“الجمهورية”
قليلون هم من تلفحهم نفحة تفاؤل، ويأخذون تشكيل حكومة في الفترة المتبقية من عهد الرئيس ميشال عون على محمل الجدّ. وكثيرون يعزفون على وتر التشاؤم ويشكّكون بإمكان الوصول إلى خواتيم ايجابية.
كلا المنطقين يستندان إلى عامل الوقت، فالمتفائلون يرون انّ الوقت لا يسمح لا بمناورات ولا مساومات، وحاجة البلد إلى حكومة هي الضاغطة على الجميع، فيما يعتبر المتشائمون انّ الوقت داهم الجميع وسبقهم، وتشكيل حكومة تقطيع وقت لإدارة الأزمة من الآن وحتى تمرير الاستحقاق الرئاسي، وكذلك عدمه، لن يغيّرا في واقع الحال القائم شيئاً، طالما انّ هناك حكومة تصريف اعمال تملأ الفراغ الحكومي، وتدير شؤون البلد ولو بالحدود الضيّقة للصلاحيات المتبقية لها.
على انّ ما هو سائد في أجواء التأليف، هو انّ حجة المتفائلين تبدو ضعيفة، لاستنادها فقط على رغبات أبداها الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي والمستعجلون على تأليف حكومة، وتمنيات بألّا تعترض هذا التأليف معوقات او عقبات مفتعلة او غير مفتعلة.
واما في المقابل، فتبدو حجة المتشائمين أقوى، حيث انّها مبنية على عاملين:
الاول، وهو انّ الأشهر الاربعة المتبقية من الولاية الرئاسية، تشكّل فترة انتقالية إلى زمن رئاسي جديد، وبالتالي لا صوت يعلو فيها على صوت التحضيرات لهذا الاستحقاق واختيار الشخصية التي يمكن ان تحظى بتوافق عليها لتبوّء سدّة الرئاسة الاولى. واما الحديث الجدّي عن الحكومة فقد رُحّل تلقائياً إلى ما بعد انتخاب الرئيس، الذي يفترض ان تفتح معه صفحة جديدة تتحدّد فيها اتجاهات الرياح السياسية، أكان في اتجاه البقاء في سياسة المراوحة في مدار الأزمة، او في الاتجاه الذي يدفع بالبلد إلى كسر جدران الأزمة ونفاذه منها.
الثاني، وهو انّ تشكيلة يطرحها الرئيس المكلّف محكومة بأن تعبر معبراً إلزامياً متمثلاً برئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفريقه السياسي. وعبورها بسلاسة يفترض ان تكون مراعية لاعتبارات ومعايير الرئيس وفريقه. ودون ذلك، مكتوب عليها الفشل الحتمي مسبقاً.