أكّد مصدر ديبلوماسي فرنسي لـ«الجمهورية»، انّ فرنسا تتحرّك باستقلالية في لبنان، ولا تسمح لأي فريق او دولة بإيقاف تحرّكها او مهمّاتها. ويقول: «في الوقت الذي لم يعد لبنان أولوية بالنسبة الى الخارج فإنّه ما زال أولوية بالنسبة الى فرنسا والرئيس ايمانويل ماكرون شخصياً الذي يتواصل يومياً مع الديبلوماسية الفرنسية في لبنان للاطلاع على التطورات».
ويضيف: «انّ فرنسا تولي أهمية كبرى لشخص سفيرها في لبنان، وهي لهذه الغاية تختاره بدقّة وعناية، ولذا اختارت سفيرها الحالي في تركيا Hervé Magro الذي يتمتع بقدرات مميزة وبسيرة غنية بالمهمّات الدقيقة، لتعيينه سفيراً في لبنان وسيتسلّم مهمّته بداية كقائم بأعمال السفارة الفرنسية منتصف آب المقبل في انتظار انتخاب رئيس للجمهورية وتسليم اوراق اعتماده سفيراً اليه، فيما ستغادر السفيرة الحالية آن غريو التي ستشغل منصب مديرة منطقة شمالي إفريقيا والشرق الاوسط في الخارجية الفرنسية.
يكشف المصدر الديبلوماسي الفرنسي، انّ الاسباب التي قد تعوق عودة الموفد الرئاسي جان ايف لودريان إلى لبنان حالياً هي اسباب تقنية ولوجستية بحتة، نظراً لضغط المواعيد في أجندته وضرورة تنسيقها في المنطقة قبل هذه العودة. ويضيف: «لا يمكن حتى الساعة تقييم المبادرة التي سيقوم بها لودريان او كيف سيكون شكلها»، مشدّداً على انّه في غياب طرح جديد ما زال الطرح الفرنسي قائماً، إلّا انّ هناك امكانية لطرح جديد من خلال دعوة إلى الحوار إنما ليس حواراً تقليدياً على الطريقة اللبنانية، بمعنى انّه لن يكون هناك حوار يجمع الاطراف حول طاولة مستديرة بل سيكون حواراً ثنائياً بين لودريان والأفرقاء المعنيين بتحريك الملف الرئاسي.
ويؤكّد المصدر انّ عودة لودريان الى لبنان «حتمية وطبيعية» لأنّه البلد المعني بمهّمته «إلاّ انّه سيعود بالتأكيد عندما يكون الحل جاهزاً». الّا انّ موعد عودته يتغيّر تواريخه يومياً نظراً لتسارع الأحداث والتطورات بين لحظة واخرى ونظراً لتضارب مواعيد اجتماعاته في المنطقة. اما بالنسبة الى وظيفته الجديدة كمدير للوكالة الوطنية في التنمية في منطقة العلى السعودية فستبدأ في أواخر السنة، بمعنى انّه فيما هو مبعوث رئاسي خاص لديه الوقت الكامل لإنجاز مهمّته اللبنانية الرسمية الرئاسية الخاصة. فوظيفته الجديدة لا تلغي مهمّته الرئاسية علماً انّه لن يستطيع التوقف عن مهمّته الاّ بإشارة من الرئيس الفرنسي الذي كلّفه ايّاها.
مهمتنا مستمرة
واكّد المصدر انّ فرنسا لا تسمح لأحد بالتدخّل في عملها في لبنان ولا تنتظر اشارة من اي دولة لإيقاف مهمّتها فيه، ولن تسمح لأي دولة بالتدخّل في عملها ومنعها من المبادرات واستكمال مهماتها. مشيراً الى أن ليس هناك تصرف من هذا النوع تجاه فرنسا من الدول الصديقة لها او للبنان، بل انّ فرنسا كانت وما زالت تتحرّك باستقلالية في لبنان.
اما بالنسبة الى المشكلات الداخلية في فرنسا والتي يُقال انّها تفرمل او تعوق او تؤخّر مهمّتها في لبنان فيؤكّد المصدر «انّ تلك المشكلات تتمّ معالجتها. ففرنسا دولة عظمى ولا تمنعها مشكلاتها الداخلية من إثبات وجودها وموقعها ودورها في العالم».
وعن تأثير الشراكة السعودية ـ الفرنسية على الملف اللبناني، يقول المصدر انّ الدولتين اشترطتا، إو بالاحرى، اتفقتا على عدم ربط الملف اللبناني بالعلاقات الاستراتيجية بينهما، علماً انّ هذا الملف لم يعد أولوية بالنسبة الى السعودية، فيما لم يزل اولوية لدى فرنسا وتحديداً لدى رئيسها ماكرون. واضاف: «لمن لا يعلم، فالرئيس الفرنسي يسأل يومياً عن التطورات في لبنان، لا سيما منها تلك المتعلقة بالملف الرئاسي، وانّ السفيرة الفرنسية كانت قد عبّرت بصراحة (في مناسبة الاحتفال في لبنان بالعيد الوطني الفرنسي) عن هذا الاهتمام الفرنسي وعن قلق دولتها على مستقبل لبنان واللبنانيين في الوقت الذي اعتبر البعض خطابها قاسياً جداً».
فرنسا تمنّن لبنان!
وأوضح المصدر الفرنسي انّ خطاب السفيرة الفرنسية «ليس تأنيباً اكثر مما هو تعبير بصريح العبارة عن خيبة امل ووضع الإصبع على الجرح. فالسفيرة صريحة بطبيعتها، ولذلك صارحت الجميع بأنّ لبنان وعلى عكس ما يتمّ الترويج له ليس معافى اطلاقاً وليس معافى اقتصادياً خصوصاً، الامر الذي يوعي اللبنانيين على الأزمة لكي لا يعيشوا في حالة إنكار للواقع».
ولفت الى انّ رسالة السفيرة تجاه سوريا «كانت ايضاً قاسية عندما اعلنت جهاراً أنّ سوريا تتحوّل دولة مخدرات، أي «مصدّرة للمخدرات»، والسفيرة تعلم جيداً كيف تكون دولة المخدّرات وكيف تعمل، خصوصاً انّها كانت سفيرة سابقة في المكسيك قبل تولّيها مهماتها في لبنان. وذلك رداً على الحملة الإعلامية التي طاولت التحرّك الفرنسي من نيسان حتى حزيران، وتحديداً على إثر خطاب السفيرة الفرنسية، ارادت ان تذكّر اللبنانيين بما فعلته فرنسا طوال عقود للبنان وليس للتمنين بل للدفاع، خصوصاً عندما ذكّرت بما قدّمته للبنان في قطاعات التعليم، الصحة، المؤسسات الامنية والعسكرية، التربية، مساندة الجيش والقوى الامنية والثقافة والمحافظة على التراث والاعلام ومكننة الارشيف في كافة القطاعات… لكن البعض اعتبره تمنيناً».
في المعلومات، انّ السفيرة الفرنسية ستغادر لبنان منتصف آب ليتولّى مهمّة القائم بأعمال السفارة السفير الحالي في تركيا هيرفيه ماغرو، الذي يصل منتصف آب إلى لبنان، وذلك بعدما تمّ الاتفاق مع وزارة الخارجية والشؤون البروتوكولية على الصيغة المناسبة في ظلّ عدم وجود رئيس الجمهورية. علماً انّ الوضع كان مماثلاً مع السفير الفرنسي ايمانويل بون عام 2016 قبل انتخاب الرئيس ميشال عون.
وحسب المصدر، فإنّ تعيين ماغرو لهذا المنصب يدل إلى انّه شخص يتمتع بقدرات مميزة وبثقة الرئيس والدولة الفرنسية. وهذه سيرته الذاتية:
هيرفي ماغرو، ولد في 30 كانون الاول 1960
مِهَن:
– حزيران 2020: تولّى منصبه في السفارة الفرنسية في تركيا
– 2016 – 2020: مدير المحفوظات
– 2013 – 2016: القنصل العام في القدس
– 2009 – 2013: القنصل العام في اسطنبول
“الجمهورية”