المركزية – تسكتمل اسرائيل عدوانها الواسع على لبنان ومراكز حزب الله الذي بدأته الثلاثاء الماضي. وفي خضم المواجهة الجوية والصاروخية، أعلنت اسرائيل عن استهداف 1200 هدف لحزب الله ، في حين ان قصف حزب الله تخطى يافا الى عكا وصفد وتل ابيب الكبرى.
فقد خلّفت مئات الغارات الإسرائيلية على مناطق عديدة في لبنان 558 شهيدا إضافة إلى 1835 جريحاً، بينهم 24 طفلاً و42 سيدة، إضافة الى عشرات المفقودين، في اضخم عملية مواجهة منذ اندلاع جبهة المساندة اللبنانية لغزة والشعب الفلسطيني، ما ادى الى نزوح سكان الجنوب في محافظتي الجنوب والنبطية. فإلى أين ستجرّ هذه الحرب لبنان؟
العميد الركن المتقاعد ناجي ملاعب يؤكد لـ”المركزية” ان “الاستراتيجية الجديدة التي طُرِحت من قبل رئيس الاركان الاسرائيلي ووافقت عليها اسرائيل على المستوى السياسي والعسكري، هي العمليات التصاعدية. وقد أُقِرّت هذه الاستراتيجية بعد أن قدّم الاسرائيليون أقصى ما لديهم. فعملية “البيجر” عمل لم يتكرّر سابقاً ولن يتكرر. هذا عمل نجاح قوي جداً، وفي العلوم العسكرية، عندما نصل الى تحقيق نجاح ما، يجب استغلاله بشكل فوري. وبالتالي حاولت اسرائيل استغلال النجاح بالطلعات الجوية المكثفة واستخدام قذائف تُستعمَل للمرة الاولى، لكنه بقي متقيداً ولم يقصف المدنيين. وفي الميدان المفتوح صعّد في المدى أكثر وتجاوز الليطاني واقليم التفاح وجزين. هذا الوضع صعب”.
ويضيف: “في ظلّ كل هذه الهجمات العدوانية، رأينا ان حزب الله لم يتأثر بهذه القذائف الكبيرة، كما ان أماكن تخزين الصواريخ لديه لم تُفجَّر، ووسّع في المقابل المدى واستعمل صواريخ فادي 1 و2 التي تُستخدم للمرة الاولى، وصولاً إلى جنوبي حيفا حيث استهدف قواعد عسكرية، بالاضافة الى استهداف شركة الرفايل لصناعة الاسلحة شمالي حيفا، واطلق الحزب أكثر من 150 صاروخاً. العدو الاسرائيلي يتغنّى بأن عددا من هذه الصواريخ لم يصب هدفه، لكن تجدر الإشارة إلى أن اسرائيل دائما مستعدة والقبة الحديدية تحمي الاجواء العامة في اسرائيل، كما ان الاماكن الخطرة لديها دفاعاتها الجوية الخاصة وبالتالي من الصعب اختراقها. يمكن ألا تكون هذه القذائف وصلت الى أهدافها، لكن يكفي ان تصل الى تخوم الهدف وتطال الصواريخ حيفا، كي تُربك العدو الاسرائيلي. وبذلك يكون “حزب الله” قد حقق نوعاً من التوازن، لكنه ذيّل بيانه بأن “هذا الردّ أولي”، وهذا الكلام يُفسّر أنه إذا لم يردّ العدو لن نصعد اكثر، كما حصل في موضوع الردّ على استشهاد فؤاد شكر. يبدو ان هذا الاسلوب لم ينفع مع اسرائيل، بما أنه قرر كما بالأمس بأن تكون العمليات تصاعدية. وهذا ما بدأنا نشهده امس واليوم من قصف على المدن، وما رافقها من تبرير بكلام موجّه الى الأهالي بأن كل من يعرف بأن قرب منزله أسلحة ومستودعات صواريخ لحزب الله ألا يغادر لأننا سنقصف. لكن لا أحد يعلم ما إذا كان هناك مستودعات صواريخ ام لا، والخروج من المنزل يعني أننا أمام موجة النزوح الثانية. أول نزوح حصل من القرى الحدودية والمتاخمة. وهذا نزوح ثان من المدن وهو أمر صعب جدا”.
ويضيف “ننتظر كلنا ما سيكون ردّ حزب الله . هل يستطيع كما يُشيّع دائماً أن يُقيم التوازن الردعي مع العدو الاسرائيلي؟ يبدو ان “الحزب” بدأ بالرد لأن صفارات الإنذارات في حيفا وصفد انطلقت. لكن ما هو منتظر ويسأل عنه الجميع، أين الردّ الكبير وأين ما يهدد به “حزب الله” من امتلاك صورايخ متوسطة وبعيدة المدى وبنك أهداف. أين كل هذا؟ إذا أردنا تحليل ذلك، نعود الى ما سمعناه من خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وما يخطط له بأن “الحساب سيأتي” والرد ما سترونه لا في ما ستسمعون وان القرار سيُتخذ ضمن الحلقة الضيقة، وأضيق حلقة يعني انه لم يعد يريد ان يُشرك معه في القرارات مستوى أدنى، لأنه يشك أولاً بأن هناك اختراقا على هذه المستويات وثانياً ان الرد لا يمكن ان يكون إلا بعد دراسة تداعياته. وفي حال آلمت هذه الصواريخ اسرائيل في مكان ما، فمن الممكن ان توسّع الردّ باتجاه مصدر هذا المحور وقيادته والتي هي ايران. هذا يعني أن “الحزب” لن يُقدم على الرد قبل نيل الموافقة من طهران. هنا أيضاً ندخل الى وضع جديد، وهل توافق ايران على ردّ في هذه الحالة، خاصة وان الولايات المتحدة الاميركية موجودة بكل عتيدها وعتادها واستحضرت حاملة الطائرات للإبقاء على ضوابط معينة من دون رد؟ الامور ليست سهلة، وأختم مع ما قاله رئيس الوزراء البريطاني ديفيد لامي في زيارته للولايات المتحدة الاسبوع الماضي، وقوله للرئيس الاميركي جو بايدن بأن اوكرانيا والشرق الاوسط أمام شهرين صعبين جدا. لذلك نحن امام استنزاف، وكلمة شهرين هل هي مرتبطة بالانتخابات الاميركية ونتائجها؟ هذا متروك للأيام القادمة. لكن إذا عدنا الى السابق نجد ان بريطانيا، وتحديداً طوني بلير، هي من أدخلت الاميركيين الى العراق”.