كتبت “أساس ميديا” :
تشهد وزارة الداخلية الأربعاء المقبل “حَدثاً”، بالمفهوم اللبناني في دولة “التعتير”، حيث يَعقد المدير العامّ للأحوال الشخصية الياس الخوري مؤتمراً صحافياً يُطلِق خلاله العمل ببطاقة الهويّة في كلّ المعاملات الإدارية بدلاً من إخراج القيد. لكنّ الحَدَث الآخر الموازي هو قرب إحالة الخوري إلى التقاعد و”مِطحنة” الأسماء حول هويّة البديل
يستند إعلان الخوري إلى التعميم رقم 10 الصادر عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عام 2011 باعتماد بطاقة الهويّة في كلّ المعاملات في الإدارات والمؤسّسات العامّة والبلديات، الذي لم يُنَفّذ طوال السنوات الماضية بسبب عدم وجود تاريخ انتهاء صلاحيّة لبطاقة الهويّة التي قد تَدخل تعديلات عليها مع الزمن بناءً على الوضع الاجتماعي أو شكل الصورة لحاملها. أي تكون غير updated.
وفق مشروع الخوري، يتمّ الاستحصال لمرّة أخيرة على إخراج قيد إفرادي، وعند استخدام بطاقة الهويّة يمكن الاستحصال على مستند تعريفي للمعلومات المعدّلة إلكترونياً عبر الـ QR code الخاصّ بإخراج القيد، حيث يتمّ إرفاق المستند التعريفي ببطاقة الهويّة في المؤسّسات الرسمية. أمّا كلفة المشروع فهي صفر دولار.
من سيَخلف الياس الخوري؟
توقيت إطلاق العمل ببطاقة الهويّة، الذي سبقه إطلاق إخراج القيد الإلكتروني في أيلول 2023. أتى عشيّة إحالة العميد الياس الخوري إلى التقاعد في الرابع من نيسان المقبل.
لا يُشبِه تقاعد الياس الخوري تقاعد غيره من المديرين العامّين. رجل الظلّ القويّ لكلّ الوزراء المتعاقبين منذ 30 عاماً مع وصول الوزير ميشال المر إلى الداخلية عام 1994 صاحب الـlow profile، هو حافظ أسرار الوزارة والعارف بدهاليز “الصنائع” وصاحب البصمة في أكثر من ملفّ.
مهندس الانتخابات النيابية والبلدية على مدى عقود أمسَك الوزارة بكلّ تفاصيلها من موقعه في الإدارة المشتركة. يحفظ أرشيفها عن ظهر قلب، وأعدّ العديد من النصوص التشريعية خصوصاً للبلديات، مع إدارة محكمة لبريد 7 مديريات عامّة في الوزارة وتطوير برامج المعلوماتية، ومكننة شبه شاملة للإدارات التي تسلّمها، وآخرها برنامج المحافظين الذي يتعلّق بترشيحات أعضاء البلدية والاختيارية.
تركوها لآخر يومين
وفق معلومات “أساس”، وبعدما سَرَت معلومات عن احتمال التمديد للخوري في موقعه، فإنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يردّد عبارة “تركوها لآخر يومين لنشوف شو بصير”. في ظلّ عدم ممانعته لبقاء الخوري في موقعه، لكنّ المشكلة في الفتوى القانونية.
فعليّاً، هناك عجقة أسماء مطروحة لموقعَيْ الأحوال الشخصية ومديرية الإدارة المشتركة اللذين يشغلهما حالياً العميد الياس الخوري. فيما خيار بقاء الأخير لا يزال مُمكناً من خلال تعيينه مستشاراً أو إيجاد تخريجة قانونية، تبدو صعبة، تبقيه مديراً عامّاً.
في المقابل، يُحاصَر وزير الداخلية بالمراجعات السياسية من أكثر من طرف لتزكية خيار البديل عن الخوري. والكلّ يتصرّف على أنّه شريك في الطبخة، من رئيس الحكومة إلى وزير الداخلية الذي يجزم أنّ القرار الأخير يعود له، ومن ينصّب نفسه حاليّاً “وصيّاً” على الطائفة الأرثوذكسية الياس بو صعب والمدير العامّ لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان وعدد من القوى السياسية على رأسهم جبران باسيل.
سويدان بدلاً من الخوري؟
وفق معلومات “أساس” يَضغط الوزير بسام المولوي لصدور قرار وزاري بتكليف مستشارته نجوى سويدان لتحلّ محلّ العميد الخوري في مديرية الأحوال الشخصية بالتكليف. فيما يضغط اللواء عثمان لتعيين رئيس فرع معلومات جبل لبنان العميد جورج خيرالله في الإدارة المشتركة في مقابل طرح بو صعب قائد الدرك بالإنابة العميد ربيع مجاعص الذي يُحال إلى التقاعد بعد عام.
