المركزية- بشكل وثيق بات الاستحقاق الرئاسي اللبناني مرتبطا بملفات الامن، ليس في لبنان وما يجري على حدوده الجنوبية فحسب ،بل في المنطقة برمتها من غزة الى البحر الاحمر وما يتفرع ويتمدد من عملية “طوفان الاقصى” وما تلاها وسيليها من مفاوضات واتفاقات تبدأ بهدن انسانية ولا تنتهي بوقف اطلاق نار وترسيمات حدودية.
الربط هذا الذي تترسخ القناعة به مع كل يوم يمر من دون احداث اي خرق في الملف الرئاسي، يقف خلفه الثنائي الشيعي وتحديدا حزب الله، لرفع الثمن الذي سيقبضه لقاء وقف النار جنوبا والانسحاب الى ما بعد الليطاني. ويعزز اتجاهه هذا، موقف لبنان الرسمي الذي يعبر عنه وزير خارجيته عبدالله بوحبيب في مواقفه الاخيرة، حتى انه قالها امس بالفم الملآن “لن تكون هناك أي موافقة بإعادة حزب الله إلى ما وراء الليطاني…ولا نقبل الا بحل كامل لكل قضايا الحدود مع اسرائيل”. كلام لبناني رسمي لا يفيد الا الحزب في مجال تمترسه اكثر خلف مواقفه وقراراته التي لا يأبه اساسا حينما يتخذها بموقف السلطة السياسية في الدولة اللبنانية ولا برأيها، ما دام يدخل الحرب دون مساءلة ويقحم اللبنانيين في اتون نيران غزة تهجيرا ودمارا وهدما لمنازلهم.
والانكى بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية” ان الخماسي الدولي الذي جهد في سبيل فك الارتباط الرئاسي بالأمني، يبدو استسلم لمشيئة الثنائي بعد كلام سمعه من رئيس مجلس النواب نبيه بري حينما التقاه السفراء الخمسة، كما ان مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الامن والطاقة آموس هوكشتاين عدل عن زيارة كان يفترض ان تتم للبنان بعدما تبلغ موقفا لبنانيا رسميا يطالب بالعودة الى اتفاق الهدنة، شأن يستغربه القاصي والداني بعدما تخطى الزمن الاتفاق هذا وبات من الماضي، وفق المصادر.
اسرائيل من جهتها، ما زالت تصر على رفض انسحاب وقف اطلاق انار في غزة ووقف العمليات العسكرية على جبهة جنوب لبنان على رغم الجهود المبذولة ومساعي الوسطاء الدبلوماسيين.شأن تقول المصادر نقلا عن مسؤول اوروبي يرسخّ القناعة بأن الازمة الرئاسية طويلة ولا امل في انتخاب رئيس للبنان، ما دام فصلها عن حرب غزة غير متاح، وما دام حزب الله الرافض اي فصل، يتمسك ويتشدد بشرطه هذا لجمع مزيد من اوراق المساومة تمهيدا لاستخدامها في المفاوضات الاساسية في الخارج والداخل على حد سواء وفي ملف الرئاسة في شكل خاص، وهو ما يفسر النتائج السلبية التي خرج بها سفراء الخماسي عقب اجتماعهم مع الرئيس بري، وما يبرر ايضا عدم تحديد موعد حتى الساعة لاجتماع الخماسي الدولي المقرر في الرياض، اذ يتردد ان الدول هذه تنتظر توقيع اتفاق وقف اطلاق النار في غزة لتلتئم على مستوى ممثليها ، وفي ضوء ما تتوصل اليه من قرارات يستأنف سفراؤها في لبنان تحركهم وجولاتهم على القيادات السياسية ، ذلك ان اجتماع الرياض، بحسب المصادر، سيضع خريطة طريق للمرحلة، بعدما عجز السفراء في اقناع الحزب بوجوب فصل الاستحقاق الرئاسي عن ازمات المنطقة وحرب غزة وتداعياتها الكارثية، اذ تبين ان ايران التي تملي اوامرها ترفض خسارة ورقة رئاسة لبنان في خضم مفاوضات غزة وتفضل الاحتفاظ بها علّها تضرب عصفورين امني ورئاسي بحجر، فتملي شروطها للتراجع حدوديا وتأتي بمرشحها الرئاسي لتبقى ممسكة بناصية اللعبة السياسية في لبنان على غرار ما فعلت لايصال الرئيس ميشال عون عام 2016.
وليست زيارات الموفدين الدوليين الى لبنان، واخرهم وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه امس والمصري سامح شكري اليوم، وهو اول وزير خارجية عربي يزور لبنان بعد عملية طوفان الاقصى واحد ابرز اطراف التفاوض الجاري في الدوحة حول سبل بلوغ الهدنة فوقف النار ثم التسوية، ليست مجمل هذه الزيارات منفصلة عن محاولة فك الارتباط الرئاسي بالامني والسعي لتمرير الاستحقاق من خرم ابرة التعقيدات، فيكون للبنان رئيس يجلس الى طاولة المفاوضات الدولية حينما تبرم التسويات الكبرى ، الا ان الامل يبقى ضعيفا ، ان لم يكن معدوماً، ما دامت مصلحة ايران في لبنان تعلو ولا يُعلى عليها.
“المركزية” – خاص