لا يزال الضرر الاستراتيجي الذي لحق باسرائيل في السابع من أكتوبر يلقي بتداعياته على قياداتها ونخبها وعلى رأسهم حكومة الكابينيت المصغرة التي تدرك أن إنتهاء الحرب ليس كما قبلها.
منذ صدور وعد بلفور عام ١٩١٧ ودخول فلسطين تحت إلانتداب البريطاني نشطت المؤسسات الصهيونية بالسيطرة على مساحات كبيرة من أراضي فلسطين فأمنعت العصابات الصهيونية كالهاغانا- البالماخ- الشتيرن بإرتكاب أكثر من ٥٧ مجزرة روّعت بهم الأبرياء قتلا وتشريدا لتصبح تلك العصابات حجر الأساس لبناء ما سمي لاحقا بجيش الدفاع الاسرائيلي الذي حسم غالبية حروبه التوسعية ضد دول الطوق العربي بأيام وساعات معدودة تطبيقا لقاعدة التفوق العسكري الذي يشكل العامود الأساس لإيطالة عمر الكيان بالإضافة لنظرية إلاستعطاف العالمي من خلال اللوبيات الصهيونية النشطة على استحضار سردية الهولوكست ومعاداة السامية بقناعها التضليلي لهدف كسب العطف وإستدرار المزيد من التضامن.
خسر العدو نصف المعركة لحظة مشاهدته ملايين الحناجر تهتف لحرية فلسطين مفترشة شوارع غالبية مدن العالم منددة بوحشية جرائمه بمشهد تعاطف أممي لنصرة قضية فلسطين الحاضرة بقوة لمسرح التفاعل العالمي بعدما طوتها غياهب النسيان.
على مشارف مئة وعشرة أيام من معركة طوفان الأقصى ونخبة جيش الكيان بجودة قواته الخاصة تستنزف وتحرق بلهيب المقاومين الذين سطروا ملاحم بطولية تدرس بأحدث المعاهد والكليات العسكرية المتقدمة مما افقد هذا الجيش ميزة الحسم والتفوق العسكري أي أساس ركائز ديمومة هذا الكيان.
إن مواصلة الحرب لها اثمانها الوجودية بالنسبة لتقدير الطغمة الحاكمة بتل أبيب التي استوعبت جيدا مدى تهشم نظرية الردع عند المستوطنين بعيدا عن خسائر الميدان على إمتداد جغرافيا الجبهات.عند توقف الحرب سنشهد جحافل غفيرة من قطعان المستوطنين منتظرة أمام موانئ فلسطين المحتلة بحثا عن رحلة عودة طمعاً بالأمن الذي وعدوا به منذ نكبة ٤٨ ولم يتحقق.كذلك وبنفس الوقت سيخضع السواد الأعظم من القادة ألامنيين والسياسيين للجان تحقيق تحدد مسؤولية الموت السريري لنظرية الجيش الذي لا يقهر ، هكذا يبدأ العد العكسي لقطار الزوال ولن تعرقله اتفاقيات سلام إبراهيمي مخادعة أو تبطىء مسيرة وعود تطبيعية مذلة .
ستعود فلسطين لأهلها عندما تنجح عبقرية ادمغة المقاومة بتكرار النموذج رقم٢ من المشهدية البطولية لرائعة طوفان الأقصى.
فادي حيدر- كاتب سياسي.