لم يرتبط مصير الشرق الأوسط مرة بحسم مصير رجل كما حصل عقب الغارة الزلزالية التي شنتها إسرائيل عصرأمس على حارة حريك – العاملية مستهدفة اغتيال الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله . حتى ساعات الفجر اليوم، لم يكن مصير نصرالله قد عرف وسط ضخ هائل من المعلومات والمعلومات المتضاربة، إن في الإعلام الإسرائيلي الذي جنح معظمه إلى ترجيح نجاح ضربة الاغتيال وإن في الإعلام العربي واللبناني والعالمي، علماً أن حجم الغارة الإسرائيلية على الحي السكني الذي استهدفته كان غير مسبوق لجهة استعمال قنابل خارقة للتحصينات زنة القنبلة الفّي رطل الأمر الذي أحدث زلزالاً أدّى تسوية ستة مبان بالأرض.
وحتى فجر اليوم ، ظل مصير الأمين العام الثالث لـ”حزب الله” الذي صار زعيماً “تاريخياً” للحزب منذ عام 1992 معلقاً ومجهولاً الأمر الذي اثار تساؤلات ومخاوف كبيرة حول أمكان ان تكون إسرائيل دفعت بالأمور إلى متاهة تفجير ضخم لن تبقى رقعته محددة بلبنان بل ربما يتجاوزه إلى المنطقة. ففي حين مرت ساعات طويلة ولم يصدر عن “حزب الله” أي بيان يميط اللثام عن مصير زعيمه تصاعدت الترجيحات والمخاوف من أن يكون ذلك ناجماً عن احتمال أن يكون مصير نصرالله قد صار في المرحلة الأشد خطراً من حقيقة الاغتيال.
وعززت هذه المخاوف تصريحات قادة ومسؤولين إيرانيين تحدثوا عن جريمة إسرائيل في هجومها على الضاحية ولم يأتوا على ذكر نصرالله اطلاقا . والأسوأ والأخطر ان إسرائيل رفعت الاستنفار الى أقصاه في سائر أنحائها استعدادا لهجوم كبير يشنه الحزب في الساعات المقبلة كما لاحت معالم استعدادات إيرانية لشيء ما كبير من خلال دعوة المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية الى اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي. ثم جاء الكشف عن مقتل قائد كبير في الحرس الثوري الإيراني في غارة الضاحية ليدفع بالغليان والترقب الثقيل وحبس الانفاس الى ذروته.
ولعل الحشود الإسرائيلية على الحدود مع لبنان التي تزايدت بقوة في الساعات الأخيرة باستقدام لواءين إضافيين إلى الأولوية الموجودة لم تكن وحدها كافية لرسم معالم اندفاع إسرائيل نحو احداث “التغيير الاستراتيجي في الشرق الأوسط” كما سمته ، فقامت بضربة هي الأخطر اطلاقا بهدف مزدوج: اغتيال نصرالله بقرار متخذ سلفا كان ينتظر اللحظة الاستخباراتية القاتلة، وعدم التردد عن ضرب عمق الضاحية الجنوبية، وزادت تصعيدها الهستيري بتوجيه انذار ليلا الى سكان وأهالي عدد من احياء الضاحية لمغادرة منازلهم بزعم وجودهم قرب مصالح تابعة للحزب وشهدت المنطقة ليلا موجة نزوح كثيفة. كما ذهبت بعيدا أيضا في استهداف بلدة بعذران الشوفية حيث بدا ان المستهدف كان النائب السابق في كتلة حزب الله طلال الساحلي الذي لم يصب فيما سقط ثمانية شهداء . وادى الاعتداء الى اثارة أجواء توتر شديد في صفوف أبناء البلدة والنازحين اليها .
حتى فجر اليوم اذن ، لم يكن ثمة امكان للجزم باي اتجاه قبل جلاء مصير السيد نصرالله . ولكن من الواقعي الجزم بان ما كان قبل ضربة الضاحية امس لن يكون مثله بعدها ، أيا كان ما ستتكشف عنه التطورات والأنباء في الساعات المقبلة . فاذا كان المحظور قد وقع فهو يعني اغتيال اكبر رموز المقاومة وحزب الله ومحور الممانعة واقوى حليف لإيران ، واذا كان نجا السيد فان الامر سيرتب تطورات خارقة أيضا في خطورتها . في الحالين قد تكون الحرب الشاملة اخطر ما فجرته إسرائيل في ضربتها امس .
المصدر – النهار