- Advertisement -

- Advertisement -

لبنان بين التوافقات الاقليمية وعودة سوريا والتطرف والتصلب

 بقلم : الدّكتور بيار الخوري

لقد ساعدت قمم الرياض الثلاثة اواخر العام المنصرم في تعميق العلاقات بين الصين والعالم العربي ، وجعلت الصين لاعباً أكثر أهمية في المنطقة. وقد منح هذا الصين مزيدًا من النفوذ في المنطقة العربية رغم التناقضات التاريخية بين هذه الدول.
إن الجمع بين القمم العربية الصينية الثلاث والاتفاق السعودي الإيراني قد أتاح للجامعة العربية اتخاذ موقف موحد وحازم في عدد من القضايا ، ورغم ان جامعة الدول العربية لا زالت منظمة ضعيفة نسبياً ، فقد أصبحت أكثر قدرة على تظهير مواقف موحدة.
المختلف ايضاً في هذه اللحظة من تطور العرب والشرق الاوسط، ان الجامعة العربية قد انهت اكثر من سبع عقود من النزاعات العربية المشلة منذ صعود الناصرية والبعث واليسار حتى صعود ايران والحركات الاسلامية المرتبطة بها وصولاً الى الحركات التكفيرية. تمتلك الجامعة العربية الان فرصة لتوحيد الموقف العربي من اجل تظهير قوة تفاوضية استثنائية وغير مسبوقة للتقدم نحو حل عادل للقضية الفلسطينية وحل تاريخي لمشروع التنمية عبر العالم العربي.
العقد الاخير بشكل خاص انهى الصراع على مفهوم التنمية سقطت الانظمة شبه الاشتراكية وراسمالية الدولة وباتت الطريق معبدة امام اقتصاد السوق الذي تقوده  سيطرة قانون السوق للتنمية القائم على تحرير الاسواق ودفع الاستثمارات عبر البيئات المناسبة. مفهوم يتوافق الى حد واسع مع مشروع الحزام والطريق الصيني.
يستطيع هذا التوافق التنموي العربي-الصيني ان يحول الشرق الاوسط الى اضخم واحة استثمارات في العالم بعد استنفاد هوامش الربح والقيمة المضافة في الحواضر الكبرى والاسواق الناشئة الكلاسيكية.
الصين  لاعب محتمل لتعبئة فراغ الولايات المتحدة في حل القضية الفلسطينية. الصين لديها القدرة على لعب دور رئيسي في هذا المجال. إن انخراط الصين الاقتصادي والسياسي المتنامي في الشرق الأوسط يمنحها منصة فريدة للتأثير على جانبي الصراع. إن دعم الصين لحل الدولتين، هو دعم ثابت وقوي وتعطيه الصين بعداً مرتبطاً بعلاقة البشرية باخلاق الانسان اي بما يتجاوز مصالح الامم ، يمكن أن يساعد ذلك في كسر الجمود القائم منذ سنوات عديدة. إذا كانت الصين قادرة على ترميم القوة التفاوضية للعرب كما لم تكن يوماً منذ النكبة، كما ان جمع القوة التفاوضية للعالم العربي وايران وتركيا يمكنها أن تلعب دورًا رئيسياً في إحلال السلام في الشرق الأوسط.
يبقى لبنان معلّقاً في الوسط بين مشروع الشرق الاوسط بنسخته الجديدة المدفوعة بقوة الدينامية الصينية وبين مشروع البقاء في الماضي الذي تغذيه حكومة تل ابيب المتطرفة والتي تعطي اسباباً اضافية لتصلب قوى الممانعة في لبنان والمنطقة.
ضمن هذه المعادلة يعطي الانفتاح العربي على سوريا وعودتها الى الجامعة العربية متغير جديد في حل الازمة اللبنانية، وليس تفصيلاً ان يكون الرئيس السابق ميشال عون هو اول زعيم لبناني يستقبله الرئيس الاسد بعد عودة سوريا الى الحضن العربي. ان عودة التوازن الى الوضع السوري هو مصلحة للبنان لان خراب سوريا قد ادى أيضاً الى خراب لبنان اقتصادياً وسياسياً وعسى ان تلعب سوريا دوراً في ارساء توازنات واقعية في لبنان بعد ان جربت الطوائف الكبرى محرقة الهيمنة واحدة تلو الاخرى.
 
 
 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد