المركزية – في البداية اقتصر الأمر على مجرد معلومات مفادها أن مسيّرة إسرائيلية استهدفت الثلثاء الماضي سيارة بالقرب من مدينة صور وفي داخلها قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس في لبنان خليل حامد خرازي وشخصين من التابعية التركية هما بلال سيف الله أوزتورك ويعقوب إردال. بعد التأكد من صحة المعلومات، تبين أن المواطنين التركيين تطوّعا للذهاب إلى لبنان لمحاربة الجيش الإسرائيلي وهما على صلة بالدوائر السلفية في تركيا وأن أوزتورك كان يحلم منذ فترة طويلة بالذهاب إلى لبنان لمحاربة إسرائيل ودعم الفلسطينيين بحسب شقيقه.
هذه المشهدية معطوفة على حالة الهرج والمرج التي سادت اليوم الجمعة في طرابلس خلال تشييع القتلى الثلاثة تؤشر إلى استنباط الخلايا الأصولية النائمة في طرابلس وفي مناطق شمالية أخرى. وتكمن الخطورة هنا في إمكانية تحول جبهات المواجهة من الجنوب إلى الشمال وتحديدا طرابلس وعكار حيث الغالبية السنية.
النائب السابق مصطفى علوش يعتبر أن حتى اللحظة لا يمكن أن نبني شيئا على العملية التي حصلت يوم الثلثاء الماضي وأسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص من بينهم مواطنين تركيين. والسؤال الذي يطرح هل لدى الحكومة التركية علم بوجودهما في لبنان وتحديدا في طرابلس؟ هل دخلا لبنان وقررا القتال لنصرة الفلسطينيين في غزة من تلقاء نفسيهما؟ هل ثمة مخطط جديد كان يتم تحضيره ؟ كلها أسئلة مشروعة لكن حتى الآن لا نملك جوابا”.
التبريرات الأولية التي أعطيت لوجود المواطنين التركيين تمحورت حول أهداف إنسانية وقيل إنهما جاءا إلى لبنان لنقل المساعدات إلى الفلسطينيين في المخيمات. لكن الهجوم الذي استهدف السيارة التي كانت تقلهما والمسؤول الأمني في حركة حماس في لبنان وقع في منطقة بعيدة عن المخيمات وقريبة من الحدود الجنوبية اللبنانية. واللافت أنه بعد وقوع الهجوم ومقتل المواطنين التركيين لم يصدر أي بيان ينفي أو يؤكد صحة الخبر من قبل السلطات التركية واكتفى البيان الصادر عن مصادر تركية بالقول”إن الأمر غير مؤكد بعد”.
المؤكد ما جاء على لسان شقيق القتيل أوزتورك وفق معلومات صحافية إذ أعلن أنّ كتائب القسام أبلغت عائلته بوفاة شقيقه، وسيتم دفنه بالقرب من المكان الذي فقد حياته فيه، وفقاً للشّريعة الإسلامية، بعد استكمال الإجراءات البيروقراطية مثل الحصول على عيّنة من الحمض النووي. وفي حين كانت تخطط الأسرة للذهاب إلى لبنان للمشاركة في الجنازة إلا أنها تراجعت بعدما شعرت بالتهديد من قبل الجيش الإسرائيلي.
وفق أوساط سلفية نقلا عن مصادر تركية فإن بلال أوزتورك هو ابن أحد العلماء السلفيين في إسطنبول. أما يعقوب إردال فقد كان مسجونا لفترة زمنية بسبب أنشطته في الحرب السورية وتمّ إطلاقُ سراحه عام 2023.
حتى الآن لا يمكن تأكيد أو نفي أي من المعلومات ما لم يصدر شيء عن السلطات التركية “لكن في ظل هذه العجقة والفورة التي شهدنا عليها اليوم خلال تشييع القتلى يمكننا القول أن هناك إعادة إحياء لمشاعر الغضب إزاء ما يحصل في غزة بحق الشعب الفلسطيني وهناك عدد محدود وضئيل من أبناء الشمال هبوا للقيام بعمل ما”. ويرد علوش عملية استنهاض المشاعر بمحاولات القمع التي مارسها حزب الله على السنة بالتعاون مع المخابرات السورية مما حال دون مشاركة الحركات السنية في القتال ومناصرة الشعب الفلسطيني”.
بالتوازي يستبعد علوش أن تتوسع رقعة الحرب لتصل إلى الشمال”صحيح هناك فورة من قبل مجموعات كانت فاقدة لدورها ، وأيضا هناك خشية من أن تتوسع رقعة الحرب جنوبا وهذا ما يتبين من خلال قراءة تطور العمليات الميدانية ومحاولات إسرائيل استدراج حزب الله للحرب والأميركيين بالتالي لدخولها. لكن الأكيد أنها لن تمتد إلى الشمال لأن الإسرائيلي يفضل الذهاب إلى الهدف الأقرب المتمركز في الجنوب “.
قد تسمح الهدنة المعلنة في غزة في إعادة ترتيب الحركات والمجموعات التي تنتمي إلى حركات أصولية أوراقها بعدما انكشفت إثر الهجوم الثلثاء الماضي. وهنا لا بد من إعادة قراءة الواقع الأمني المستجد على أرض طرابلس المهيأة بالفطرة لامتصاص الجولات والمعارك وحتى التنظيمات الإرهابية. فهل تستنهض حرب غزة الخلايا الإرهابية النائمة في طرابلس؟
” نعم هناك خشية من استنهاض التنظيمات الأصولية لكن إذا صح أنه هناك مخططا أمنيا ما، فهذا يحتاج إلى تمويل جدي ومستدام وحتى الآن لا شيء من ذلك” يختم علوش.
جوانا فرحات – “المركزية”