نعى نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي صديقه ورفيق دربه لسنوات طوال في إذاعة ” صوت لبنان” منصور عون، فقال : يرحل الصديق منصور عون في ذروة اوجاع الوطن الذي احبه حباً يفوق التصوّر. لا تغيب صورته عن مخيلتي في مكتب التحرير يصوغ الأخبار باحتراف ورشاقة، ووراء المذياع صوتاً هادراً كشلال جزين في عز الشتاء، أو كموجة دامورية متلاطمة على شاطىء بلدته الساحلية التي غادرها مهجراً، وعاد إليها كما يعود الحبيب إلى المنزل الأول بعد طول طواف. كان منصور عون من الثلة التي تتميز بقوة الحضور، والكفاية،والصوت العالي الناطق بالحق ولو كلفه غالياً. وبعد الطائف ابتعد هذا الذي شغل الاثير عن الإعلام، لكنه لم يبتعد عن الشأن العام، مشاركاً في نشاطات اعلامية وثقافية في الدامور التي قدمت الشهيد الأول للصحافة سعيد فاضل عقل، كما الشهيد الآخر نسيب المتني، كما عشرات الصحافيين والإعلاميين الذين طبقت شهرتهم الآفاق.
المرة الاخير التي التقيته فيها كان بُعيد انتخابي نقيباً للمحررين في ذكرى الصحافيين الداموريين في بلدته. يومها غمرني بحب، وأرسل الدمع مستذكراً الأيام الصعبة والحلوة في آن التي امضيناها في الإذاعة.
ولم يفته أن يذكر- وهو عريف الاحتفال- ما قلته لوزير سابق يوم الحق بي أذى معنوياً ومادياً، وقد سرى هذا القول حينها سريان النار في الهشيم:” يا صاحب المعالي: هناك وزير سابق، نائب سابق، رئيس حزب سابق، مدير عام سابق، لكن لا وجود لصحافي سابق…وراك والزمن الطويل.”
وكعادته لم تخنه شجاعة تذكير المعني بكلمتي وهو كان يتقدم الحضور. فيا صديقي المندفع، الطيب القلب، السخي الدمع، الدافيء المشاعر، ابكيك بكل الدمع الذي اختزن، واعقد من حزني ضفيرة شوق لا ينتهي ولو انك أصبحت طي اللحد. سيظل صوتك صاخباًصخب الحياة التي بك تليق، ولو أن كبوت قبل الأوان. فنم قرير العين يا صديقي.