أشارت صحيفة “الاخبار” الى ان الاميركيين يواصلون استخدام كل قنواتهم الاوروبية والعربية لمنع توسع الجبهة لتشمل الحدود الشمالية لكيان الاحتلال. وبعد العمليات المحدودة على الحدود، كرر الاميركيون نقل رسائل الى الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني، ومن خلالهما الى حزب الله، بأن واشنطن ستكون الى جانب اسرائيل، لكنها ليست طرفاً في الحرب، وانها لن تمنع اسرائيل من تنفيذ اي ضربات قاسية ضد لبنان، بما في ذلك بيروت، في حال لجأ حزب الله الى اجتياح المستوطنات الاسرائيلية في الشمال، مع طلبات مباشرة من الجيش والحكومة بمنع اي تحرك لعناصر فلسطينية على الحدود.
من جهته، قرر حزب الله عدم استقبال اي رسالة او موفد يحمل تهديداً، وهو ابلغ من يعنيهم الامر بأن التهويل لا ينفع لا معه ولا مع المقاومة في فلسطين، وان الوسيط المرحّب به هو فقط من يحمل طلباً في سياق مشروع وقف العدوان الاسرائيلي، وانه لا يمكن سؤال المقاومة – فضلاً عن مطالبتها – بأي خطوة تتعلق بعمل مقاومين فلسطينيين عبر الحدود اللبنانية.
والى جانب العملية التي نُفّذت أمس لإفهام العدو بأن لا تغيير لقواعد الاشتباك، واصلت المقاومة في لبنان الاستنفار والتعبئة في صفوفها، والتنسيق مع بقية قوى المقاومة. وتتواصل الاتصالات التنسيقية بين حزب الله والحرس الثوري الايراني وحماس والجهاد الاسلامي لدرس الخيارات التي تساعد المقاومة في فلسطين على الصمود وافشال خطة العدو.
وقالت مصادر معنية لـ «الاخبار» ان على قوى المقاومة خارج فلسطين القيام بكل «العمليات الذكية» التي تربك جيش الاحتلال وتمنعه من حشد كل طاقاته في وجه القطاع، وإفهام العدو بأن غزة ليست متروكة لقدرها، اضافة الى درس الخطوات في حال تورط الجيش الاميركي في الحرب مباشرة الى جانب العدو.
واشارت المصادر الى ادلة كثيرة ظهرت في الساعات الـ 48 الماضية تشير إلى ان قيادة العدو العسكرية والامنية لا تقل تخبطاً عن قيادته السياسية، رغم حملة التهويل في الاعلام العالمي، مع تفاصيل كثيرة ترد لحظة بلحظة عن حجم الفوضى التي تعاني منها الجبهة الداخلية في اسرائيل.
الحرب الواسعة مستبعدة: من جهة أخرى، قالت مصادر امنية لـ«الجمهورية»: حتى الآن يمكن القول انّ قواعد الاشتباك التي تحكم الجبهة الجنوبية ما زالت مستقرة ولا تخرج عن الفعل ورد الفعل المتوقع. بدليل ان العمليات التي تحصل في هذه الجبهة، والتراشق الذي يواكبها، تحصل في اطار محدّد ومحدود في آن معاً على جانبي الحدود، تسود بعده حال من الهدوء، وهو ما شهدناه في الايام الاخيرة، ما يعني ثبات قواعد الاشتباك من دون أي تغيير فيها. لكن هذا لا يمنع إمكانية تطوّر الأمر أكثر تِبعاً لتطورات الميدان، وتبعاً لحصول ما سمّاه المتحدث باسم قوات اليونيفيل «سوء فهم» قد يتطوّر إلى تسخين الجبهة الجنوبية.
وإذ لفتت المصادر الى انّ «حزب الله» باركَ عملية «حماس» وتفاعل معها بتأكيده على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة العدو، الا انّ الثابت لدينا انه لم يكن في جوّ هذه العملية، ومن هنا استبعدت المصادر «أن يُقبل الحزب على فتح جبهة قتال واسعة مع اسرائيل، والامر نفسه بالنسبة الى اسرائيل، التي اكدت الوقائع المتلاحقة منذ عملية «حماس» انّ اولويتها استهداف غزة، وتتجنّب بالتالي إرباكها بفتح جبهة جديدة في الشمال، وهو ما عكسَه رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بتحذيره مَن سمّاهم «أطرافاً أخرى» من انتهاز الفرصة لفتح جبهة جديدة على الحدود الشمالية»، وهو ما عكسته ايضاً التحذيرات المتتالية التي اطلقتها واشنطن على لسان الرئيس الاميركي جو بايدن ووزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن من فتح جبهات اخرى. وضمن هذا السياق، ابلغت رسائل اميركية واوروبية مباشرة الى الجانب اللبناني تؤكد العمل للحفاظ على هدوء الجبهة الجنوبية».
وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» في هذا السياق، فإنّ الجانب اللبناني رد على هذه الرسائل بتأكيد الالتزام بمندرجات القرار 1701، وانّ مصدر الخطر على المنطقة الجنوبية ليس من لبنان بل هو من جانب اسرائيل، وهو ما أبلغه رئيس مجلس النواب نبيه بري بشكل مباشر الى السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا خلال زيارتها الى عين التينة ظهر امس الاول».
وقال الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش امس: من الضروري تجنّب امتداد الصراع إلى الجوار، وقلقون من تقارير الهجمات من جنوب لبنان.
وقال خبير عسكري لـ«الجمهورية»: ان العمليات العسكرية بالشكل الذي تجري فيه من استهداف لبعض المواقع والنقاط العسكرية ضمن الاراضي اللبنانية المحتلة، وما يليها من تراشق مدفعي وصاروخي ضمن ما تسمّى «المناطق المفتوحة» على جانبي الحدود الجنوبية لا يَصِل الى القوى والبلدات اللبنانية او المستوطنات الاسرائيلية، تؤكد بما لا يقبل ادنى شك ان لا اسرائيل ولا «حزب الله» معنيان بإشعال هذه الجبهة والدخول في حرب على نطاق واسع. وتبعاً لذلك فإنّ اتساع الحرب الراهنة لتشمل جبهة لبنان هو أمر غير وارد الحدوث».
ولفت الخبير عينه الى انّ كل الدلائل تؤكد ان اداء «حزب الله» ومنذ عملية «طوفان الاقصى» لا يخرج عن ضوابط قواعد الاشتباك بينه وبين اسرائيل، وينم عن ادراك كامل بأنّ الصدمة التي تلقّتها اسرائيل اكبر من ان تستوعبها، وأسّست لتغيير المعادلة القائمة في الداخل الفلسطيني، وفرض معادلات جديدة.
وردا على سؤال، قال الخبير: لست واثقاً بأن تكون لـ«حزب الله» صلة او شراكة بعملية «حماس»، بل اكاد أجزم بأنه ربما فوجىء بها. وهنا ينبغي التوقف عند ما اعلنه المرشد الايراني علي خامنئي قبل يومين، حينما سارعَ الى نفي علاقة ايران بالعملية، والاشاعات التي اطلقها أنصار اسرائيل وبعض افراد الحكومة الاسرائيلية بأنّ ايران تقف وراءها. وقال ما حرفيّته: «هم مخطئون، بالطبع نحن ندافع عن فلسطين وعن النضال. لكن من يقول إن عمل الفلسطينيين سببه غير الفلسطينيين… يخطئ في حساباته. فالهجوم هو «من عمل الفلسطينيين».
على أن الخطر الاكبر، كما يقول الخبير العسكري، كامِن في غزة، حيث انّ المستويات السياسية الامنية والعسكرية والسياسية في اسرائيل قررت ان تحوّلها ارضاً محروقة وتدمّرها بالكامل بما يمهّد لاجتياح برّي للقطاع. وما ورد على لسان بعض القادة الاسرائيليين بدعوة فلسطينيي غزة الى الرحيل الى شبه جزيرة سيناء، يكشف بوضوح عن مشروع إسرائيلي مُعد مسبقاً، يبدو انه مدعوم بأكبر حشد دولي تتصدره الولايات المتحدة الاميركية، لفرض واقع فلسطيني جديد وربما تغيير في خريطة المنطقة. وهذا المشروع يشكل بالتأكيد الشرارة لاشتعال واسع النطاق، وضمن هذا الاطار أنظر بقلق بالغ الى اتفاق نتنياهو والمعارضة الاسرائيلية على تشكيل حكومة حرب موسعة».