المركزية- ليس تفصيلا ان يتحدث البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بكل صراحة، امام سفراء الخماسي الدولي، عن اهمية التمسك بالدستور اللبناني وعدم تجاوزه. فقد اشارت مصادر بكركي، فور انتهاء الاجتماع في الصرح الاثنين بين الراعي والخماسي، الى ان “البطريرك أعرب للسفراء عن استغراب سلوك طريق شائك قد لا ينجح فيما الدستور واضح والمسار الديمقراطي يقضي بفتح المجلس”. اضافت: البطريرك تمنّى التوفيق للسفراء الخمسة رافضاً تكريس أعراف سابقة للاستحقاقات الدستورية والمتمثّلة بالحوار التقليدي.
على اي حال، قال الراعي شخصيا امس: صارحت السادة السفراء، أنّ طريق الحلّ مرسوم في الدستور، وأنّ التوافق على شخص، على الرغم من جمال الكلمة، منافٍ للدستور وللديموقراطيّة وللمنطق في جوّ الإنقسام السائد في البلاد. فالتوافق كما نرى يعطي حقّ الفيتو على الأشخاص، ويخلق العداوات مجّانًا في عائلتنا اللبنانية. هناك فرق كبير بين وضع فيتو على هذا أو ذاك من الأشخاص وعدم التصويت له. الحلّ هو في الذهاب إلى المجلس النيابيّ وانتخاب الرئيس وفقًا للمادة ٩٥ من الدستور، من بين الأشخاص المطروحة أسماؤهم أو غيرهم وكلّهم جديرون، وذلك في جلسات متتالية. وبنتيجة الإقتراعات يتوافق النوّاب على اختيار الرئيس الذي تحتاج إليه البلاد في الظروف الراهنة، والذي يحصل على العدد المطلوب من الناخبين يكون هو الذي يتوافقون عليه”.
في السياق ذاته، قال مسؤول الاعلام والبروتوكول في بكركي وليد غياض انّ البطريرك الراعي استغرب امام السفراء التمسك بالدعوة الى الحوار للتوافق على انتخاب رئيس البلاد بينما هناك دستور يحكم العملية الانتخابية والدستور هو أسمى القوانين، فلماذا تجاوزه؟ مشيراً الى انّ الآلية الدستورية إتُّبِعَتْ في انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الحكومة ولم يحصل حوار حولها، فلماذا لا يتمّ الرجوع للدستور في انتخاب رئيس الجمهورية بدل استهلاك الوقت في الحوار”؟ ورأى غياض، انّ دعوة رئيس المجلس النيابي إلى الحوار ستكون بمثابة سابقة لجهة تكريس الحوار والتوافق على انتخاب المنصب الاول الماروني في البلاد، ونخشى ان يتكرّس الشغور الرئاسي بشكل دائم كل مرّة تحت عنوان الحوار والتفاهم المسبق، وكان من الافضل والاسهل “والألطف” البقاء على اقتراح كتلة نواب الاعتدال “بالتداعي” لعقد التشاور بدل توجيه الدعوة من رئاسة المجلس. لذلك رحّبت بكركي بمبادرة التكتل.
بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، فإن اطرافا سياسية عدة، وتحديدا القوى المعارضة، رفعت منذ أشهر ولا تزال، شعار رفض فكرة “الحوار” الذي يجب ان يسبق كل عملية انتخاب، والتي يتمسك بها رئيس مجلس النواب نبيه بري. الا ان الاخير، لم يلن، وحتى بعد ان تجاوبت جهات مع المبادرة التي حملها اليها تكتل الاعتدال الوطني، لم يتردد في نسفها عبر الاعلان انه مصر على ان يترأس الحوار وان يوجه بنفسه الدعوة اليه.
واذا سلّمنا جدلا ان بعض اطراف الخماسي، اعتبر ان “الحوار امر لا يضرّ، واذا كان يحلّ العقدة الانتخابية، فلتتجاوب معه القوى الاخرى”… فإن الموقف الصارم الذي أعلنه امامهم في هذا الشأن، رأسُ الكنيسة المارونية، رافضا تكريس أعراف تسبق الانتخابات الرئاسية ومتمسكا بالدستور وباللعبة الديمقراطية، ورافضا التنازل والتراجع لما يريده بري، وإن لم يسمّه بالاسم، هذا الحزم الكنسي، يمكن القول انه قطع الطريق في شكل شبه نهائي على فكرة الحوار، و”محاها” مِن “بال” الخماسي.. وهو سيزيد المعارضة الرافضة للحوار، تمسكا بهذا الرفض، وبالدستور.. فكيف سيردّ بري؟!
لارا يزبك – “المركزية”