نقلا عن موقع المركزية
أشارت مصادر سياسية مواكبة لمشوار التأليف عبر جريدة “الانباء” الالكترونية الى أن التكليف شيء والتأليف شيء آخر، داعية الى عدم الافراط في التفاؤل بقرب التشكيل لأن حديث ميقاتي عن حكومة اختصاصيين وفق المبادرة الفرنسية قد لا يريح البعض وبالأخص تكتل لبنان القوي بالدرجة الأولى وحزب الله بالدرجة الثانية. وأبدت المصادر خشيتها من اعتماد السيناريو نفسه الذي اعتُمد مع الرئيس سعد الحريري حيث تمت محاصرته حتى دفعه الى الاعتذار، لكن الفارق بين ميقاتي والحريري، تقول المصادر، إن الاول لم يشترط عدم لقاء النائب جبران باسيل بالرغم من انه لم يسمه في الاستشارات، اما الثاني فبنتيجة رفضه لقاء باسيل سارت الأمور على عكس ما يشتهي واستمرت العرقلة تسعة أشهر وانتهت الى الاعتذار عن التأليف.
من جهة أخرى، اعتبر مراقبون، بحسب “ألقبس” ان عملية التكليف أُنجزت قبل أسبوع، وتكفلت “مسرحية” الاستشارات بوضع اللمسة الأخيرة عليها، فيما يبقى السؤال الأساسي هل تتم عملية التشكيل بالسرعة نفسها، وينجح الرئيس المكلف نجيب ميقاتي حيث أخفق سعد الحريري ومصطفى اديب من قبله؟
فمع انطلاق الاستشارات النيابية غير الملزمة لميقاتي في مجلس النواب اليوم، بدأت رحلة تأليف حكومة يتطلع اللبنانيون أن تبصر النور قريبا، فيما قد لا تصل هذه الرحلة إلى خواتيمها السعيدة اذا لم تُذلل العُقد التي وضعت سابقاً امام الحريري الذي سمّى ميقاتي لتشكيل حكومة جديدة، مشدداً بعد لقاء عون على أنّ “البلد في حاجة ماسة إلى حكومة إنقاذية”.
ولا معطيات حتى الآن تجزم بولادة حكومة، رغم ما يشيعه المتفائلون عن توافق فرنسي- أميركي، معطوفا على كلمة سر إقليمية انتجت توافقا بين مختلف القوى السياسية على تكليف ميقاتي. علما ان أصحاب هذا الرأي يتحدثون عن حكومة تتجاوز مهام الحكومة الانتقالية، نظرا الى حيثية ميقاتي وعلاقاته الدولية، لاسيما أنها المرة الثالثة التي يسمى فيها لرئاسة الحكومة.
مصادر إعلامية كشفت لـ القبس ان الرئيس المكلف تعهد انجاز التشكيلة الحكومية في غضون شهر، والا فالاعتذار. لافتة الى ان عملية التأليف مرتبطة بمفاعيل الاتفاق الأميركي- الإيراني، فإذا كان هذا الاتفاق يلحظ تمرير حكومة كما حصل مع حكومة تمام سلام في 2014 بعد 11 شهرا على تسميته ستولد الحكومة سريعا، وفي حال العكس سيكون على لبنان انتظار نتائج المحادثات النووية التي تسير بالتوازي مع مشاورات اقليمية تتناول ملفات المنطقة من لبنان الى سوريا فاليمن.
ولم تستبعد المصادر استخدام مسألة الميثاقية في اي لحظة من قبل رئيس الجمهورية بعد امتناع أكبر كتلتين مسيحيتين عن تسمية ميقاتي.
من جهة أخرى، اشارت مصادر لـ “الأنباء” الكويتية الى ان الظروف الموضوعية التي أحاطت بتكليف سعد الحريري تبدو هي نفسها تحيط بتكليف نجيب ميقاتي، مشيرة الى ان سعد الحريري نفسه سمى ميقاتي كما فعلت أمل والاشتراكي والمردة ومعظم القوى النيابية كما كان الحال مع سعد الحريري. ورأت المصادر إن ميقاتي نفسه لن يفرط بما تشبث به الحريري، فالانتخابات على الأبواب والتنازلات ممنوعة في ظل الاستنفار الطائفي والمذهبي والمناطقي القائم.
