- Advertisement -

- Advertisement -

التحولات الجذرية في المنطقة

بقلم : العميد الركن المتقاعد زخيا الخوري

ليس في السياسة صدفة، فلكلّ قرار مبرّر، وهدفه تغيير أمر ما. لنستعرض مصالح الدول الكبرى في الشرق الأوسط، من اسرائيل حتى ايران، مروراً بالسعودية ودول الخليج، ونستخلص من هذا المشهد النتائج والأهداف والنوايا.

لا شكّ في أن اسرائيل دولة نووية، وأن حسابات الدول السياسية لا تستطيع أن تهمل هذا الواقع، وأنه لا يمكن فهم سياسات بلدان الشرق الأوسط، دون حساب نوايا الحركة الصهيونية المؤثرة في السياسات الدولية، وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية، وحلف الشمال الأطلسي.

Ralph Zgheib – Insurance Ad

حصلت في المشرق العربي في بداية هذا العام، تحولات استراتيجية جذرية، كرّست مسارين استراتيجيين مرتبطين، مكّنا من تغيير التوازنات في المنطقة :
الأول، هو انتقال السلطة في اسرائيل الى اليمين المتطرّف.
والثاني، هو تطبيع العلاقات السعودية – الايرانية.

ففي المسار الأول، وبعد خمس جولات انتخابية في أربع سنوات، تمكّن صوت الناخب العربي الفلسطيني من إبعاد شبح التطرّف الديني أن يقود السياسة الاسرائيلية في الأربع جولات الأولى، أما في الجولة الخامسة، فقرّر أن يتيح للمتطرّفين الدينيين استلام السلطة، مما أدى الى ادخال اسرائيل في نفق مسدود، وهذا ما وصلت اليه اليوم.

أما في المسار الثاني، وبعد الذي حصل على الساحة الدولية ( حرب اوكرانيا وروسيا ) ، وانقسام وانحياز دول المنطقة حولهما، واستمرار الحرب السعودية – اليمنية بدعم ايراني للحوثيين ضد مجموعة التحالف السعودي، الى وصول كليهما الى حال من الملل السياسي والعسكري، ونقل مستوى التوتر في المنطقة من حَرِج الى متأزّم، ومردّ هذا التأزيم الخلاف بين واشنطن وتل أبيب ومن ورائها الحركة الصهيونية المعارضة للنشاط النووي الايراني والتي تقدّم نفسها ( اسرائيل ) على أنها الحامي الوحيد لدول المنطقة العربية من الخطر النووي الايراني، وأنها مدخل القيادات العربية الأنسب لمخاطبة قادة الولايات المتحدة الأميركية، وأنها أفضل شريك تجاري وصناعي ومالي.

فالفزّاعة الايرانية تشكّل حاجة استراتيجية لاسرائيل، وبذلك تستمرّ اسرائيل بدعم الحروب المحلية في الشرق ( في العراق، سوريا، لبنان، والسودان ) ، ممّا يمنع واشنطن من الانسحاب من المنطقة والتركيز على الصين وروسيا.

لذا، قرّرت أميركا بلا تنسيق مسبق مع اسرائيل، تسهيل التفاوض بين السعودية وايران، ودخول الصين على خط التفاوض، وهكذا تكون اسرائيل قد منعت واشنطن من جباية المكاسب في الشرق الأوسط من هذا الاتفاق، ويكون الأخير فتح أبواب الاتفافات الجانبية ان على الصعيد السعودي – السوري ، أو على الصعيد السوري – التركي، وتكون أبواب الجامعة العربية مفتوحة أمام سوريا لتتصدّر المشهد العربي.

فمن نتائج هذه التحولات، الانقسام الاجتماعي والسياسي الصهيوني الداخلي، وفقدان الصهيونية فزّاعتها ايران، ومصداقيتها للتخاطب مع قادة الولايات المتحدة الأميركية، وظهور خلافات داخل اليمين المتطرّف، وبخاصة داخل الحكومة الاسرائيلية، واغلاق افق الربيع العربي المستورد، واعادة صياغة شرق أوسط جديد، مبني على أساس صفر مشاكل. ثم اعادة الاعتبار للتطبيع العربي مع سوريا، والترحيب بها في جامعة الدول العربية، والدور المنتظر منها في لبنان، والتخطيط للتغيير في لبنان ، وبرمجة الوضع بعد الانتهاء من مؤسسات الفساد فيه ، من هنا يلاحظ في هذا التوقيت استشعار الوضع لدى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وتسليم رئاسة الحزب لنجله .

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد