جان فغالي – “اساس ميديا”
يقول مطلع النشيد:
“من هالعالم كلّو جينا
رَسَمنا الخطوة ومشينا
نبني بقوّتنا وإيدينا
وطن للإنسان”.
لم يترك نعمة جورج افرام تفصيلاً صغيراً إلا وفكَّر فيه ووضعه في حركته الجديدة التي أطلق عليها اسم “مشروع وطن الإنسان”.
من الشعار فـ”اللوغو” فالنشيد (الذي كتبه ولحَّنه الشاعر طوني أبي كرم)، إلى “حفل الإطلاق”، فترتيب المسرح، وصولاً إلى اختيار “المشاهدين”.
انتهت المسرحية، فسُدِلَت الستارة، ونزل “الممثّلون” عن خشبة المسرح، ونظر بعضهم إلى بعض، وسألوا أنفسهم: مِن هنا إلى أين؟ ماذا يريد نعمة افرام؟ رئاسة؟ نيابة؟ حركة ثورية؟
في مؤتمر إطلاق “مشروع وطن الإنسان”، لماذا غاب أعضاء “جبهة المستقيلين”؟ هل أراد “الرئيس التنفيذي” أن يُعلِن استقلاله عن الجميع “من أوّل الطريق”؟ هل المؤتمر هو صفَّارة الانطلاق للانتخابات النيابية والرئاسية في ربيع وخريف السنة المقبلة؟
المشهد في مسرح “جامعة سيِّدة اللويزة” لا يُعطي أجوبة عن هذه الأسئلة، لكنّه يكشف جانباً من “الأهداف المبعثرة” للمهندس افرام. فهو رجل أعمال تعلَّم أن يخصِّص نسبةً من “محفظته المالية” في الاستثمار في أكثر من مكان، بعضها يحقِّق أرباحاً، وبعضها الآخر يخسر، وبعضها الثالث يحافظ على الرأسمال.
هكذا في السياسة، يحاول أن يُطبِّق ما تعلَّمه في “البزنس”:
“استثمر” في الانتخابات النيابية في دورة 2018 مع “التيار الوطني الحر”، في ذروة صعوده. كان “استثماراً” جيِّداً في السنة الأولى. خفَّت نسبة “الأرباح” في السنة الثانية. خرج منه ليستثمر في “ثورة 17 تشرين”. ضاعف الاستثمار من خلال القفز من سفينة مجلس النواب مع سبعة زملاء آخرين ليُشكِّلوا حالة اعتراضية وليواكبوا “ثورة” 17 تشرين، وكانوا يُعوِّلون على أنفسهم لتشكيل نواة “جبهة المستقيلين”، لكن سرعان ما تفرَّقوا “على وفاق” بعدما عجزوا عن التوافق على الاستمرار. فالمنطق أن يفترقوا لا أن يتوافقوا. فبين المستقيلين الثمانية ستة موارنة، وبين هؤلاء الستة أربعة مرشّحين مفترضين لرئاسة الجمهورية: نعمة افرام، ميشال معوّض، سامي الجميِّل، هنري حلو (سبق أن رشّحه النائب وليد جنبلاط في الدورة السابقة). وما اجتمع مارونيّان إلا وكانت رئاسة الجمهورية بينهما، فكيف إذا اجتمع أربعة؟
في مؤتمر إطلاق “مشروع وطن الإنسان”، لماذا غاب أعضاء “جبهة المستقيلين”؟ هل أراد “الرئيس التنفيذي” أن يُعلِن استقلاله عن الجميع “من أوّل الطريق”؟ هل المؤتمر هو صفَّارة الانطلاق للانتخابات النيابية والرئاسية في ربيع وخريف السنة المقبلة؟
في المؤتمر لم يحضر من المرشّحين المفترضين للانتخابات النيابية في كسروان سوى عضو المكتب السياسي الكتائبي الدكتور سليم الصايغ، (وهو بالمناسبة رئيس إقليم كسروان الكتائبي). هكذا يمكن تظهير نواة إحدى اللوائح الخمس في “قلعة الموارنة”. فهناك لائحة التيار الوطني الحر، ولائحة القوات اللبنانية، ولائحة العميد شامل روكز، ولائحة “مشروع وطن الإنسان”، ولائحة الشيخ فريد هيكل الخازن.
إثنتان من اللوائح الخمس ستولدان من رحم التيار: لائحة افرام ولائحة روكز، فهل ستأخذان من أصوات التيار؟ وماذا يبقى للتيار في هذه الحال؟ التحدّي للّائحتين بلوغ الحاصل من دون أصوات التيار، والتحدّي للتيّار محاولة إسقاط افرام وروكز.
أبعد من ذلك، هل تحتمل كسروان خمس لوائح؟
كسروان “العاصية”، كما تُسمَّى، هل تحتاج إلى مزيدٍ من الحركات و”الأناشيد”؟ هل تحتمل بكركي هذه الشرذمة الممثّلة في خمس لوائح؟
الموارنة يرسمون إشارة الصليب بالأصابع الخمس، فهل لهذا السبب ستكون لديهم خمس لوائح؟ وهل يتصارع الموارنة على عتبات بكركي؟ المتفائلون يتحدّثون عن “حيويّة”، فيما المتشائمون يتحدّثون عن ” تضعضع”.
ماذا عن النخبويين كالوزير السابق زياد بارود؟
ماذا عن الذين خرجوا أو أُخرِجوا من التكتل والتيار كالنواب السابقين جيلبرت زوين والدكتور يوسف خليل؟
ماذا عن “الإرث النيابي” للنائب السابق منصور البون؟
المشروع محفوف بالغموض غير البنّاء على الرغم من النيّات الحسنة للعضو المؤسّس والرئيس التنفيذي للمشروع.
في “المشروع” محاولة “تجميع أسماء” يجمع بينها “الماضي الجميل” أكثر من المستقبل الغامض.
من بين الأسماء حسن الحسيني نجل الرئيس حسين الحسيني، الذي يطمح إلى أن يحلّ محلّ عمّه مصطفى الحسيني في جبيل.
ومن الأسماء الدكتور حبيب مالك نجل الدكتور شارل مالك. هذا الاسم مستفِزّ للقوات اللبنانية لأنّه في السابق انتقل إلى جبهة العماد ميشال عون في ثمانينيّات القرن الماضي في عزّ صراع القوات مع عون.
ومن الأسماء عارف عبدالله اليافي نجل الرئيس الراحل عبدالله اليافي، وقد وُضِع في خانة “مجلس الحكماء”.
الآخرون أسماء غير معروفة، ومعظمهم من الأكاديميين الذين يوجدون عادة في كل جبهة أو حركة جديدة “عسى ولعلَّ”.
كسروان “العاصية”، كما تُسمَّى، هل تحتاج إلى مزيدٍ من الحركات و”الأناشيد”؟ هل تحتمل بكركي هذه الشرذمة الممثّلة في خمس لوائح؟
في التيّار خبثاء يسألون: لو لم يترشّح افرام على لائحة التيار عام 2018، هل كان فاز؟
إذا كانت النيابة لا تحقّق الطموحات، فلماذا يخرج منها ليعود إليها؟