أما بالنسبة للحريري ثمة من صنف اعتذاره عن تشكيل الحكومة في خانة الهزيمة أمام الرئيس عون ورئيس تياره باسيل، في حين يرى آخرون أن تسمية ميقاتي من بيت الوسط أعطى سعد الحريري صفة «صانع الرؤساء». وثمة ملاحظة ثانية للمصادر المتابعة وهي أن الانطباعات تشير إلى أن هذه الحكومة حكومة انتخابات ليس من حق أعضائها الترشح، لكن الرئيس ميقاتي لم يعلن أنه لن يترشح للانتخابات المقبلة.
والثالثة تعتقد أن هذه الحكومة ستعوم العهد في آخر سنواته العجاف وجواب المصادر أن التعويم هو للبلد الغريق حتى العنق. ورابعة سألت لماذا القبول بميقاتي من دون سواه، وجواب المصادر لأن هناك عقوبات فرنسية وأوروبية لن توفر رئيسا او مرؤوسا.
أما عن التشكيل الحكومي، فيجب أن يحصل قبل الرابع من آب للمشاركة بمؤتمر باريس لدعم لبنان من جهة، ولامتصاص غضب الجماهير في احتفالات الذكرى السنوية الأولى لانفجار المرفأ وهذه الأهم.
الى ذلك، كشفت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع كشفت لـ”الجمهورية” ان الستاتيكو القائم في لبنان سيستمر على حاله الى ما بعد 17 ايلول أي موعد تسلّم الرئيس الايراني الجديد ابراهيم رئيسي زمام الحكم، وإنما العقدة بحسب تعبير تلك المصادر لا تكمن ابداً في ان «يؤلف أو لا يؤلفان»! منبّهةً الى أن ما تشهده الساحة اللبنانية من تطورات وتجاذبات على صعيد التأليف والتكليف او حتى التطورات السياسية او القضائية المثيرة للجدل ليست سوى “ملهاة للوقت” وما هي إلا لإمرار استحقاقات مهمة، هي أكبر حتى من استحقاق 4 آب، اذ ترى المصادر نفسها انّ الاستحقاق الأهم هو 17 ايلول الذي سيُبنى بعده على الشيء مقتضاه.
وترجّح المصادر نفسها ان الستاتيكو القائم في الشرق الاوسط وفي لبنان تحديداً لن يتجلى مصيره سوى بعد تاريخ 17 ايلول موعد تسلّم الرئيس الايراني الجديد ابراهيم رئيسي زمام الحكم في ايران، عندها سيتضح مسار الاتفاق في المنطقة بحسب توزيع وتوسيع نفوذ القوى الكبرى، فيما تؤكد المصادر انّ هذا الامر لا يمكن لأحد معرفته قبل انتهاء الاتفاق الاميركي ـ الإيراني في فيينا.
وتؤكد المصادر نفسها ان ما يربط لبنان بهذه المفاوضات وبهذا السرد تحديداً يكمن في حالة الترقب التي ستستمر وبمرحلة «ملهاة للوقت» هي أقصى ما ستشهده الساحة السياسية في المرحلة الراهنة، وكل ما سيرافق تلك المرحلة من تصعيد او تبريد تكليف او عرقلة في التأليف لن يكون سوى لإمرار استحقاقين:
ـ الاول: تاريخ الرابع من آب، وذلك في محاولة لاستيعاب اصوات الغضب الشعبي وإخفاته.
– الثاني: تاريخ السابع عشر من ايلول، والذي من بعده يتمكّن لبنان من معرفة مصيره في ما إذا سيكون جائزة ترضية ام أضحية في مواسم الاعياد.