- Advertisement -

- Advertisement -

“سلبيّتان لا تصنعان أمّة”

كتب أنطوان غطاس صعب : ينحو الخطاب السياسي في البلد، للأسف نقولها، نحو الكراهية التي تباعد بين المكوّنات السياسية والإجتماعية والطائفية، لدرجة أن المواقف المتشجنّة بين الأطراف اللبنانية باتت بحاجة إلى “متاريس” و”دشم” تَفْصل بين فريقين لبنانيين، لكلّ منهما ثقافته.
قديماً قال الصحافي الراحل جورج النقاش جملته الشهيرة : “سلبيتان لا تصنعان أمّة”.
ونحن نرى اليوم بأمّ العين، هذا الإنقسام العاموديّ الحادّ، بين ثقافتين وفلسفتين وإيديولوجيتين، متباعدتين ولا تلتقيان أبداً، ولا تبنيان بلداً.
وخلال رعايته المؤتمر الوطني الماروني في جبيل، أطلق البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي موقفاً يعبّر عن رأي شريحة واسعة من اللبنانيين :

“هناك إنتهاك خطير آخر للدستور في المادّة 65 التي تعتبر “إعلان الحرب والسلم من المواضيع التي تحتاج إلى موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة”. وها نحن في صميم حرب مع إسرائيل لا يريدها أحد من اللبنانيّين فيما يقرّرها فريق يورّط فيها لبنان والجنوب واللبنانيّين وهم كلّهم ما زالوا يعانون من الحرب اللبنانيّة المشؤومة ونتائجها. وبعد إبرام إتفاق الطائف (1989) الذي لا يُنفّذ بروحه وبكامل نصوصه، ظهر مليًّا غياب سلطة سياسيّة حاسمة في لبنان، فدبّت الفوضى وبات الحكم على الأرض للنافذين بمنصبهم أو بسلاحهم أو بمالهم أو باستقوائهم. وقد أقرّ رئيس الجمهوريّة السابق العماد ميشال عون في أواخر عهده: “لسنا في جمهوريّة، بل في جمهوريّات”.

وبعد هذا الكلام الواضح، إنسحب عضو لجنة الحوار المسيحي الإسلامي في بلاد جبيل الشيخ محمد حيدر، المُقرّب من الثنائي الشيعي وحزب الله تحديداً،من المؤتمر، ليعتبر لاحقاً في حديث إعلامي أنه تعرّض لهجوم عبر موقف البطريرك الراعي، وهو أيضاً يمثّل فئة كبيرة من الشعب اللبناني، ما اضطرّه إلى ترك القاعة إحتجاجاً.

Ralph Zgheib – Insurance Ad

بدوره كتب رئيس “لقاء سيدة الجبل” الدّكتور فارس سعيد :

لن ينجح حزب الله مهما حاول إقناع لبنان انه حالة “مميّزة” عن الآخرين رافعاً شأنه “فوق” لبنان، معتبراً أنه ‏لا احد أكبر من لبنان، و‏على حزب الله التواضع (قبل فوات الاوان) والعودة إلى لبنان بشروط لبنان اي بشروط الدستور والطائف وال ١٥٥٩ و١٧٠١ و١٦٨٠.

ونتابع يوميّاً بيانات أحزاب المعارضة، كالقوات اللبنانية والكتائب والأحرار والكتلة الوطنية، وكلّها ترفض زجّ لبنان في أتون الصراعات الإقليمية.

في حين تشير مصادر حزبية قيادية في محور المقاومة إلى أن الحزب يخوض اليوم معركة تحرير لبنان بالكامل من العدو الإسرائيلي، ومن غير المسموح في هذه اللحظات التساهل أو التسامح، أو حرف الأنظار عن هذه القضية الجوهريّة.

هو إذاً الشرخ الوطني الواسع، والذي يتطلّب طاولة حوار من نوع آخر، تناقش المواضيع الإستراتيجية الكبرى ومن ضمنها مصير الصيغة اللبنانية، وهل هي صالحة بعد للتطبيق ؟!

عدا أن مفهوم الشهادة أيضاً بحاجة لرؤية مشتركة، لأن لكلّ جهة سياسية في لبنان لها “شهداء” تعتزّ بهم.

على أمل أن تجتمع السلبيتان يوماً ما، وتتحوّلان إيجابية وطنية تطلق العنان لمشروع بناء وطن يليق بأبنائه، ويكون منارةً حقيقيّة في هذا الشرق.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد