يظهر أن المشهد السياسي في لبنان بات يتحرك بين لجنتين، اللجنة الخماسية التي تبحث في إنجاز الاستحقاقات السياسية بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، ووضع خطط وبرامج إصلاحية وتطبيقها، ولجنة أخرى يتم البحث في تشكيلها بين الدول المعنية باستقرار جنوب لبنان ووقف العمليات العسكرية المتواصلة بين حزب الله وإسرائيل.
وفي هذا السياق، سعى اجتماع سفراء الدول الخمس (الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ومصر) الأسبوع الفائت في دارة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، الى تحديد القواسم المشتركة اللازمة لإنهاء الفراغ الرئاسي وتشكيل حكومة جديدة مكتملة الصلاحيات، على أن يتحرك السفراء باتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري في الأيام المقبلة، لوضعه في صورة ما يجري التداول به والصيغ المقترحة.
وعمل السفراء على رفع تقارير إلى وزاراتهم حول مناقشاتهم وحول ما تكوّن لديهم من معطيات جديدة، على أن يتمّ العمل لوضع تصوّر مشترك يتيح انعقاد اجتماع خماسي يتم فيه وضع رؤية مشتركة للدول الخمس حول كيفية إنجاز الاستحقاقات، ومعالجة كل ما تردد سابقاً عن اختلافات في وجهات النظر.
وتشير مصادر متابعة الى أن هناك توجهاً لعقد الاجتماع في السعودية، لكنّ الرياض تشترط أن يتم الخروج برؤية موحدة، وأن يتم إصدار بيان واضح، حتى لا تتحول الاجتماعات إلى مجرد وسيلة لتقطيع الوقت.
وإلى جانب عمل اللجنة الخماسية رئاسياً، تكشف مصادر دبلوماسية غربية أن المساعي الأميركية مستمرة لوضع تصوّر شامل حول كيفية معالجة الوضع في جنوب لبنان مع تجنّب أي تصعيد، وهو ما يقوم به المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، الذي يفترض أن يزور لبنان في الفترة المقبلة، حاملاً بعض الأجوبة، بعد أن زار العاصمة الفرنسية باريس وبحث في ملفَي الجنوب والتسوية السياسية.
وفي باريس، قدّم الفرنسيون مقترحاً لهوكشتاين لتشكيل لجنة رباعية مؤلفة من أميركا وفرنسا وإسرائيل ولبنان، تعمل على التفاوض في سبيل إنهاء الخلافات القائمة.
واستمدت الدبلوماسية الفرنسية هذه الفكرة من «تفاهم نيسان» 1996، الذي أنهى حرب «عناقيد الغضب» بين إسرائيل وحزب الله. وفي حينها كانت اللجنة تضم سورية الى جانب الدول الأربع التي سبق ذكرها، لكن في الاقتراح الجديد سيتم استبدال دمشق بإحدى الدول العربية.
وطلب هوكشتاين من الفرنسيين العمل على إعداد خطة أو ورقة مكتوبة حول تفاصيل هذا الاقتراح لمناقشتها، وهو ما يعمل الفرنسيون عليه حالياً، ومن بين الأفكار المطروحة أن تتخذ اللجنة الدولية مكتباً لها في مدينة صور وآخر في نهاريا لمراقبة تطبيق أي اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، على أن تشرف اللجنة على استكمال المفاوضات برعاية الأمم المتحدة لترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل.
وفيما هناك إجماع على أن الترسيم قد يكون بحاجة إلى وقت لإنجازه، يبقى الأهم هو وقف العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل، وإطلاق المفاوضات حول الترسيم، والتي ستكمل المفاوضات الجارية أصلا بين هوكشتاين ولبنان حول انسحاب إسرائيل من النقاط المتنازع عليها، في مسعى لتسوية نهائية لملف الحدود البرية.
المصدر – الجريدة