لم يعد خفيا ان اتفاق وقف اطلاق النار حمل الى جانب البنود الـ 13 التي تتعلق بالميدان، بنودا اخرى خفية او ربما شفهية من اجل البدء بمعالجة الازمة السياسية وتداعياتها.
ففي حين اعلن رئيس مجلس النواب نبيه برّي تحديد موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 9 كانون الثاني 2025، قائلا: آليتُ على نفسي بعد وقف إطلاق النار الدعوة الى جلسة انتخاب ووفيت، كما كان لافتا تصويت كتلة الوفاء للمقاومة الى جانب التمديد لقائد الجيش وقادة الاجهزة الامنية – على خلاف الانسحاب من الجلسة المماثلة التي عقدت العام الفائت، حيث اكد النائب حسن فضل الله: ” صوّتنا لمصلحة الجيش كي لا يكون هناك شغور في قيادته وصوّتنا أيضاً لمصلحة العمداء والقوى الأمنيّة فالجيش هو صمّام السلم الأهلي ونريده أن يكون قوّياً، مشددا على “تمسّكنا بالجيش الذي قدّم دماءً وكان إلى جانب أهلنا”.
هل فعلا البلد امام بوادر تغيير، لا سيما ان المعطيات المشار اليها تأتي بالتزامن مع زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، اما انها مرحلة قصيرة من الايجابية تعقب وقف اطلاق النار كي يتنفس الناس الصعداء؟
“لا يمكن الجزم منذ الآن”، هكذا علق مرجع سياسي مواكب على هذه التساؤلات، قائلا، عبر وكالة “أخبار اليوم”، اتفاق وقف اطلاق النار يتناول حلولا سياسية ويبدو ان من اهم الشروط انتخاب الرئيس، ولكن في الوقت عينه لودريان لا يحمل اسماء بل يسعى الى تسهيل انجاز الاستحقاق بالاتفاق مع الجانب الاميركي، وهذا ما يمكن ان يعطي اشارات حول امكانية التوصل الى خرق ما على هذا المستوى، علما ان القضية لا تتوقف فقط على انتخاب رئيس بل ايضا المرحلة التي تلي بدءا من رئيس الحكومة والوزراء…
وردا على سؤال، اعتبر المرجع انه من المبكر رسم سيناريو لجلسة مطلع العام، ولكن ما يمكن استنتاجه ان نصاب الـ 86 نائبا سيتأمن وربما يتم الانتخاب في الدورة الثانية بنصاب الـ 65 .
واذ ادرج خطوة بري في اطار الضغط الكبير الذي يمارس على لبنان من اجل المبادرة سريعا الى انجاز استحقاقاته فيعود الاستقرار المنشود خلال مهلة الـ60 يوما التي تحدث عنها اتفاق وقف اطلاق النار، قال المرجع عينه: اننا سندخل مرحلة مفاوضات واعادة اعمار ويجب انتخاب الرئيس وملء الشغور.
وماذا عن المواصفات؟ قال: لم يعد هناك بحث في المواصفات، لانها فرضت نفسها بعد الحرب، وما كان مقبولا قبلها لم يعد بعدها، فالوضع تغير باتجاه يدعو الى الذهاب نحو الانتخاب لا تحديد مواصفات.
واضاف: على مدى الاشهر الاربعة السابقة، لم يكن متاحا البحث الجدي في الملف الرئاسي مع حزب الله لانه كان منشغلا بالميدان، اما اليوم ربما تنضج الافكار التي تؤدي الى انتخاب رئيس في الجلسة المحددة، لكن هذا لا ينفصل عن معرفة حقيقة الموقف الايراني الذي يشكل جزءا من الحلّ، فانطلاقا من علاقة طهران مع الولايات المتحدة يمكن ان يكون مسهلا او معرقلا.
وتابع: اما بالنسبة الى الموقف السوري، فيبدو جليا انه مسهل، لا سيما ان النظام فيها يريد الحفاظ على رأسه، وهو بالتالي سيلتزم ببنود القرار 1680 التي تشدد على ضبط الحدود بما يحول دون نقل الاسحلة وما سوى ذلك من تهريب من والى لبنان، وهذا ما كان قد ابلغه الرئيس السوري بشار الاسد الى الجانب الفرنسي في فترة سابقة.
واذا كان وجد حل ما لجنوب الليطاني من خلال الانسحاب المسلح الى ما وراء النهر وتطبيق القرار 1701 بآليته الجديدة، وهناك اتجاه للالتزام بالقرار 1680، فماذا عن القرار 1559، فشدد المرجع على انه لا يطبق بالقوة والا سيتحول الى مشروع حرب اهلية، لذا المطلوب من الاطراف المسيحية والسُّنية ان تتجه نحو عقلانية الخطاب، فتتجنب منطق الخاسر والرابح، من اجل استيعاب ما حصل اذ ان الحرب امر واقع واصبحت وراءنا، لذا يجب التفكير ببناء المرحلة المقبلة للحؤول دون تكرار ما حصل.
ورأى المرجع عينه ان هذه الفرصة سانحة لان التسوية الدولية التي تُحَضَر توحي بذلك، لذا محاكمة الماضي لن تؤدي الا الى صراع ونزاع داخلي، في حين ان خطاب امين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي اعلن فيه التمسك بالطائف يمكن البناء عليه!
عمر الراسي – وكالة “أخبار اليوم”