نداء الوطن-
منذ بداية العام، عدة عوامل “إهمال” تجمعت لتخلق واقعاً معيشياً ضاغطاً كان بالإمكان تجنبه، فما فرضه تفاقم الأزمة الصحية من اتخاذ قرارات عامة بالإغلاق، ترافق، بحسب نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، مع إجراءات لا تمتّ إلى واقع الأزمة بصلة، “الأمر الذي عطّل سلسلة توريد البضائع وعقّد الأمور أكثر، وصولاً إلى تعرّض الكثير من المواد الغذائية الأساسية إلى الفقدان من الاسواق؛ ليس لعدم توفرها إنما لانعدام إمكانية إخراجها (من الموانئ) بسبب الاجراءات البيروقراطية”.
وإحدى هذه التعقيدات، براءة الذمة المالية التي يعطيها الضمان الاجتماعي، إذ منذ بداية العام الجديد لم تتمكن المؤسسات من تجديد براءة الذمة، بسبب الاقفال العام ومشاكل لوجستية أخرى. وعلى الرغم من إمضاء وزيري العمل والمالية على قرار يقضي بتمديد مفعول براءة الذمة لغاية 31/3/2021، فإن الجمارك لم تعترف بالقرار إلا بعد توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة عليه، وصدوره بالجريدة الرسمية. وحتى اكتملت دائرة تنقّل المرسوم بين الدوائر الرئاسية بقنوات البريد الرسمية وصدوره بملحق للجريدة الرسمية في 22 الجاري، كانت الصرخة قد ارتفعت من نفاد المواد من الأسواق.
مسألة ثانية لا تقل خطورة، وهي المتعلقة بإمكانية فقدان سلع حياتية أساسية للمواطنين بسبب إقفال أحد المختبرين اللذين يجب ان يصادق كل منهما على سلامة المنتج، فعدا عن التعقيدات غير المفهومة التي يخلقها شرط ضرورة إخضاع سلعة ما إلى مختبرين، وما يتطلبه هذا الأمر من هدر لعامل الوقت، فإن مختبر الفحص التابع لوزارة الزارعة بقي مقفلاً طوال المدة الفائتة بسبب وجود حالات كورونا فيه ولم يتم تأمين البديل عن خدماته. أما صناعياً، فعشوائية السلطة في قراراتها المتصلة بتدابير الإقفال التام فاقمت الأزمة وضاعفت التهديدات والتحديات اقتصادياً واجتماعياً وحياتياً، وهذا ما تبدى بشكل واضح من خلال السماح مثلاً لمصانع المواد الغذائية بالاستمرار في عملها، مقابل منع مصانع أخرى كالورق والكرتون والبلاستيك، ما أثر سلباً على مصانع الغذاء وحاجتها لتغليف بضائعها. وعندما سأل وفد جميعة الصناعيين رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب عن كيفية بيع الخبز مثلاً من دون أن تكون هناك أكياس نايلون لتعبئته، أجابهم بحسب مصادر صناعية: “يبيعوه بدون كيس”.
وإذ لا يفوت نقيب مستوردي المواد الغذائية الإضاءة على “إقفال المصارف وتعطل مقاصة الشيكات في مصرف لبنان ما يفاقم عجز التجار عن تسيير أمورهم المصرفية، لا سيما وأنّ تحصيل أي شيك يتطلب نحو أسبوعين”، يشير في الوقت عينه إلى كون قرار إقفال السوبرماركات “زاد الطين بلة” أيضاً، معرباً عن أسفه لكون دياب رفض منحها استثناء لمزاولة أعمالها، رغم تعهد أصحاب السوبرماركات باتخاذ أقصى درجات الحماية والوقاية، ما خلق مزيداً من التعقيدات على مستوى الأزمة الاستهلاكية خصوصاً في ضوء عجز المحال التجارية الصغيرة في الأحياء، عن تلبية كافة احتياجات ومتطلبات المواطنين خلال فترة الإقفال.
نداء الوطن