقدية على ضحايا الحريق النفطي في بلدة «التليل» بنسبة 30 مليون ليرة لبنانية لورثة الضحية (1500 دولار تقريبا) و15 مليونا لكل مصاب (750 دولارا) وسط غياب حكومة تصريف الأعمال وهيئتها العليا للإغاثة، وتجاهل الفعاليات السياسية والمالية، في المنطقة التي كانت تعد بمنزلة عرين تيار المستقبل.
علِمت «الأخبار» أن «مفاوضات مباشرة يديرها قنصل لبنان الفخري في موناكو مصطفى الصلح (صهر طه ميقاتي) مع الوزير باسيل لتذليل ما تبقّى من عقبات أمام ولادة الحكومة». وقالت مصادر مطّلعة إن «الصلح تربطه بباسيل علاقة صداقة قوية، وهو ما دفعَ الأخوَين ميقاتي إلى أن يكونا أكثر تفاؤلاً، على اعتبار أنها تجعل فرص التوافق أكبر».
وفيما يترقّب المعنيّون مفاوضات باسيل ــــ الصلح والنتيجة التي ستحقّقها، قالت مصادر مطّلعة إن «مسؤولية التعطيل مشتركة»، مشيرة إلى أن «ميقاتي ليس على كلامه رباط، وقد أدخل أكثر من مرّة تعديلات على توزيع الحقائب والأسماء، بعكس ما كان يجري الاتفاق عليه مع عون وباسيل». وكشفت المصادر أن «الأسبوع الماضي، أي منذ بدء اللواء إبراهيم حراكه، تبدّلت التشكيلة أكثر من عشر مرات»، وهذا الأمر «كان سبباً أساسياً في اللقاء الذي جمع ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري. إذ طلب من معاونه السياسي النائب علي حسن خليل الاستفسار عمّا يجري قبل أن يطلب الاجتماع بالرئيس المكلّف في عين التينة».
وبناءً على هذه الوقائع، قالت مصادر سياسية بارزة على بيّنة من المشاورات ل”الأخبار” إن «الحديث عن عودة إلى النقطة الصفر مبالغٌ فيه، تماماً كما القول بأن الحكومة صارت قريبة». وقالت المصادر «إننا في منتصف الطريق. فإما أن تؤدّي المفاوضات الى اتفاق نهائي، أو يعود الرئيسان عون وميقاتي أدراجهما الى المربّع الأول، وحينها تُصبِح كل الخيارات مفتوحة ومن بينها الاعتذار».
ورأت المصادر أن التطوّرات المذكورة أعلاه إنّما تؤكّد حقائق عدة، تعدّدها على الشكل الآتي:
ــــ لا يتحمّل طرف واحد من طرفَي الصراع مسؤولية إفشال كل حراك حكومي، بل إنهما معاً يدفعان في اتجاه العرقلة.
ــــ ليسَ صحيحاً أن باسيل لا يتدخّل في المفاوضات. فعلى عكس كلّ كلامه عن أنّه لا يريد المشاركة في الحكومة، فهو يتولّى خياطة كل تفصيل يتعلّق بحصّة رئيس الجمهورية، والدليل هو أن النقاش يجري معه بالمباشر.
ــــ الثلث المعطل أو الضامن ليس مجرّد اتهام غير مبنيّ على دلائل، فالمعركة الحالية هي معركة مقنّعة على هذا الثلث وتخاض بعناوين حركيّة كالأسماء والحقائب، لكنها في الحقيقة معركة حسم من له الكلمة العليا داخل مجلس الوزراء.
ــــ وقائع المفاوضات تؤشّر إلى أن الصراع ليس على الصيغة ولا التشكيلة، بقدر ما هو صراع على جدول أعمال الحكومة وبرنامجها. من التدقيق الجنائي إلى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ومستقبل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعدد من الموظفين الذين يريد رئيس الجمهورية تبديلهم، إضافة إلى التعيينات والموقف من بواخر المحروقات الإيرانية والعلاقة مع دول الجوار بما فيها سوريا والمملكة العربية السعودية.
وبرأي المصادر «يصعب حتى الآن تصوّر أن يذهب ميقاتي إلى خيار الاعتذار في حال تعذّر الوصول الى اتفاق، لأنّ الفرنسيين والأميركيين غير راغبين في هذا الخيار، وهو لا يستطيع وحده اتخاذه. فضلاً عن أنّ الرئيس بري يحثّه على الاستمرار في المشاورات، علماً بأن رئيس المجلس حذّر ميقاتي من إعطاء عون وباسيل ما يريدانه، وإلّا فهو لن يشارك في الحكومة، وهو موقف أبلغه رئيس تيار المردة سليمان فرنجيّة إلى الرئيس المكلّف أيضاً».