المؤكّد حتى الآن أنّ الأمور لم تُحسَم بعد، وسويدان يمكن أن تُعيّن في الإدارة المشتركة ويكلّف بالمقابل ضابط لتسلّم “الأحوال الشخصية”. باختصار، الأمور مفتوحة على كلّ الاحتمالات.
كان الوزير المولوي عيّن سويدان ضمن فريق عمله قبيل الانتخابات النيابية عام 2022. تعتبر سويدان، وهي زوجة العميد في قوى الأمن الداخلي نبيل فرحات، “بنت الإدارة”، وكانت تشغل موقع قائمقام جبيل إلّا أنّ ضغط رئيس الجمهورية آنذاك ميشال عون والنائب جبران باسيل قبيل الانتخابات النيابية عام 2018 أدّى إلى وضعها بالتصرّف. استناداً إلى كتاب من التفتيش المركزي، وتكليف ناتالي مرعي، المقرّبة من العونيين، لتحلّ مكانها. وقد أصدر يومها الوزير نهاد المشنوق بياناً توضيحياً حول المسألة. لاحقاً تقدّمت سويدان بطعن أمام مجلس شورى الدولة وتمّ قبوله. سويدان حالياً مقرّبة من البطريرك بشارة الراعي وقائد الجيش جوزف عون ووزير الداخلية.
30 عاماً في الداخليّة
“يَسكُن” العميد الخوري في الداخلية منذ 1994، وبقي فيها كضابط جيش حتى عام 2003 حين انتقل إلى قوى الأمن الداخلي ليتسلّم أمانة سرّ المجلس المركزي في الداخلية الممسوكة بجدارة راهناً من العميد سامي ناصيف.
منذ عام 2010 بدأ الخوري بتسلّم مهامّ مديرين عامّين بالتكليف في المديرية العامّة للشؤون السياسية واللاجئين، ومديرية البلديات، ومحافظ بيروت بالتكليف إبّان ولاية الوزير نهاد المشنوق، ومدير الإدارة المشتركة بالتكليف منذ 2014 حتى اليوم.
في آب 2017 عيّنه المشنوق مديراً عامّاً للأحوال الشخصية بالأصالة من خارج جدول الأعمال بدلاً من سوزان الخوري، بعد تقديم العميد خوري استقالته من قوى الأمن الداخلي حيث كان يفترض أن يحال إلى التقاعد في نيسان 2018.
يومها كان الخوري آخر ضابط يعيَّن في مركز المدير العامّ للأحوال الشخصية، وآخر ضابط “مبدئياً” يتسلّم وظيفة فئة أولى وثانية. إذ صدّق مجلس النواب في العام نفسه على مادّة ضمن قانون الموازنة عند إقرار سلسلة الرتب والرواتب تلغي المادّة التي تحفظ وظائف الفئة الأولى والثانية لقدامى العسكريين في كلّ الأجهزة الأمنيّة. مع ذلك، عيّن الرئيس ميشال عون عام 2022 خلافاً للقانون اللواء طوني صليبا مديراً عامّاً لأمن الدولة بصفة مدنية بعد قبول استقالته بمسايرة من ميقاتي وغطاء من الثنائيّ الشيعي، والأرجح أنّ المخالفة قد تتكرّر في مواقع أخرى.
يُذكر أنّه إبّان ولاية الوزير المشنوق قام الأخير بإجراء مداورة طائفية في المراكز. فانتقلت الأحوال الشخصية من السُّنّة إلى الموارنة، والمديرية العامّة للبلديات من الأرثوذكس إلى السُّنّة، وهيئة السير من الموارنة إلى الأرثوذكس.
أمّا في الإدارة المشتركة (فئة ثانية) فيمكن تعيين ضابط قائد على رأسها برتبة مقدّم وما فوق بموجب المرسوم رقم 4082 الخاصّ بتنظيم وزارة الداخلية.
قبل مجيء ميشال المر إلى الداخلية تعاقَب على الإدارة المشتركة موظف سنّيّ ثمّ شيعي إلى أن عيّن المرّ العميد نقولا الهبر (أرثوذكس) على رأسها، ثمّ عيّن الوزير مروان شربل العميد عبده برباري (أرثوذكس)، وتولّاها لاحقاً الياس الخوري (ماروني) بالتكليف في حقبة الوزير نهاد المشنوق.