المركزية – تتجه الأنظار إلى زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، والاقتراحات التي يحملها لحلّ مسألة الحدود البرية مع اسرائيل، وإنهاء مشكلة النقاط الثلاث عشرة العالقة على طول الحدود، خاصة النقطة B1 المطلة على رأس الناقورة، موضع خلاف ومعلقة بسبب رفض الجانب الاسرائيلي مناقشتها وضمها إلى باقي نقاط الخلاف. فهل ستتنازل اسرائيل عن هذه النقطة التي تعتبرها استراتيجية؟ ماذا عن مزارع شبعا المتنازع عليها بين لبنان وسوريا؟ وهل سيتمكن هوكشتاين بما يتمتع به من مرونة ودبلوماسية من إنهاء ملف ترسيم الحدود البرية وفك النزاع بين لبنان واسرائيل؟
العميد بسام ياسين، رئيس الوفد العسكري المفاوض في الترسيم البحري، يؤكد لـ”المركزية” ان “الترسيم الذي جرى عام 1949 حدد النقطة B1 باعتراف اسرائيلي، وبالتالي لا يمكن لاسرائيل ان تتغاضى عنه او تتهرب منه، لأن هذه إحدى النقاط الـ13 المتنازع عليها، ولا مجال لحصول اي ترتيبات أمنية من دون الأخذ بالاعتبار المطالب اللبنانية المحقة وفقا لترسيم العام 1949. كما لا يمكن لاسرائيل ان تقرر احتلالها بحكم الأمر الواقع، والخلاف وقع على هذه النقطة عندما جرى تحديد الخط الأزرق بعيدا عن النقطة B1، علما ان الحدود ليست الخط الأزرق، ويُفرّق هناك بينها وبين الحدود، وهي ثابتة بالإحداثيات والمَعلَم الواضح. اسرائيل تعتبرها نقطة استراتيجية، لكن في موضوع الحدود لا شيء استراتيجيا بوجود كل هذه التكنولوجيا المتطورة والمسيرات والأقمار الاصطناعية. بالنتيجة هذا حق لبناني، ومن حق لبنان ان يطالب به وأن يأخذه رغماً عن الاميركيين والاسرائيليين. لا يمكن لاسرائيل حتى ان تساوم لبنان في الحدود البرية. إلا أن الحدود البحرية مختلفة لأنها تقبل الكثير من النظريات وقد يحصل نقاش حولها، بخلاف الحدود البرية التي على اسرائيل ان تعترف بها رغماً عنها”.
ما هي حظوظ لبنان في التوصل حقيقة الى ترسيم بري ينهي النزاع نهائيا؟ يجيب ياسين: “النزاع فيما خص الحدود سهل جداً، ويمكن تعيين مختصين من الجانبين لترسيم النقاط الـ13 بطريقة دقيقة مئة في المئة وفقاً لإحداثيات عام 1949 ويتم تثبيت هذه النقاط وتنتفي الخلافات حول هذه الحدود. لكن تواجهنا مشكلة أخرى، في شمال بلدة الغجر ومزارع شبعا، والتي تحتاج الى اتفاق سوري -لبناني حولها، وعندما نودع الوثائق التي تثبت لبنانيتها في الامم المتحدة، لأنها في الواقع لبنانية وكل صكوك الملكية تعود للبنانيين ومسجلة في الدوائر وهناك ملف كبير موجود بهذا الخصوص، بعدها تنتهي مسألة الحدود البرية كاملة بيننا وبين العدو الاسرائيلي”.
ويضيف: “هناك أيضاً أمر مرتبط بوضع المنطقة ومستقبل أهل فلسطين وغزة، إذ لا يمكن للبنان أن يعزل نفسه عن هذا الصراع. والجيد ان لبنان ربط بدء حل مسألة الحدود البرية بوقف الاعتداءات على غزة وايجاد حلول لمشكلة غزة والضفة الغربية ومعرفة مستقبلها. وتشكل هذه ورقة ضغط على الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل للاستعجال في مسار الحل الذي يرتبط بغزة، وهذا امر مهم. الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قال بأن الوضع في لبنان افضل بكثير مما كان عليه قبل 7 تشرين الاول. بالنتيجة، عندما تتوقف الاعتداءات على الحدود البرية ويتم حل هذه المسألة ووقف الاعتداءات الجوية والبرية والخروقات على أنواعها، لأن لبنان يجب ألا يكون ولن يكون منصة لضرب سوريا من الجو، هذه من الشروط التي يجب وضع قيود كبيرة عليها، واي حل آخر يستدعي وجود قوات أمنية أو منطقة عازلة بالاتفاق، يجب ان تكون هذه الشروط بالتوازي بيننا وبين الجانب الاسرائيلي، كي نضمن عدم حدوث اي خرق في المستقبل. اسرائيل لا يؤمَن جانبها كما ان الولايات المتحدة دائماً تقف الى جانب اسرائيل. على لبنان ان ينتبه جيدا في مسار المفاوضات لتقييد هاتين الدولتين من إمكانية شن هجمات في المستقبل على لبنان. بعدها تصبح المواضيع الأخرى، بما خص المقاومة وسلاحها والاستراتيجية الدفاعية كلها قابلة للحل إذا وجِد حل عادل في فلسطين المحتلة، وإذا حلت كل أمور لبنان مع اسرائيل، يصبح شأنا داخليا ويصل اللبنانيون إلى تفاهم حول هذا الموضوع”.
في حال لم يتم تحديد هوية مزارع شبعا، هل ستوضع تحت حماية القوات الدولية بانتظار الحل؟ يجيب ياسين: “الافضل ان يتم حل قضية مزارع شبعا كي نزيل كل بذور الخلاف. ومن أحد الطروحات أن يتم تسليم المنطقة الى قوات دولية تحت رعاية الامم المتحدة لحين البت بوضعيتها. من الممكن ان يتم طرح هذا الحل، لكنه سيكون حلا جزئيا، وستعود المشاكل لتظهر من جديد مستقبلاً. لذلك، في حال دخل لبنان في مفاوضات يجب ان يكون الحلّ شاملاً والانتهاء من كل المسائل مرة واحدة، وليس بالتقسيط. يحق لأصحاب الارض هناك أن يعودوا الى أراضيهم واستثمارها. مضى على هذا الخلاف خمسون عاما منذ العام 1976. آن الاوان لحله. لا نريد ان نستمر في خلق مشاكل في المستقبل، برأيي هذا الأطار الأمثل لأي حل سيتم طرحه”.
يولا هاشم – “المركزية”