المركزية- لم تكن زيارة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون لباريس مجرد محطة عادية في سياق الحركة اللبنانية السياسية والامنية نحو الخارج طلبا لمساعدة في مجالي الاستحقاق الرئاسي ودعم المؤسسة العسكرية ،ولئن كانت في جزء منها كذلك. وليست الصدفة حملت الرجلين الارفع في موقعيهما ، في ظل الشغور الرئاسي، الى قصر الاليزيه حيث عقدت محادثات وخلوات تناولت في جزء منها ما لم يُسَّر الى العلن، ولا هي ستحمل المستشار الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين الى بيروت في اي لحظة .
هي خطورة الاوضاع التي بلغت مبلغا استدعى ويستدعي كل هذه الحركة ، في ظل تدحرج الاوضاع سياسيا وامنيا الى حيث تصبح العودة من النقطة التي ستبلغها بالغة الصعوبة والندم لا ينفع. اذ بات جليّاً ان الحرب الاسرائيلية على لبنان على الابواب وبدأت مرحلة العدّ العكسي، ما دامت التسوية القاضية بإبعاد حزب الله عن الحدود الجنوبية مسافة 10 كلم لاعادة المستوطنين الاسرائيليين الى منازلهم في شمال اسرائيل لا تجد ارضية صالحة ولا قبولاً من الحزب، بقرار ايراني حتماً، ولا تسلّم الجيش اللبناني زمام الامور في المنطقة الحدودية واردٌ.
كل ذلك، فيما الوضع الامني في الداخل على شفير الانفجار في ظل استشراء الفوضى على انواعها ، جرائم وسرقات وخطف واغتيالات وعصابات. وضع لا ينذر الا بالاتجاه سريعا نحو تحلل الدولة وانتهائها .
ازاء المشهد السوداوي السوريالي هذا، وجدت القوى المعارضة نفسها امام واجب رفع الصوت ، اذا كانت عاجزة عن احداث تغيير ما دامت طهران تخطف لبنان وحزب الله ينفذ المخطط ،غير آبه بالمصير الذي ينتظره، علما ان لا جبهة الجنوب نفعت غزة فيما تم تدمير المنطقة الحدودية واستشهد ما يناهز 400 قتيل من الحزب اضافة الى مدنيين، ولا صواريخ طهران ازالت تل ابيب من الوجود، كما تدعي وتعلل سبب وجودها في دول المنطقة. هي ستجتمع في الحادية عشرة والنصف قبل ظهر السبت في المقر العام لحزب القوات اللبنانية في معراب في لقاء تضامني وطني، تداعت اليه أحزاب وكتل ونواب وشخصيات تحت عنوان “1701 دفاعا عن لبنان”، سيبحث في تفاقم مسلسل القتل والاغتيال وتفلُّت الحدود والإمعان في تفكيك الدولة وانتشار السلاح غير الشرعي وزجّ لبنان في أتون الحروب الإقليمية.
صحيح ان اللقاء الوطني لن “يُخرج الزير من البير”، ولن يتخذ خطوات عملانية من شأنها فرملة الانهيار السريع والتدحرج نحو الحرب او منع اسرائيل من تنفيذ هجومها على لبنان والعدول عن قرار تبدو اتخذته، بحسب ما افادت تقارير اسرائيلية تحدثت عن “خطورة الوضع” عند الحدود مع لبنان وعن خطة لبضعة أسابيع ،اعدها الجيش الإسرائيليّ لتنفيذ عملية تسمح للسكان بالعودة إلى منازلهم بأمان، غير ان التحذير واجب لا سيما للحكومة اللبنانية لتحمل مسؤولياتها قبل فوات الاوان، ولا بد من اطلاق صرخة تؤكد مواقف المعارضة الرافضة جر لبنان الى الحرب واصرارها على النصوص المرجعية ووجوب التزام الدستور وتقديم مصلحة لبنان العليا على ما عداها، وفق ما تؤكد مصادر مُعدي اللقاء لـ”المركزية” مشددة على أهمية الموقف من موقع مشترك، لا كل من موقعه، وتوجيه رسالة تحذير لعدم جر لبنان الى حرب واسعة تريدها اسرائيل لضمان امن سكانها شمالا، خلافا لسكان لبنان المُهجرين بأمر عمليات ايراني.
وتعزز المصادر قناعتها هذه، بالاشارة الى ان واشنطن، ضابطة الايقاع الامني في المنطقة ، تمكنت من لجم حرب اسرائيلية –ايرانية واسعة، الا ان تل ابيب لا ترتدع في ما هو اقل شأناً، فهي لم تتنازل لرغبة حليفتها بالوصول الى هدنة في غزة قبل شهر رمضان وتبدو تتجهز لشن هجوم على رفح خلافا للارادة الاميركية وقد يكون موعد الهجوم على لبنان ليس بعيداً. تبعا لذلك، وانسجاما مع متغيرات المرحلة الخطيرة ستجتمع القوى المعارضة لرفع الصوت في مواجهة قرار تصفية لبنان وتحديد خطوات جديدة تتناسب والواقع المستجد.
نجوى أبي حيدر – “المركزية”