كتب المحامي أنطونيو فرحات في صحيفة “نداء الوطن” :
تحريف، تضليل، شدّ عصب، تزوير وتحريف متعمد للحقيقة بغية إيهام الشعب بشكل عام وبيئتهم بشكل خاص بأمور لم تحصل من جهة، ولأجل حجب الضوء عما اقترفت أيديهم من التوقيع على معاهدة وقف إطلاق النار إلى القرار 1701 مروراً بالترسيم البحري وكافة القرارات ذات الصلة… عن حالة إنكار “حزب الله” نتكلم.
نعم متلازمة الإنكار والانفصال عن الواقع صفتان أصبحتا تلازم “الحزب” من أمينه العام مروراً بكافة كوادره.

سعى “الحزب” إلى وقف إطلاق النار بأي ثمن حتى ولو كان على حساب بيئته وصدقيته ومصداقيته معها. نعم طالب “الحزب” بوقف إطلاق النار وأعلن رفع الراية البيضاء مستسلماً لإملاءات إسرائيلية لا ترحم بغية محاولة لملمة بعضٍ من أشلائه علّه يستعيد جزءاً من مكانته أكان على الصعيد الداخلي أو الخارجي لا سيما ضمن ما يسمى محور المقاومة.
إن جرم الاستسلام أشدّ ألماً من الانتهاكات الإسرائيلية وأكثر فتكاً من الاغتيالات التي قامت بها الأخيرة. إن جرائم العدو مهما تنوعت تبقى محط رد وانتقام لكن خيانة الأمانة وتشريد الناس والحسابات الخاطئة كيف يمكن السكوت والمسامحة عنها وما الذي يعوضها؟!
الأسوأ من كل ذلك، هو السعي الدائم من قبل “الحزب” إلى التقليل والتخفيف من وطأة ما حدث، والتركيز على خلق أفكار وبث إشاعات لا تعكس واقع الحال لا بل إنها تتناقض معه، ومن أبرزها أن سحب سلاح “الحزب” محصور فقط بجنوب الليطاني. في حين أن الحقيقة الممهورة بتوقيعه لم يجف حبرها بعد، بحيث ارتضى سحب سلاح كل الجماعات المسلحة غير الشرعية في لبنان، الأمر الذي وقّع عليه “حزب الله” من خلال وزرائه في الحكومة أكان من خلال تبني القرار 1701 والقرارات ذات الصلة وصولاً إلى البيان الوزاري الذي أشار إلى القرارات المذكورة إضافة إلى التزام الحكومة بتطبيقها كما أكد حق الدولة بملكية قرار الحرب والسلم.
وعليه، كما قال السيد المسيح “مرتا مرتا تهتمين بأمور كثيرة وتضطربين إنما المطلوب واحد”. المطلوب بناء دولة قوية عادلة قادرة على حماية جميع أبنائها. دولة تلتزم الحياد وتنأى بنفسها عن كل الخلافات والمشاريع التي لا تتوافق وأمنها القومي. دولة تسعى إلى التطور وتأمين الرفاهية لأبنائها. دولة شعبها متعصب لقوميته اللبنانية. المطلوب أن يلتزم ويحترم “الحزب” توقيعه لا أن تكون تلك الحركة من قبله مجرد شراء للوقت بغية إعادة كودرة نفسه وتنظيم صفوفه بانتظار ساعة صفر جديدة ومغامرة جديدة لبيئته وللبنانيين لا يرغبون بتجرّع كأسها. فلا داعي بعد اليوم لأن يضطرب “الحزب” أو أن يخشى على وجوده أو أن يلتزم حروب الآخرين على أرضنا وأن يكلف الشعب اللبناني فاتورة لا يريدها ولا تأتي عليه بالمنفعة بشيء. فلينغمس “الحزب” ويؤمن بالدولة اللبنانية الواحدة الموحدة للجميع.
إن المنطقة على فوهة تقسيم والمناكفات والمكابرة وعدم الواقعية السياسية وعدم التلاحم بين أبناء الوطن الواحد كلها أمور لا تجدي نفعاً وستؤدي حتماً إلى تغلغل أفكار شيطانية لدى البعض قد لا تحمد عقباها.
بناء على كل ما تقدم، تبقى الدولة هي الملاذ الآمن والحصن المنيع لكل متوجّس وتبقى المقاومة الوطنية تحت إمرة الشرعية هي المقاومة المنشودة في حال اعتدى علينا أي مغتصب ولم يتمكن الجيش والقوى الأمنية من صده الحق الذي كفله الدستور وكفلته المواثيق الدولية. يستفاد مما سبق بيانه عدم الرهان على عودة عقارب الساعة إلى الوراء.