- Advertisement -

- Advertisement -

انقسام حاد داخل مجلس القضاء حول تعيين محقق رديف في ملف مرفأ بيروت

طارت جلسة مجلس القضاء الأعلى التي دعا إليها أربعة أعضاء بخلاف إرادة رئيس المجلس القاضي سهيل عبود، وكان على جدول أعمالها بند وحيد هو تعيين القاضية سمر ندا نصار محققا عدليا رديفا في ملف انفجار مرفأ بيروت، وتكليفها بمهمة البت في طلبات إخلاء سبيل الموقوفين والبت بالدفوع الشكلية.

ولم تنعقد الجلسة بسبب عدم اكتمال نصابها القانوني، أي ستة أعضاء من أصل عشرة، واقتصر الحضور على الأعضاء الأربعة: حبيب مزهر، داني شبيلي، الياس ريشا وميراي حداد، وامتنع عن الحضور رئيس المجلس القاضي سهيل عبود والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات والقاضي عفيف الحكيم.

وأوضح القاضي عويدات لـ «الأنباء» أنه «تغيب عن الجلسة بسبب اقتصارها على بند وحيد هو ملف المرفأ الذي تنحيت عنه».

Ralph Zgheib – Insurance Ad

وأظهرت مجريات الجلسة الفاشلة أن الانقسام السياسي انسحب على مؤسسة القضاء، التي باتت صورة فاقعة عن مؤسسات الدولة التي تتنازعها الأهواء السياسية، خصوصا أن أوساطا قضائية رأت أن «الغاية من تعيين المحقق الرديف، هو الإفراج عن الموقوفين خصوصا المقربين من التيار الوطني الحر والرئيس السابق ميشال عون، والبت بدفوع شكلية تفضي إلى إخراج السياسيين المدعى عليهم من الملف، واعتبار أن ملاحقتهم ليست من اختصاص القضاء العدلي، بل من صلاحية البرلمان اللبناني وتحديدا المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء».

وبعد انتهاء اجتماع الأعضاء الأربعة، اعتبر القاضي حبيب مزهر أن الغاية من الاجتماع «إيجاد الحلول لملف المرفأ، بما يصون حقوق الضحايا والموقوفين والمتضررين أيضا».

وقال لـ«الأنباء الكويتية»: «كان من المفترض أن يحضر باقي الأعضاء احتراما لمؤسسة مجلس القضاء، ودخلت إلى مكتب الرئيس سهيل عبود وطلبت منه أن يحضر ويرأس الجلسة لكنه رفض، كما اتصلت بالقاضي غسان عويدات الذي اعتذر عن عدم الحضور لأن جدول الأعمال يقتصر على ملف المرفأ وقد سبق وتنحى عنه كما اتصلت بالقاضي عفيف الحكيم الذي كان خطه مقفلا».

واعتبر القاضي مزهر أن «الاجتماع قانوني وأعددنا محضرا بالاجتماع وما دار من نقاش، وتمنينا على هيئة التفتيش القضائي أن تنظر في الدعاوى المقامة ضد (المحقق العدلي بملف المرفأ) القاضي طارق البيطار، الذي بتّ بأحد الدفوع الشكلية من دون أخذ رأي النيابة العامة التمييزية».

من جهة أخرى، تقول مصادر مواكبة للملف لـ”الشرق الاوسط” إن الجلسة كانت تسعى لتعيين القاضية سمرقند نصار في موقع «محقق عدلي رديف» للبتّ في ملف إخلاء سبيل الموقوفين على ذمة التحقيق في ملف انفجار المرفأ، فضلاً عن البت بالدفوع الشكلية المقدمة من مطلوبين للتحقيق، وبينهم الوزراء السابقون الأربعة ورئيس الحكومة السابق حسان دياب. وأشارت المصادر الى إن البت بالدفوع الشكلية «يعني اتخاذ القرار بأن محاكمة الرؤساء والوزراء المطلوبين ليست من صلاحية المحقق العدلي بل من صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء في لبنان»، وهو مجلس مؤلف من قضاة ونواب، «ما يعني أن كل ما قرره البيطار في وقت سابق، يجري نقضه».

ودخل الملف منطقة التجاذبات السياسية والقانونية منذ تسلم البيطار له، وادعائه على الوزراء الأربعة السابقين إلى جانب دياب، وهو ما يرفضه كل من «حزب الله» وحركة «أمل» و«تيار المستقبل» الذين يعدون التحقيق مسيَّساً، وليس من اختصاص المحقق العدلي محاسبة الوزراء، أسوةً بمحاكمة القضاة والعسكريين الذين تتم محاكمتهم ضمن هيئات قضائية خاصة مثل المحكمة العسكرية أو التفتيش القضائي. ويلتقي طرفا «الثنائي الشيعي» مع «التيار الوطني الحر» على تعيين محقق عدلي رديف، حيث يدفع التيار للإفراج عن موقوفين محسوبين عليه.

وفيما تقول مصادر قضائية إن القضاة الأربعة قفزوا فوق رئيس مجلس القضاء الأعلى «ودعوا لجلسة خلافاً لإرادته»، ينقسم القضاة الأربعة الذين دعوا لجلسة أمس إلى مقربين من «الثنائي» (القاضي مزهر) أو مقربين من «التيار الوطني الحر» (القضاة شبلي وريشا وحداد)، بينما قاطع الجلسة رئيس المجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، والقاضي عفيف الحكيم (المقرب من الحزب التقدمي الاشتراكي) ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات الذي لم يشارك، كون البند الوحيد للجلسة هو ملف المرفأ، بينما كان عويدات قد تنحى عن الملف في وقت سابق، حسبما تقول مصادر قضائية.

الى ذلك، وصف النائب الياس حنكش، الذي واكب تحركات أهالي الضحايا في اليومين الماضيين، في حديث مع جريدة الأنباء الالكترونية الكلام في هذا الموضوع بالمخزي لجهة متابعة التحقيقات منذ كف يد القاضي طارق البيطار والأساليب الملتوية التي تمارس منذ ذلك الوقت.

وتابع: “أهالي الضحايا يتظاهرون  ليطالبوا بالعدالة ومحاكمة من قتل أبناءهم ودمّر نصف العاصمة بيروت في انفجار هو الثاني على مستوى العالم بعد القاء القنبلة الذرية على هيروشيما في الحرب العالمية الثانية”، معتبراً أن الحل بكف اليد عما وصفه بالخزعبلات والمناورات الجارية لثني القاضي بيطار عن متابعة التحقيق لأنه القاضي الوحيد الذي يعمل بتجرد ونزاهة وتمكن من تحييد نفسه عن الضغوطات وليس هناك من حل لهذه المشكلة الا بأن يستكمل القاضي بيطار تحقيقاته في هذا الملف وعدم السماح بطمس الحقيقة، متحدثا عن مسؤولية للقضاة ومجلس القضاء الأعلى أمام الشعب اللبناني، مشدداً على اطلاق يد بيطار ومتابعة التحقيق والكف عن المناورات وبدعة رد الدعاوى، مستغرباً غياب القاضي السادس عن اجتماع مجلس القضاء الاعلى ومنعه من اتخاذ قرار في هذا الشأن  لأننا أمام أسمى وأقدس قضية.

وطالب حنكش في حال بقيت الأمور على هذا النحو وعدم رفع اليد عن القضاء بتحقيق دولي يساعد على جلاء الحقيقة، مقلّلاً من أهمية التوصل الى كشف الجناة الذين تسببوا بهذه الكارثة الزلزال. 

ففي ظل استمرار تعطيل التحقيقات، القضاء اللبناني أمام تحدٍّ كبير لاثبات استقلاليته ونزاهته، فليس عابراً أن تكون سلطة القضاء معطلة أمام جريمة العصر وشريكة في طمس الحقيقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد