لا يزال ملف عودة النازحين السوريين الذي دفع مجددًا به لبنان الرسمي الى الواجهة يحظى باهتمام جهات دولية لا تزال تستفسر عن كيفية امتصاص النقمة اللبنانية المتجددة والتي عبر عنها رئيس الحكومة المكلف مؤخرا.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر مطلعة على الملف لصحيفة “الديار”، بأن قرار المجتمع الدولي “حاسم ونهائي لجهة عدم التجاوب على الاطلاق مع الطلبات اللبنانية وعلى رأسها الابقاء على المساعدات المالية التي تقدم للنازحين في حال عودتهم الى سوريا”، لافتة إلى أنّ “هناك شبه اجماع خارجي على ربط ملف العودة بالحل السياسي للأزمة السورية، والذي يبدو بعيد المنال أقله في المرحلة الراهنة”.
من جهة ثانية، أكدت مصادر رسمية انه “رغم كم الصعوبات والتحديات التي تحيط بالملف وادراك المعنيين بأن الخطة التي تم الحديث عنها مؤخرًا قد تكون غير قابلة للتطبيق، إلا أن الجهات الرسمية اللبنانية تجد نفسها مضطرة لإبقاء الملف مفتوحًا، وطرح الأفكار الجديدة كل فترة لعدم الرضوخ لرغبات ونوايا المجتمع الدولي الذي يسعى لإبقاء النازحين السوريين في لبنان و دمجهم في المجتمع اللبناني وهو ما بدا جليا من خلال المحادثات التي جرت في بروكسل”.
وليست هي المرة الاولى التي يثار فيها ملف عودة النازحين السوريين من لبنان الى سوريا. فكان سبق للامن العام اللبناني برئاسة اللواء عباس ابراهيم ان قام بجهد كبير بدأ في العام 2013، واستمر بوتيرة منتظمة حتى العام 2017، ومن ثم بوتيرة متقطعة حتى شباط من العام 2020 مع وصول فيروس «كورونا» الى لبنان، وكذلك انتشاره في سوريا بعد اشهر.
وقد نجح اللواء ابراهيم في ملف النازحين والعودة الطوعية في اعادة اكثر من 400 الف نازح الى مناطقهم بتنسيق وجهد كبير مع الامن العام السوري. واتت جهود ابراهيم البناءة لتكسر الحصار الاميركي والاوروبي على سوريا ولبنان في ملف النازحين.
وفي هذا السياق، اعتبرت أوساط رفيعة المستوى لصحيفة “الديار”، أنّ “المشكلة الاساسية في عدم تقدم العلاقة بين البلدين انها تأتي على “القطعة” من الجانب اللبناني، وعلى «النقزة» وبسبب الضغوط الاميركية والاوروبية والاممية والخليجية على الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ العام 2011 وحتى اليوم، في حين تمتلك الدولة السورية كل المقومات الناجحة لعلاقة متوازنة بين الطرفين ويستفيد لبنان حكماً من هذه العلاقة”.
وأشارت الاوساط إلى أن “الخطة التي اعلن عنها وزير شؤون المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين وتقضي بإعادة 15 الف نازح سوري شهرياً الى سوريا، خطوة جيدة، وستكون من ضمن الأليات التي سبق ان وضعها الامن العام في العام 2013 وستكون عودة طوعية، وستكون وفق احصاءات وسجلات الامن العام، الذي اعلن عن فتحه باب تسوية اوضاع السوريين الذين تخلفوا عن تسوية اوضاعهم رغم دخولهم بطريقة شرعية او ما يعرف بالعامية كسر الاوراق”.
وكشفت أن “الدولة السورية جاهزة لوجستيًا لعودة مليون نازح دفعة واحدة، وهي جهّزت مراكز ايواء للذين خسروا منازلهم، اما الذين صارت قراهم آمنة وسيطر عليها الجيش، فقد اعيد اعادة الاعمار بجهود الدولة السورية، وتم تأمين البنى التحتية اللازمة، وهذه القرى تنتظر ابناءها”.
وأشار الاوساط ذاتها لـ”الديار”، الى ان “الدولة السورية تسهل عودة النازحين، لا سيما بعد صدور مراسيم العفو عن الرئيس السوري بشار الاسد، التي اوقفت التعقبات والملاحقات الامنية حتى عن الذين حملوا السلاح او تخلفوا عن الخدمة العسكرية الالزامية، واعطتهم فرص لتسوية اوضاعهم وهم من المشمولين بالعودة الطوعية”، موضحة أنّ “اطلاق خطة اعادة النازحين الجديدة، تحتاج الى آليات واضحة وفعالة، وهذه الآليات ستوضع أطرها حكماً بعد لقاء شرف الدين ونظيره السوري، ليصار الى تنفيذها من جانب الامن العام السوري واللبناني، وبعد الكشف المشترك على لوائح العائدين وملفاتهم واماكن عودتهم”.